تحت شعار “استعادة النُّظم الإيكولوجية”، خلد العالم هذه السنة فعاليات “اليوم العالمي للأراضي الرطبة”، الذي أعلنته الأمم المتحدة يوم ثاني فبراير من كل عام، في التاريخ نفسه الذي جرى فيه اعتماد اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، وخاصة بوصفها موئلاً للطيور المائية (المعروفة اختصارا باتفاقية “رامسار”).
وفي سياق يشهد تصاعد مخاطر تهدد استدامة المناطق الرطبة عبر العالم، لاسيما في الدول الهشة مناخياً وبيئيا، مع وقائع اندثار تتباين عواملها بين طبيعية وبشرية، جاء اعتماد اليوم العالمي للأراضي الرطبة من طرف المنظمة الأممية بناء على قرار اتخذته الجمعية العامة بتاريخ 30 غشت 2021، خلال دورتها الخامسة والسبعين.
ودعا قرار الجمعية العامة، الذي اطلعت عليه هسبريس، “جميع الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية والإقليمية ودون الإقليمية، وكذلك سائر الجهات المعنية صاحبة المصلحة، بما فيها المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية والأفراد، إلى الاحتفال باليوم العالمي للأراضي الرطبة والتوعية به على النحو الملائم، وفقاً للأولويات الوطنية”.
جهود مغربية مُقدَّرة
تُوجت جهود المغرب بانتخابه، منتصف نونبر الماضي، عضواً في “اللجنة الدائمة لاتفاقية رامسار كممثل لمنطقة شمال إفريقيا” للفترة الممتدة بين 2022-2025؛ وهو حدث قرأ فيه محمد بنعبو، المهندس البيئي الخبير في قضايا التنمية المستدامة والمناخ، “مؤشرا إيجابياً لصالح المملكة في سياساتها البيئية الرامية إلى الحفاظ على التنوع البيئي”.
هذا الانتخاب، الذي جرى في إطار الدورة الـ14 لمؤتمر الأطراف المتعاقدة ضمن اتفاقية “رامسار”، المنعقدة في كل من جنيف–ووهان، في نونبر 2022، سمح للمغرب المتوفر على 350 موقعاً طبيعيا رطباً، يضيف بنعبو، في تصريح لهسبريس، بأن يكون “جزءاً من الممثلين الإقليميين لإفريقيا داخل هذه الهيئة الفرعية، رافعاً صوت المنطقة مسموعا في مواجهة التحديات الراهنة قصد الحفاظ على المناطق الرطبة الإفريقية”.
واستحضر الخبير البيئي المغربي “تنظيم الوكالة الوطنية للمياه والغابات فعاليات موازية حول المناطق الرطبة بالمغرب، بمشاركة واسعة من الدول الإفريقية والمتوسطية”، لافتاً إلى أن مدينة إفران حازت علامة “مدينة المناطق الرطبة” المعتمدة من قبل الاتفاقية ذاتها مع 25 مدينة أخرى من 12 دولة.
بذلك، أضحت إفران “ثاني مدينة عربية وشمال إفريقية على قائمة رامسار للمدن المعتمدة”، سجّل بنعبو، منوها بما نالته المملكة من “اعتراف صريح بالتزامها من أجل حماية المناطق الرطبة الحضرية خدمة للساكنة والطبيعة”.
38 موقعاً مغربيا مصنفاً
“إلى حدود بداية 2023، تمكن المغرب من تسجيل ما مجموعه 38 موقعا ذا أهمية بيولوجية إيكولوجية وفق اتفاقية رامسار”، يؤكد بنعبو في حديثه مع هسبريس، قبل أن يضيف مستدركاً: “هذه المواقع الرطبة المصنفة تعاني في حد ذاتها من التغيرات المناخية، مثل الجفاف (حالة ضاية عوّا)، إلى جانب المد العمراني أو امتداد الأنشطة الفلاحية؛ بينما مازالت بعض المناطق الرطبة أو المحميات ترزح تحت تأثير التلوث (مَرْجة الفوّارات بالقنيطرة).
المهندس البيئي الباحث في قضايا التنمية المستدامة والمناخ قرَع جرس الإنذار بخصوص “واقع مرير تقاسيه بعض المناطق الرطبة التي تعاني من مصبّات النفايات السائلة إلى حدود الساعة”، مورداً مثال ضايات بإقليميْ القنيطرة والخميسات.
“خزّان كربون ومُرشّح للمياه”
توقف المتحدث ذاته عند إسهام الأراضي الرطبة في الحد من التغيرات المناخية، واصفا إياها بـ”خزان الكربون وغازات دفيئة أخرى مسببة للاحتباس الحراري”، مضيفا أنها آلية “ترشيح طبيعية للمياه العذبة والصافية، ما يهدد بفقدانها آلية طبيعية لضمان الأمن المائي والغذائي للمغاربة”.
وخلص بنعبو إلى أن أحدَث الإحصائيات تفيد بوجود “2500 موقع عالمي مصنفة ضمن اتفاقية رامسار للأراضي الرطبة الحيوية؛ منها 35 في المائة تم فقدانها خلال العقود الخمسة الأخيرة”، عازياً ذلك إلى عوامل مناخية بالأساس، وبشرية كذلك؛ كما اعتبر أن “فقدان المناطق الرطبة يهدد بفقدان التوازنات المناخية وزيادة حدة الظواهر الأكثر تطرفا، إضافة إلى آثار مدمرة للتدخل البشري من خلال ممارسات استنزاف الفرشة المائية والصيد والرعي الجائر”.
وأردف الخبير ذاته: “المغرب يلعب دورا طلائعياً في تصنيف مواقع رطبة أخرى والحفاظ على تنوعها البيولوجي القائم”، مؤكدا طموح إستراتيجية “غابات المغرب 2030” إلى الرفع من عدد المناطق الرطبة بثلاثين موقعا جديدا ذا أهمية بيولوجية في أفق 2024.
المصدر: وكالات