تواجه دولة فنزويلا، باعتبارها واحدة من القلاع الحاضنة للانفصال في الصحراء المغربية، أزمة سياسية خانقة إثر إعلان الرئيس نيكولاس مادورو، فوزه بولاية ثالثة على هامش الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي خلفت تشكيكا أمميا ودوليا واسعا في نزاهتها، وسط إصرار المعارضة الفنزويلية بقيادة ماريا كورينا ماتشادو، على عدم الاعتراف بنتائجها، وهو ما أدى إلى اندلاع مظاهرات في مختلف أرجاء هذا البلد اللاتيني مخلفة عشرات القتلى والجرحى.
في هذا الإطار، أصدرت مجموعة من الدول من ضمنها المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وبريطانيا وهولندا وإسبانيا وكندا، إضافة إلى عدد من الدول الأمريكية الجنوبية على غرار الأرجنتين والإكوادور والبارغواي والبيرو وجمهورية الدومينكان؛ بيانا مشتركا حول الوضع في فنزويلا، دعت فيه إلى احترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الفنزويليين، ولا سيما الحق في الاحتجاج السلمي وممارسة حرية التعبير.
ونددت الدول الموقعة على البيان، بالاعتقالات التعسفية التي طالت مجموعة من المواطنين الفنزويليين داعية إلى الإفراج الفوري عنهم لا سيما ممثلوا المعارضة منهم، معبرة في الوقت ذاته عن رفضها للمقاربة القمعية التي تنتهجها السلطات الفنزويلية بقيادة مادور ضد المتظاهرين السلميين.
كما طالب الموقعون على البيان بالسماح للمفوضية الأممية لحقوق الإنسان بالعودة إلى فنزويلا وضمان الشروط اللازمة للاضطلاع بمهامها، مسجلة في الوقت ذاته أن السلطة المشرفة على الانتخابات الأخيرة، ووفق التقرير الأولي للخبراء الأممين المعنيين بهذه الانتخابات؛ لم تقدم بعد المحاضر الانتخابية التي تدعم صحة النتائج النهائية المعلنة من طرف السلطات الفنزويلية.
في هذا الصدد، طالبت الدول التي وقعت على البيان المشترك سالف الذكر ب”النشر الفوري لجميع المحاضر الأصلية وضمان التحقق المحايد والمستقل من هذه النتائج”، مفضلة أن يتم ذلك على يد كيان دولي لضمان احترام إرادة الشعب الفنزويلي التي تم التعبير عنها خلال الانتخابات، مشددة على أن أي تأخير في هذه العملية يدعو إلى التشكيك في النتائج الانتخابية المعلن عنها.
وأشار البيان إلى تردي الوضع الحقوقي في فنزويلا والتهديد الذي يتعرض له المعارضون لنظام مادور من قبل السلطات الأمنية في هذا البلد، وهو ما يستدعي “إجراء حوار واسع وشامل وبحسن نية لتيسير التوصل إلى اتفاق سياسي يرعى المصالحة الوطنية والسلام والأمن العام والديمقراطية في فنزويلا”، داعيا إلى ضرورة التوصل إلى حل حقيقي للوضع في فنزويلا على أساس من الديمقراطية والعدالة.
وضدا على استطلاعات الرأي التي توقعت خسارة نيكولاس مادورو في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعيشه هذه الدولة النفطية وبلوغ نسب التضخم مستويات قياسية، فاجأ الديكتاتور “مادورو” وفق ما يحلو لمعارضيه وصفه به، الجميع بإعلان فوزه بولاية ثالثة، في انتخابات رئاسية كانت مثار الكثير من الجدل في الداخل والخارج.
جدير بالذكر أن فنزويلا شهدت أزمة مماثلة في يناير من العام 2019، إثر إعلان مادور فوزه في الانتخابات الرئاسية لسنة 2018، التي رفضتها الجمعية الوطنية الفنزويلية برئاسة المعارض خوان غوايدو الذي اعترفت به أغلب القوى الإقليمية والدولية، كرئيس انتقالي للبلاد، منها المغرب، التي أعربت وزارة خارجيتها آنذاك عن دعم الرباط لكل “التدابير المتخذة من أجل الاستجابة لتطلعات الشعب الفنزويلي في الديمقراطية والتغيير”.
وأثار موقف الرباط الداعم للمسلسل الديمقراطي في فنزويلا، التي يحكمها نظام مادور منذ سنة 2013؛ غضب السفير الفنزويلي في الجزائر حينها، الذي ادعى أن المملكة ليست في “وضعية تسمح لها بالحديث عن ماهية الديمقراطية في فنزويلا وأمريكا اللاتينية”، مشيرا إلى مواقف الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز بخصوص قضية الصحراء.
وكان إبراهيم غالي، زعيم الانفصاليين في تندوف، من أوائل من هنأ نيكولاس مادورو على “فوزه” في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ تعد كاراكاس من أكبر الداعمين للطرح الانفصالي في الصحراء الذين يسايرون الموقف الجزائري تجاه هذا الملف، حيث سبق للرئيس الفنزويلي الحالي المتهم بالتنكيل بمعارضيه، أن عبر في أكثر من مناسبة عن دعم بلاده لميليشيا البوليساريو في مساعيها للانفصال عن المغرب.
المصدر: وكالات