مكنت سياسة الحياد الإيجابي تجاه الملف الغابوني المغربَ من تجديد غابوني لدعم الوحدة الترابية للمملكة، إذ أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإقليمي والغابونيين بالخارج، رجيس أونانغا، أن “المملكة المغربية ستحظى دوما بالدعم غير المشروط والثابت من الغابون بشأن قضية مغربية الصحراء”.
وجاءت تصريحات الوزير الغابوني عقب مباحثات جمعته بنظيره المغربي، ناصر بوريطة، على هامش المؤتمر الوزاري رفيع المستوى حول البلدان متوسطة الدخل الذي احتضنته المملكة هذا الأسبوع بالرباط، ويأتي كذلك في إطار رئاسة المملكة المغربية مجموعة أصدقاء البلدان متوسطة الدخل ضمن الأمم المتحدة التي تشغلها منذ سنة 2023.
واعتبر مراقبون تحدثوا لهسبريس أن “التجديد الغابوني لدعم الوحدة الترابية للمملكة يأتي كتعبير عن مدى صواب سياسة الحياد الدبلوماسي التي تعامل بها المغرب مع الانقلاب على بونغو”، موضحين أن “استمرار العلاقات بين الدولتين يبين أنها علاقات مستمرة في الزمان والمكان، وتندرج ضمن التصور المغربي للشراكات تحت إطار رابح رابح”.
دبلوماسية متبصرة
محمد الغواطي، محلل سياسي، قال إن “السياسة الخارجية التي يقودها الملك محمد السادس دائما ما تعطي أكلها، على اعتبار أنها سياسة حكيمة ولا تبتغي التدخل في الشؤون الداخلية للدول، على اعتبار أن المغرب أساسا يؤسس لشراكاته وعلاقاته مع الدول، بما فيها الإفريقية، وفقا لما ترضاه حكوماتها، وانسجاما مع طموحات شعوبها كذلك”.
وأضاف الغواطي، في تصريح لهسبريس، أن “الملاحظ هو تبصر المغرب في دبلوماسيته في عدد من المحطات، ذلك أنه لا يتسرع في اتخاذ مواقفه، بل يقوم بذلك بتأن، فضلا عن كونه يبقى غير خاضع لأي خلفيات سياسية، كما هو الحال لدى دول تتخذ من نفسها محطة لتمرير خطاب كيانات سياسية أخرى”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “المغرب يحافظ على مكانته في تجديد العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة في إطار محور رابح رابح، الأمر الذي يراعي النهوض بكل العلاقات الداعمة لمشاريع التنمية بالبلدان الإفريقية ككل”.
وأكد المحلل السياسي ذاته أن “عدم حدوث أي تغيير في العلاقات المغربية الغابونية يُعزى إلى المتانة التي تميز هذه العلاقات، التي تتجاوز علاقات بين قيادات إلى علاقات بين شعبين؛ فضلا عن أن الغابون تنظر إلى المغرب كشريك رائد، خصوصا في مجالات الاستثمار والبنية التحتية”، لافتا إلى أن “الدول الإفريقية تقدر جيدا مدى ربط المغرب علاقاته مع شركائه بضرورة الإعلان عن مواقف واضحة بخصوص وحدته الترابية، وتعد الغابون من بينها، على اعتبار أنها أبدت مواقفها بخصوص الموضوع مرات عديدة”.
حياد إيجابي
محمد نشطاوي، باحث في العلاقات الدولية، قال إن “تجديد الغابون دعمها للوحدة الترابية للمملكة يبين بشكل كبير متانة وقوة العلاقات بين المغرب والغابون، على اعتبار أنها تبقى علاقات مؤسسة ومن الصعب أن تتأثر بأي إشكاليات ظرفية”.
وأضاف نشطاوي، في تصريح لهسبريس، أن “متانة العلاقات بين المغرب والغابون تتبين بشكل جلي بعد عدم تأثر هذه العلاقات برحيل الرئيس السابق علي بونغو بعد عملية الانقلاب الأخيرة ضده، وهو ما يوضح كذلك كيف أنه حتى الجانب الغابوني ينظر إلى المملكة المغربية كشريك إستراتيجي ورائد بالقارة”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “سياسة الحياد التي تعامل بها المغرب مع الملف الغابوني بينت إلى حد كبير النضج الذي وصلت إليه الدبلوماسية المغربية، إذ إن هذا الحياد يجعل الدول الأخرى تنظر إلى الرباط كوسيط في اللحظات الحرجة؛ ذلك أن القارة الإفريقية ككل تعيش وضعا صعبا يستوجب منطقا محايدا ومستحضرا للمصالح العليا للمملكة”.
المصدر: وكالات