دخلت إسبانيا مرحلة التحالفات الحزبية بعد نتائج الانتخابات الأولية التي توصف بـ”المبلقنة” لم تسفر عن حصول أي حزب أو تحالف على أغلبية مطلقة لتشكيل الحكومة؛ فيما تبقى حظوظ بيدرو شانسيز، رئيس الوزراء، مرتفعة للبقاء في التشكيلة الحكومية المقبلة إن نجح في التحالف.
وعلى الرغم من تصدر الحزب الشعبي وحليفه المحتمل حزب فوكس للانتخابات، فإنه يبقى انتصارا بطعم الفشل تجرعه اليمين الإسباني الذي كانت جميع استطلاعات الرأي تمنحه الأفضلية في الحصول على أغلبية مريحة في البرلمان الإسباني.
وحصل الحزب الشعبي على 136 مقعدا، فيما حاز حليفه فوكس على 33 مقعدا، أي بمجموع 169 مقعدا لكليهما إن هما تحالفا. في المقابل، حاز الحزب الاشتراكي بزعامة سانشيز على 122 مقعدا، وحزب سومر على 31 مقعدا.
نجاح غير كامل لليمين
تاج الدين الحسيني، الخبير في العلاقات الدولية، قال إن النتائج التي أحرزها اليمين لا يمكن اعتبارها “نجاحا كاملا إلى حد الآن”، مشيرا ضمن تصريح لهسبريس إلى أن الحزب الشعبي نجح بصفته الطرف الأول فيما حاز الحزب الاشتراكي على الرتبة الثانية، “وبالتالي فاليمين ربما قد تكون قد خابت آماله لتشكيل حكومة بمفرده وتحالفات سهلة”.
وذكر الحسيني بكون شانسيز قال إن “اليمين تلقى ضربة بهذه النتائج”، مشيرا إلى أنه “تعتقد قيادات الحزب الاشتراكي أن هناك إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية بدعم من أحزاب اليسار”.
وأبرز الحسيني أنه إذا ما تعقدت العلاقات “فهذا ينبئ بدخول مرحلة جديدة من المرحلة التشريعية، ويمكن أن يعطي مرحلة من الركود؛ وهو شيء غير محمود في الظرفية الراهنة، سواء على مستوى الأحزاب التي تشكل الحياة السياسية الإسبانية أو على مستوى العلاقات داخل الاتحاد الأوروبي التي تعرف تغيرات جديدة أبرزها ما يحدث في إيطاليا وموضوع الهجرة غير القانونية ومشاكل الإرهاب الجريمة غير منظمة وغيرها”.
فرصة جديدة لسانشيز
من جانبه، قال حسن بلوان، أستاذ باحث في العلاقات الدولية، إن “الانتخابات الاسبانية لم تحسم بوضوح هوية الحكومة المقبلة رغم الحظوظ الوافرة للحزب الشعبي بزعامة فيخيو في المبادرة إلى تشكيل حكومة بالتحالف حزب فوكس اليميني المتطرف مع ضرورة إقناع بعض الأحزاب الأخرى الصغيرة للوصول إلى عتبة 176 نائبا”.
وقال بلوان، ضمن تصريح لهسبريس ، إن النتائج المحصلة “تفتح هامشا آخر للمناورة أمام الحزب الاشتراكي بزعامة سانشيز لإعادة تشكيل حكومة بالتحالف مع حزب سومار اليساري المتطرف وبعض الأحزاب الصغيرة ذات التوجهات الإقليمية أو الميول الانفصالية، وإلا ستذهب إسبانيا إلى انتخابات أخرى أو سابقة لأوانها بحكم غياب الانسجام السياسي أو التكامل الحكومي”.
اهتمام مغربي
يهتم المغرب بنتائج الانتخابات الإسبانية، خاصة أن الحكومة المقبلة سيكون لها تأثير على علاقات البلدين الجارين، وعلى مواضيع مهمة خاصة قضية الصحراء المغربية وسبتة ومليلية والهجرة غير الشرعية.
وفي هذا الصدد، قال بلوان إنه “لا يمكن الجزم بتراجع حكومة اليمين الإسبانية الموقعة على التعهدات التي قطعتها إسبانيا للمغرب فيما يخص مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصة فيما يتعلق بالموقف الإيجابي من قضية الصحراء المغربية التي اتخذته الحكومة اليسارية السابقة. كما لا يمكن لأي حكومة مقبلة أن تدخل في مواجهة مباشرة مع المغرب بحكم تداخل المصالح والقضايا وبحكم الجوار الصعب الذي يطبع العلاقات بين المملكتين الإسبانية والمغربية”.
وحسب الباحث، يمكن استشراف العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا في ظل الانتخابات الجديدة وفق عدد من المحددات؛ أولها “القرارات السابقة التي تتخذها الحكومات المتعاقبة هي قرارات دولة تشترك فيها أجهزة ومؤسسات استراتيجية لها علاقة بالأمن القومي الاسباني، وبالتالي من المغامرة التراجع عنها تلبية لنزوعات حزبية”.
وقال الباحث إنه “بالعودة الى البرامج الانتخابية للأحزاب اليمينية يتضح أن الحزب الشعبي يكتفي بدعم الجهود الأممية في الصحراء مع التشديد على علاقات متكافئة بين المغرب والجزائر؛ في حين يحافظ حزب فوكس المتطرف على موقف ضبابي حول النزاع ويتحاشى ذكره في برامجه السياسية مع التركيز على مواقف فاشية ومتطرفة بالنسبة للمهاحرين والهجرة ومسألة سبتة ومليلية”.
وأردف: “وعلى العموم، ووفق هذه المستجدات، لا يمكن توقع القطيعة الدائمة في العلاقات بين المغرب وإسبانيا. كما لا يمكن انتظار علاقات متكاملة، بالنظر إلى أن الحكومة المقبلة ملزمة بضم أصوات الأحزاب الصغيرة الجذرية والتي ستؤثر لا محالة في الشراكة الثنائية والتكامل السياسي والاقتصادي والأمني بين المغرب وإسبانيا في ظل المتغيرات الجيواستراتيجية التي تعرفها المنطقة”.
المصدر: وكالات