جددت المملكة المغربية على لسان عمر هلال، السفير الممثل الدائم للرباط لدى الأمم المتحدة، خلال المناقشة العامة للدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء في نيويورك، تأكيد موقفها الراسخ تجاه القصية الفلسطينية التي تعبرها أولوية وطنية وثابتا من ثوابت سياستها الخارجية.
ولفت هلال، خلال كلمته، إلى أن الأهمية التي يوليها الملك محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، بالقضية الفلسطينية وتأكيده على الموقف المغربي المؤمن بعدالة قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
وجدد الدبلوماسي المغربي عينه رفض الرباط لكل الإجراءات الأحادية التي تقوض الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس ودعمها للسلطة الوطنية الفلسطينية ولكل قراراتها الرامية إلى الحفاظ على حقوق الفلسطينيين في تحقيق تطلعاتهم وإقامة دولتهم على حدود 1967 بما يتماشى وحل الدولتين المتوافق عليه دوليا وفي احترام لمبادئ الشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة.
موقف واضح
البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع، قال إن “كلمة عمر هلال تذكير مغربي على أعلى مستوى لكل من يهمه الأمر بالاستراتيجية الدبلوماسية المغربية المبنية على الصدق والوضوح والمسؤولية والشفافية في الممارسة السياسية الخارجية بعيدا عن العمل الدبلوماسي المبني على المؤامرات والخطابات الملغومة”. كما أن هذه الكلمة تعد، وفق الخبير ذاته، “ردا نهائيا على كل الأكاذيب التي تنشرها الآلة الإعلامية لبعض الدول المعادية حول المغرب ومواقفه وسياساته الخارجية”.
وأضاف البراق أن “الرباط ما فتئت تعبر بلغة صادقة على التوجهات الكبرى للدبلوماسية المغربية التي تجسد الرؤية الملكية المتبصرة في ما يخص القضية الفلسطينية، التي يعتبرها المغرب أولوية وطنية في ظل تغيرات جيوسياسية كبرى يعيشها العالم”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن “كلمة هلال تترجم الموقف المغربي الثابت والنابع من الدور المركزي للمملكة المغربية في نصرة القضايا العادلة في الملف الفلسطيني، والذي يندرج في إطار الالتزام الكامل للمملكة المغربية وللملك محمد السادس بدعم القضية العادلة للفلسطينيين والحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس الشريف واحترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع الديانات السماوية الثلاث، وحماية الطابع الإسلامي للمدينة المقدسة وحرمة المسجد الأقصى ودعم جهود تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط”.
وسجل أن تجديد هذا الموقف يحمل “رسالة واضحة للداخل والخارج بأن المغرب ينتهج دبلوماسية الوضوح في الدفاع عن المصالح القومية العليا وفق مبدأ احترام حقوق الآخرين بشكل ينزع صفة الوكيل التجاري عن بعض الكيانات والأنظمة والتنظيمات والجماعات والأحزاب التي جعلت من القضية الفلسطينية أصلا تجاريا لاستخدامه وقت الحاجة لخدمة مصالح جيو-سياسوية وانتخابوية ضيقة، حيث يترجم هذا الموقف الثابت الشعور الجماعي للشعب المغربي الأصيل والعريق الملتف بكل ثقة حول قيادته وقراراتها ومواقفها”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “المغرب، اليوم، يقدم نفسه كشريك استراتيجي متمكن من كل الأوراق والملفات الإقليمية. وعليه، فإن ثبات الموقف المغربي حول القضية الفلسطينية في ظل الظروف الإقليمية والعالمية الحالية هو امتداد لصيرورة تاريخية من الفعل الدبلوماسي المتزن والمتوازن واستمرار للعقيدة الدبلوماسية المغربية التي أصبحت مدرسة عالمية في تدبير العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول الصديقة”.
السلام والالتزام
أورد محمد عطيف، باحث في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، أن “المملكة المغربية تعد فاعلا أساسيا في رعاية حفظ السلام والأمن، إن على المستوى الإقليمي أو الدولي؛ بالنظر إلى دورها الفعال داخل منظمة الأمم المتحدة، إذ إن الدبلوماسية المغربية هي أولا دبلوماسية تضامنية مع القضايا العادلة في العالم. كما أنها تدفع باتجاه الحل السلمي والسياسي لتسوية النزاعات والقضايا الشائكة في العالم تماشيا مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي”.
في هذا الصدد، أضاف عطيف أن “الرباط ساهمت في حل العديد من النزاعات وتقريب وجهات النظر ما بين الأطراف الفاعلة فيها انطلاقا من المصداقية التي تتمتع بها في الصدد واعتبارا أيضا لإيمانها المبدئي بأن استمرار النزاعات والخلافات بين الدول لا يخدم مصالح الشعوب ويعيق مسارات التنمية ويعيق جهود التعاون بين الدول لمواجهة التحديات العالمية المشتركة”، مشيرا إلى أن “المغرب طالما أكد على ثبات موقفه من القضية الفلسطينية، والذي يعتبر أن حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يجب أن يكون حلا دائما وشاملا على أساس حل الدولتين واحترام حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية”.
وأشار المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى “الوساطة المغربية التي أدت إلى فتح المعبر الحدودي الوحيد الذي يربط الأردن والضفة الغربية أواسط السنة الماضية؛ وهو ما يؤكد الالتزام الراسخ للمملكة المغربية بقضية الشعب الفلسطيني في سياستها الخارجية، بغض النظر عن التحولات الجيوسياسية التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط وإعادة تشكيل تحالفات جديدة في هذه المنطقة”.
المصدر: وكالات