على امتداد الأسابيع الماضية، يعيش المغرب حركية كبيرة لنشاط شبكات الهجرة غير النظامية وتهريب البشر، فيما تخوض السلطات المغربية حربا ضروسا ضد هذه الشبكات التي تصطاد ضحاياها القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، المجتمعين شمال البلاد، يتحينون الفرصة لركوب أمواج البحر أملا في بلوغ الضفة الأخرى.
وفي إطار هذه الحرب، تمكنت عناصر الدرك الملكي التّابعة للقيادة الجهوية بالنّاظور من إجهاض محاولة للهجرة السّرية، وتفكيك الشّبكة المنظّمة، حيث جرى توقيف المنظّم الرّئيسي بعد مداهمة مقرّ سكنه، ليتم بعد ذلك توقيف أحد المتعاونين معه، فيما يجري البحث عن ثلاثة آخرين يوجدون في حالة فرار.
وأسفرت العملية الأمنية عن حجز قارب من نوع “فانوتوم” ومعدّات بحرية متنوّعة، إضافة إلى مبالغ مالية مهمّة يرجح أن تكون من عائدات عمليات الهجرة السّرية. وبدا لافتا أن المترشّحين الـ50 الذين جرى التّحقيق معهم لدى مصالح الدرك الملكي ببني شيكر ينحدرون من جماعات الناظور وأزغنغان والدريوش وميضار وجرسيف وبني سعيد.
كما أعلن عن تمكن خفر السواحل التابع للبحرية الملكية من توقيف قارب يواجه وضعية صعبة وعلى متنه 194 مرشحا للهجرة غير القانونية. وتبين أن هؤلاء المرشحين للهجرة انطلقوا من بلد يقع جنوب المملكة، ليتم نقلهم على متن وحدة تابعة للبحرية الملكية إلى ميناء الداخلة، فيما كانت من بينهم امرأة واحدة، مع خمس جثث، و11 شخصا في حالة صحية حرجة.
وسجل المصدر العسكري ذاته أن الأشخاص الذين تم إنقاذهم يحملون جميعا الجنسية السنغالية، وقد تلقوا الإسعافات الأولية على متن وحدة البحرية الملكية قبل نقلهم سالمين إلى ميناء الداخلة بتاريخ 06 غشت 2023، وتسليمهم إلى الدرك الملكي من أجل القيام بالإجراءات الإدارية الجاري بها العمل، مضيفا أنه تم نقل الجثث الخمس والمرشحين الـ11 في وضعية صحية حرجة إلى مستشفى الحسن الثاني بالداخلة.
وفي تعليقه على الموضوع قال محمد بنعيسي، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، إن “المقاربة المغربية في مجال الحد من الهجرة غير النظامية ترتكز على مقاربة بعدية تضم ركيزتين أساسيتين، أولهما الركيزة القانونية- القضائية، من حيث التعديلات التي يدخلها المغرب على القانون الجنائي والتشديد في الجزاءات على شبكات الاتجار بالبشر”.
وأضاف بنعيسى، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “البعد الأمني قائم مثلا على تفكيك شبكات الاتجار بالبشر والتعاون الأمني بين إسبانيا والمغرب، وهي مقاربة بعدية بحتة تجعل المغرب دائما في إطار مواجهة الجزء الظاهر من ظاهرة معقدة ذات طبيعة ديناميكية وعابرة للحدود”.
وتابع المتحدث ذاته بأن “المغرب يجب أن ينتقل إلى معالجة قبيلة من حيث النظر إلى الجزء الخفي من الظاهرة، وهو الحد من العوامل والأسباب التي تدفع إليها، من أسباب اقتصادية واجتماعية ونفسية”.
وحث الفاعل الحقوقي السلطات المغربية على “تشديد الرقابة القبلية على منح رخص استيراد الزوارق المطاطية ودجيت سكي، وكذلك القوارب الخشبية لفائدة المشتبه فيهم”.
وحول ارتفاع محاولات الهجرة غير الشرعية خلال هذه الفترة من السنة، اعتبر بنعيسى أن فصل الصيف هو “الفصل الذهبي للهجرة غير النظامية، سواء بالنسبة للقاصرين والشباب المغاربة أو المهاجرين المتحدرين من دول جنوب الصحراء أو غيرهم”، وزاد موضحا أن العامل المناخي محدد رئيسي في ارتفاع الظاهرة، إذ يعرف البحر استقرار نوعا ما، وتابع بأن “السواحل المغربية عموما وسواحل الشمال خاصة تصبح قبلة للمصطافين، ما تصعب معه مراقبتها، والتمييز بين المصطافين والمرشحين للهجرة”.
كما ذهب بنعيسى إلى أن تعدد العروض التي تقدمها شبكات الاتجار بالبشر بين القوارب الخشبية والمطاطية يبقى من بين العوامل التي تدفع نحو الرفع من ظاهرة الهجرة بالبلاد.
المصدر: وكالات