الأحد 7 أبريل 2024 – 17:15
سنةً بعد خوض المغرب لنهاية كأس العالم 2030 أمام الفريق البرازيلي بالدار البيضاء، وبعد أن خف الحماس القريب من الجنون بسبب هذا العرس الكروي الكبير، أفاق المغاربة من نشوتهم، التي تشبه الخروج من سحر ساحر ماكر، فاكتشفوا بلادهم لمستها يد الملائكة فحولتها إلى جزء من العالم المتقدم في أغلب ترابه. من يصدق أن بيننا أكثر من ثلاثين مليون سائح ملأوا الأرض في كل أطرافها، في ديكور غير مسبوق من البنيات التحتية التي لا توجد سوى في العالم الغربي.
ماذا وقع للبلاد حتى تتحول في سبع سنوات، بدا من المستحيل معها تذكر المغرب القديم؟ القطار فائق السرعة يربط بين مدريد وأكادير عبر نفق المضيق في ست ساعات، ويربط الرباط بوجدة في أقل من ذلك. كثير من المدن كُشفت عنها الغمة بوصول القطار العادي إليها، مثل بني ملال وآسفي والصويرة. الطرق السيارة أخرجت تزنيت والراشيدية وبني ملال وتطوان من عزلتها، أما الطرق السريعة فلم تترك مدينة صغيرة ولا كبيرة إلى ربطتها بالحضارة. كل المدن والقرى أصبحت مجهزة بأحسن الطرق ووسائل النقل للدخول إليها أو تجنبها في حالة إرادة اتجاه آخر.
مستوى عيش المغربي تغير إلى الأحسن فمحا المهن المهينة للكرامة ومكّن من السكن الحافظ للكرامة في المدينة والبادية، فقلّت البطالة وكثرت الأوراش حتى ندُرت اليد العاملة، فاتجهت البلاد إلى استيرادها من العمق الإفريقي. وانخفضت مستويات الهجرة إلى الخارج بمخاطرة وبغيرها. لأن الأجور ارتفعت ومستوى العيش والادخار مكّن أغلب المواطنين من الحصول على سكن وسيارة. حتى سلوك الناس أصبح أكثر رقيا فلا أحد يبصق في الشارع أو يرمي الأزبال كيفما اتفق أو يستعمل الطريق بجهالة، خاصة الراجلين. واختفى البناء العشوائي نهائيا، أما احتلال الملك العمومي فقد أضحى من الحكي القديم.
هذا التحول الهائل مس المردود الصناعي أيضا، فبلغ المغرب مستويات هائلة من حجم التصدير وتحصيل العملة الصعبة، كما لم يعد للاستيراد ثقل على الميزان التجاري وإنما تحولت قيمة الصادرات إلى درع اقتصادي يوفر حجما كبيرا من العملات الصعبة قوّت عضلات الدرهم المغربي. هذا دون الحديث عن مداخيل السياحة والفوسفاط والمعادن النادرة.
أما الحرب على الفساد التي استمرت سبع سنوات فقد أفرجت عن نخبة سياسية نقية ملأت الحكومة والبرلمان والمجالس الجماعية بنخبة من أكثر الناس خوفا على المال العام ومصالح المواطنين، وهذا ما صالح المواطنين مع العمل السياسي وبعث الثقة بينهم وبين المنتخبين. وأخيرا انتهى مشكل الصحراء بتحرير مغاربة تندوف والتحاقهم بالوطن. باعتراف الجزائر بالواقع الجديد بعد زلازل اجتماعية وسياسية أبعدت الجيش عن الحكم وألزمته بعدم تجاوز الثكنات والاكتفاء بحماية التراب الجزائري ومراقبته. وأخيرا اعترفت الأمم المتحدة رسميا بمغربية الصحراء وزال عنا هم المنطقة العازلة وتقطيع خريطة البلاد. وغدا الاستثمار الوطني والأجنبي يمثل في هذا التُّرب العزيز علينا أكثر ثلاثين في المائة من مجموع الاستثمارات في المغرب.
خاطر جميل كحلم يقظة، أفقت منه على واقع يتلكأ في التحول إلى لون جديد يمحو كل أحزاننا ومآسينا ويبدد مخاوفنا على مغرب نريده قويا غنيا يسرع الخطى نحو العلا. هي لذة حلم نابعة من حس وطني صادق ولو لدقائق معدودات، نتمنى أن تتحول إلى حقيقة تتجاوز التوقعات. ولِمَ لا؟
المصدر: وكالات