بعد أسبوعين ستعود عجلة مجلس النواب إلى الدوران مجددا، حيث من المنتظر أن تنطلق الدورة الربيعية للبرلمان خلال الجمعة الثانية من شهر أبريل، برهانات أخرى متفاوتة، سواء من قبل المعارضة أو الأغلبية، ترتبط أساسا بمحاولات الإجابة عن كل التساؤلات، ومعالجة مختلف الإشكالات التي لا تزال مطروحة، والتي لها صلة بآخر التطورات الاقتصادية والاجتماعية.
ومن المواضيع التي يُرتقب أن يحتدم النقاش حولها على مستوى البرلمان تخليق الحياة العامة وما يرتبط بإقرار مدونة للأخلاقيات على مستوى مجلسي المؤسسة، إضافة إلى موضوع الإثراء غير المشروع. كما يُرتقب أن تنزل تعديلات مدونة الأسرة بثقلها على النقاش داخل مجلس النواب، خصوصا بعد أن تسبب الموضوع في تشنج علاقات أحزاب فيما بينها.
ويرى نواب برلمانيون من المعارضة أن الدورة الربيعية “تشكل مناسبة لتدارك الضعف التشريعي الذي سُجل خلال نظيرتها الخريفية، في وقت يتزامن انطلاق هذه الدورة مع منتصف الولاية الحكومية”، لافتين إلى أن “الحكومة مطالبة بالخروج من دائرة التعنت، خصوصا في التعامل مع مقترحات القوانين، الأمر الذي ستتم مواجهته بملتمس الرقابة الذي يتم التداول بخصوصه بشكل جدي”.
وتنطلق الدورة الربيعية على وقع خلافات داخلية تعيشها بعض أحزاب الأغلبية، حيث جمد حزب الأصالة والمعاصرة، الذي عقد مؤتمره قبل شهر، عضوية برلمانييْن يمثلانِه، كما أن حزب الاستقلال لا يمر بدوره بأجواء أفضل، حيث يظل هو الآخر رهين مجموعة من الخلافات قبل انعقاد مؤتمره الوطني الثامن عشر.
“تعديل في الأسلوب”
قال إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إن “الدورة الربيعية المقبلة ستكون ببرنامج جد مثقل، ونعول عليه كثيرا؛ ففي البداية ننتظر العرض الذي سيقدمه رئيس الحكومة بمناسبة مرور نصف الولاية الحكومية، استجابة لمنطوق الفصل 101 من دستور المملكة”.
وأضاف السنتيسي، في تصريح لهسبريس، “إذا كانت الدورة الخريفية معروفة بقانون المالية، فإن الدورة الربيعية تظل دائما تشريعية بامتياز، وهنا يظهر أننا سنكون أمام أولويات تشريعية كبرى ترتبط أساسا بقوانين المسطرة الجنائية والمسطرة المدنية، كما أن هناك إلحاحا على ضرورة الحسم في القانون الأساسي للنقابات ومدونة الشغل وقانون الإضراب، فضلا عن النظر في تعديلات مدونة الأسرة”.
وتابع أن “الحكومة مطالبة بالتحلي بنوع من الجدية فيما يخص الأخذ بعين الاعتبار مقترحات القوانين التي تتقدم بها المعارضة، فعلى سبيل المثال تقدمنا خلال الدورة السابقة بـ61 مقترح قانون، في حين اشتغلنا على إعداد حوالي 16 مقترح قانون خلال الفترة بين الدورات من أجل تقديمها مستقبلا”، لافتا إلى أن “التعنت فيما يمليه القانون وعدم التجاوب معنا لن يعطيا نتائج إيجابية”.
وجوابا عن سؤال يتعلق بمدى تنسيق المعارضة، قال رئيس الفريق الحركي: “هناك تواصل مستمر بين الأحزاب الأربعة المكونة للتنسيق، وهو ما جسده جلوس ممثليه جنبا إلى جنب خلال آخر ندوة لحزب الحركة الشعبية حول الماء، ويظل هذا التنسيق مستعدا للقيام بالأدوار المنوطة به خلال الدورة الربيعية”.
طرح ملتمس الرقابة
حسن لشكر، نائب برلماني عن الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، أفاد بأن “الدورة الربيعية للبرلمان ستكون مناسبة لمعالجة مختلف الهفوات التي قد تكون عرفتها الدورة الخريفية، غير أننا كمعارضة ننتظر التزام الحكومة بمواكبة عمل البرلمان، من خلال القطع مع أسلوب الغياب عن جلسات الأسئلة الشفوية واجتماعات اللجان، من خلال ممثليها من الوزراء”.
هذه الحكومة، يضيف لشكر، “مطالبة بالتفاعل مع مقترحات القوانين التي تتقدم بها فرق المعارضة، ذلك أن عدم التفاعل معها يؤدي أساسا إلى تحقير السياسة، وهو ما أوصلنا اليوم إلى الوضعية التي تعيشها اليوم عدد من القطاعات الحكومية، حيث إن الحكومة ترفض الإصغاء إلينا والأخذ بعين الاعتبار مبادراتنا التشريعية، الأمر الذي أدى إلى عدم الانتباه إلى التعثرات التي يمكن أن تشوب عددا من الأوراش الاستراتيجية، بما فيها ورش الحماية الاجتماعية”.
ولم يفوت المتحدث ذاته الفرصة للتأكيد على أنه “تزامنا مع منتصف الولاية الحكومية، فإن الأغلبية لم تتمكن بعد من تطبيق مضامين البرنامج الحكومي، حيث لم تشرع بعد في تنفيذ الإصلاحات الاستراتيجية التي كانت تتحدث عنها”، مشددا على “ضرورة تقديم الحكومة لحصيلتها بخصوص السنتين والنصف السابقتين”.
وأضاف، في تصريح لهسبريس، أن “التنسيق الرباعي للمعارضة يظل متماسكا ومستعدا لتتبع عمل الحكومة وتقييمه، حيث هناك خطوات جدية من أجل التقدم بملتمس الرقابة في وجه الحكومة خلال الدورة الربيعية”، لافتا إلى أن “التنسيق لا يعني التطابق في وجهات النظر، فنحن لسنا ملزمين بذلك لأننا لا ندبر الشأن العام، وبالتالي هناك أمور نختلف بخصوصها كمدونة الأسرة”.
المصدر: وكالات
