تفاعلا مع الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب بمدينة خريبكة والمناطق المجاورة لها خلال الأيام القليلة الماضية، خرج عدد من السكان للاحتجاج أمام مقر المصلحة الإقليمية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب-قطاع الماء بالمدينة، استجابة لدعوة أطلقتها مجموعة من فعاليات المجتمع المدني.
وتزامنا مع الوقفة الاحتجاجية المذكورة، كان ممثلو عدد من وسائل الإعلام، رفقة فعاليات من المجتمع المدني بخريبكة، على موعد مع مسؤولين من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب-قطاع الماء في زيارة ميدانية إلى سد آيت مسعود الذي يزوّد المنطقة بالماء الشروب، قصد معاينة المراحل التي يمرّ منها الماء، والحصول على إجابات حول التساؤلات التي تشغل الرأي العام الخريبكي.
شعارات وبيان
بعدما تكرر انقطاع الماء الشروب عن مدينة خريبكة والمناطق المجاورة لها، خاصة خلال شهر غشت الجاري الذي يشهد توالي موجات الحرارة، دعت فعاليات من المجتمع المدني إلى الاحتجاج أمام مقر الإدارة المعنية بالماء الشروب، حيث ردّد المحتجون شعارات “علاش جينا واحتجّينا..على شريبة اللي بغينا”، و”غادي تشعل غادي تشعل.. يا مسؤول دير شي حل”، و”يا مسؤول كون معقول..الساكنة باغا حلول”، و”خريبكة يا نوارة..خرجو عليك الشفارة”، و”فيق يا مسؤول..بالجدية والمعقول”، و”يا مسؤول مالك مخلوع..الماء باقي مقطوع”.
وأوضح البيان الاستنكاري الداعي إلى الاحتجاج أن أزيد من 41 جمعية وقعت على بيان استنكاري سابق من أجل التنديد بـ”الانقطاعات المتكررة للماء الشروب”، و”تغير لون ومذاق ورائحة الماء التي تطرح علامات الاستفهام”، و”السلوك غير الحضاري من طرف إدارة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب-قطاع الماء، المتمثل في عدم تفعيل قنوات الاتصال والتواصل مع الساكنة”، و”الاستهتار في تدبير قطاع الماء باعتباره مادة حيوية، الذي يشهد انقطاعات متكررة في وقت تزداد الحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى”.
وورد ضمن البيان أن فعاليات المجتمع المدني “تستهجن الأسلوب الذي ينهجه المكتب الوطني بخريبكة في تدبير القطاع، والذي يفرض مبالغ مجحفة في حق المواطنين، واللجوء إلى سياسة التهديد بفرض غرامات تزيد من عبء الأسر المغلوب على أمرها، دون الوفاء بالتزاماته المتمثلة في تقديم خدمات يومية بجودة عالية”، داعية إياه إلى “تجويد خدماته المقدمة إلى ساكنة خريبكة، ومراعاة أوضاعها وظروفها الاجتماعية والاقتصادية باعتبار الماء مادة حيوية”.
مطالب استعجالية
طالب المحتجون المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب-قطاع الماء بـ”الوفاء بالتزاماته التعاقدية بينه وبين كافة ساكنة المدينة والنواحي التي تتوفر على عقدة الاشتراك”، شاجبين “النقص الملحوظ في جودة الماء الصالح للشرب من حيث الطعم واللون والرائحة”، محملين المكتب “كامل مسؤولياته الوطنية والقانونية والأخلاقية باتخاذ التدابير اللازمة لحل هذه المشاكل بصفة تامة ونهائية”.
ودعا الموقعون على البيان إلى “عقد يوم دراسي حول الماء الصالح للشرب تحت إشراف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب-قطاع الماء، وذلك بمشاركة ودعوة جميع الفعاليات والمؤسسات والهيئات التي لها علاقة بالموضوع”، حاثين في الوقت ذاته “كافة منتخبي خريبكة لتفعيل دورهم الترافعي على قضايا المواطنين أمام المؤسسات والهيئات الحكومية والقطاعية والمنتخبة، وعلى رأسها القضية الراهنة المتعلقة بالماء الصالح للشرب”.
وبالإضافة إلى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، دعا البيان وزير التجهيز والماء وعامل إقليم خريبكة إلى “التدخل العاجل من أجل إيجاد حلول عملية وملموسة وواقعية وعاجلة تضمن حق استفادة الساكنة من خدمة الماء الصالح للشرب وتصون كرامتها”، مشيرا إلى أن “فعاليات المجتمع المدني تحتفظ لنفسها بالدفاع على حقوقها الدستورية المشروعة وفق برنامج ترافعي محكم”.
توضيحات مسؤولة
استقبلت مصالح المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ممثلين عن وسائل الإعلام والمجتمع المدني، ضمن زيارة ميدانية إلى سد آيت مسعود، وأكّدت أن “المكتب الوطني يبذل مجهودات جبارة لتوفير حاجيات الإقليم اليومية من الماء الشروب (430 لترا في الثانية)، رغم تراجع نسبة المياه الجوفية بسبب تعاقب ست سنوات من الجفاف، الأمر الذي يبرر غياب الاحتياطي بالخزانات نتيجة تقارب الإنتاج مع الاستهلاك، وبالتالي تأثر الساكنة من أي انقطاع للماء، سواء كان مخططا لإجراء الإصلاحات أو مفاجئا نتيجة عاصفة رعدية أو انقطاع التيار الكهربائي…”.
وذكر المسؤولون أن “عملية توزيع المياه الصالحة للشرب على الدوائر الثلاث بالإقليم من محطة سد آيت مسعود، تتم عبر مساهمة مائية من الفقيه بن صالح بالنسبة لدائرة خريبكة، وأخرى من آبار أولاد يوسف وعين قيشر بالنسبة لدائرة وادي زم، وثالثة من آبار أولاد يعقوب بالنسبة لدائرة أبي الجعد، وذلك لسد الخصاص الحاصل في التزود بالماء الشروب، مع التأكيد على استحواذ دائرة خريبكة على ‘حصة الأسد’ من الإنتاج اليومي، الأمر الذي لا يسمح بتخزين كمية من الماء لاستغلالها في حالة الطوارئ”.
وعن جودة المياه، أشار تقرير حول الزيارة إلى أن “المختصين التقنيين والكميائيين بالمحطة أكدوا أن المياه الموجهة للاستهلاك صالحة للشرب وتخضع عمليات معالجتها انطلاقا من سد آيت مسعود للمعايير الدولية والوطنية، وأن عدم استساغة مذاقها أمر عادي نتيجة تعود السكان على شرب مياه جوفية قادمة من الفقيه بنصالح، وهي صالحة للشرب ولا تأثير لها على صحة المستهلك”، منبها إلى أن “اللون الأبيض الذي يظهر على مياه الصنابير ناتج عن الضغط بحكم قوة الضخ من محطة السد نحو خريبكة، ويختفي بعد ثوان من استقرار الماء”.
تحذيرات وتوصيات
حذّر المسؤولون من “خطورة اللجوء إلى الآبار من أجل التزود بالماء الصالح للشرب، بسبب احتوائها على بكتيريا ضارة تهدد صحة المستهلك، خاصة الأطفال ذوي المناعة الضعيفة”، و”خطورة المياه التي تخضع للفلترة، حيث تتحول إلى مياه غير صالحة للشرب بسبب فقدانها لمكوناتها المعدنية التي يحتاجها جسم الإنسان”.
ولتجاوز الانقطاع المتكرر للماء الشروب عن إقليم خريبكة، أكد التقرير أن “المكتب الوطني للماء تبنى مقاربة استباقية، شرع في تنزيلها منذ 2015، غرضها تعويض النقص الحاصل في الإنتاج، وضمان احتياطي مائي بالخزانات يغطي حاجيات الساكنة اليومية في حالة وجود أي طارئ، وهو ما وقع في الأسبوع المنصرم بسبب اضطرابات جوية، حيث يتوقع مضاعفة القدرة الإنتاجية للمحطة لتبلغ 930 لترا في الثانية بداية من شهر أكتوبر 2023، الذي يوازي نهاية البرنامج”.
وخلصت الزيارة الميدانية إلى بسط مجموعة من التوصيات، من بينها “تجويد خدمات المكتب الوطني للماء”، و”الالتزام بمضاعفة القدرة الإنتاجية شهر أكتوبر المقبل”، و”تبني مقاربة تشاركية قوامها التواصل الفعال مع الساكنة ووسائل الإعلام”، و”تحسيس الساكنة بضرورة ترشيد الاستهلاك اليومي للماء الصالح للشرب”، و”تشييد المزيد من محطات معالجة المياه العادمة لاستغلالها في السقي والصناعة”، و”توسيع الاستفادة من تحويل مياه وادي سبو لتشمل إقليم خريبكة خاصة والمنطقة عامة”، و”تنظيم يوم دراسي لمقاربة معضلة الماء الصالح للشرب بالمنطقة”.
المصدر: وكالات