“إن حاجة ألمانيا إلى سلاسل قيمة أكثر مرونة وفعالية، ستقود الشركات الصناعية الألمانية إلى الاستقرار بالمملكة المغربية”، هذه كانت خلاصة تقرير جديد لـ”المعهد المغربي لتحليل السياسات”.
التقرير، المعنون بـ”تعزيز الشراكة الألمانية المغربية.. مرونة سلاسل الإمداد هي العامل المحرك”، بيّن أن “العلاقات الاقتصادية بين الرباط وبرلين لم تتأثر بأزمة 2021 التي عرفت موقفا ضبابيا لألمانيا من قضية الصحراء المغربية؛ بل حافظت برلين على إبقاء حضورها الاقتصادي حيا في المملكة، خاصة أن سلسلة الإمداد العالمية عرفت تآكلا خلال تلك الفترة”.
المصدر ذاته كشف أن “هاته الوضعية دفعت الدول الأوروبية، في مقدمتها ألمانيا، إلى العمل على إنشاء منشآت صناعية بالمغرب، بهدف تقريب المصادر والمواد المصنعة من الأسواق الأوروبية عوض الأسيوية البعيدة؛ الأمر الذي نتج عنه مناخ أعمال مغربي تنافسي ومناسب لجل أصناف المقاولات الصناعية”.
صناعة السيارات هي “كلمة السر” في تزايد التنسيق الاقتصادي بين برلين والرباط، إذ كشف التقرير عينه أن “منتجات السيارات، سواء المركبات أو أجزاء السيارات، هي أكبر فئة من الصادرات المغربية نحو ألمانيا، والتي تصل إلى ما معدله 21 في المائة”، مشيرا إلى أن “قطاع صناعة السيارات بالمملكة في تسارع متواصل؛ ما يجعل جل الشركات العالمية في هذا المجال في فتح مصانع لها”.
الكوبالت والأزمة الأوكرانية وسياسة التعهيد الهندسي
لفت المعهد المغربي لتحليل السياسات إلى أن “الأزمة بأوكرانيا جعلت مصانع أسلاك السيارات هناك عاجزة عن الإنتاج مجددا؛ الأمر الذي أعاد إلى أذهان كبار الفاعلين العالميين في قطاع السيارات الدور الكبير للمغرب في سلسلة الإمداد المرتبطة بالسيارات، إذ سارعت الشركات الألمانية إلى فتح مصانع جديدة لأسلاك السيارات بالمغرب؛ في مقدمتها شركة “ليوني” الألمانية الرائدة عالميا في تصنيع الأسلاك والكابلات وأنظمة الأسلاك”.
الأمر الآخر الذي يجعل المغرب وجهة شركات تصنيع السيارات الألمانية هو “معدن الكوبالت”؛ فباحتلاله للمرتبة الـ11 عالميا من حيث الاحتياطي، والرتبة الـ13 من حيث صادرات معدن الكوبالت، يرتقب أن تسارع الشركات الألمانية للاستفادة من ذلك كمثال شركة “أوبل” الألمانية لصناعة السيارات الكهربائية، وكذا العملاق الألماني “بي إم دابليو””، أورد التقرير”.
“إلى جانب كل هذا، أبرز المصدر ذاته، أن “المغرب يعتمد أيضا سياسة “التعهيد الهندسي”؛ وهي الاستراتيجية التي تحضر فيها ألمانيا بقوة، إذ تم تطوير طراز سيارة “أوبل” الجديد من السيارات الكهربائية ذات المقعدين، داخل المركز التقني الأفريقي “ستيلانيس” في الدار البيضاء، وهو مركز بحث وتطوير للتصميم والهندسة أسسته مجموعة PSA”.
وأكد تقرير المعهد أن “الشركات الألمانية تعد المستفيد الأكبر من مراكز التعهيد الهندسي المغربية، والتي يصل عددها إلى خمسة، في كل من الدار البيضاء والرباط وطنجة وفاس ووجدة، وهو القطاع الذي من المتوقع أن ينمو بنسبة 23 في المائة بمعدل نمو سنوي مركب حتى سنة 2025”.
وخلص المصدر إلى أن “هاته السياسة ساهمت أيضا في تعميق العلاقات بين الشركات المغربية والألمانية، حيث دمجت “بيرتلسمان” الألمانية و”سهام” المغربية في سنة 2018 مؤسستيهما لتأسيس شركة “ماجوريل“، التي أصبحت رائدة في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا”.
المصدر: وكالات