أشعرت فعاليات مدنية تشتغل على حماية الطيور بالمغرب هسبريس بأن هناك “عمليات منتشرة للقنص العشوائي في حق الطيور، لا سيما البط، في هذه الفترة التي تعد حيوية وحاسمة في مسار استمرار بعض أنواع الطيور المهددة بالانقراض، التي صارت تتناقص بشكل كبير ولم يعد وجودها بالمغرب ملحوظا مثل السنوات الفارطة”، فيما اعتبرت جهات رسمية أن “هذه الفترة تشكل بداية توالد مجموعة من الطيور، إلا أن المخالفين للقانون لا يهتمون بهذه الاعتبارات”.
في هذا الصدد، قالت رحيمو الحمومي، رئيسة مجموعة البحث من أجل حماية الطيور بالمغرب، إن “القنص العشوائي في هذه الفترة يتهدد البط بالتحديد، لا سيما في المناطق الرطبة التي تعتبر محميات، أي التي يمنع فيها القنص بصفة دائمة”، مؤكدة أن “فرقا من المجموعة المدنية المذكورة نزلت إلى الميدان لإجراء الإحصاء الشتوي السنوي، فرصدت عمليات الإجهاز الجارية ضد الطيور بدون الأخذ بعين الاعتبار عواقبها الوخيمة، لا سيما وأن نتائجها على الطيور مباشرة وغير مباشرة”.
وأبرزت الحمومي، في تصريح لهسبريس، أن “الفعاليات النشطة في حماية التنوع البيولوجي وفي حماية الطيور نددت مرارا بخطر هذا القنص الجائر على التوازنات البيئية وعلى التنوع البيولوجي، لكون العديد من الطيور تحتاج لتوفر بعضها لتستمر في التوالد، لا سيما بعض الأنواع كالحسون الذي هو مهدد طيلة السنة”، مسجلة وجود أصناف ضمن البط الذي يتم قنصه عشوائيا مهددة بالانقراض، مثل “الحذف الرخامي”، داعية إلى بذل جهود مضاعفة كجهات رسمية وكفعاليات مدنية.
وقالت إن هذه الفترة “فترة توالد بعض الطيور. يتعين إيقاف القنص العشوائي في هذه الفترة من السنة حيث يرتفع استهداف البط والطيور المهاجرة”، مؤكدة أن “أعضاء الجمعية مستعدون للعمل مع الجامعة الملكية المغربية للقنص من أجل تعزيز قدرات الصيادين في التعرف على الطيور”، محذرة من “مطبات تناقص يمكن أن يسببه هذا القنص في أعداد بعض الأنواع التي تعد مهمة في الحياة البرية بشكل عام”.
وذكرت الفاعلة المدنية بـ”التزام أخلاقيات القنص والابتعاد عن الضرر الذي يلحق بالطيور التي تضطر لمغادرة فضاءاتها بسبب أصوات الرصاص المخيفة والمزعجة”، وقالت: “يجب على القناصين احترام القوانين الجاري بها العمل، خاصة القرار السنوي للقنص بالمغرب المنظم لفترات افتتاح وانتهاء فتراته والنظام الخاص به، والالتزام بالمعايير المبدئية التي يجب اتباعها حتى في حالة عدم وجود قوانين”.
من جانبه، قال محمد السعيدي، رئيس قسم القنص وتدبير الوحيش بالوكالة الوطنية للمياه والغابات، إن “القنص الجائر الذي يستهدف الطيور بالمغرب يشكل ظاهرة عالمية منتشرة يصعب ضبطها وتدبيرها بطريقة كلاسيكية، لكن بلادنا تواصل جهودها لحماية الطيور من هذا القنص، خصوصا تلك المهددة بالانقراض”، موضحا أن تحديد الأنواع الممكن قنصها “يتم تبعا لشروط جد دقيقة، منها مراعاة فترة التوالد لعدم التشويش على استمرارها، وأيضا عنصر الهجرة، ومسائل تقنية من قبيل العطل، إلخ”.
وأبرز السعيدي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “السلطات تقوم بتكثيف المراقبة لاحترام القوانين المنظمة لعملية القنص وضمان احترام المعايير المعمول بها”، منبها إلى أن “المغرب يعتبر من بين الدول التي لديها ترسانة جد متطورة لحماية الحياة البرية من الاعتداء، بما فيها القنص أو الصيد الجائران، وهناك عقوبات مالية باهظة وكذلك عقوبات حبسية قد تصل إلى ثلاث سنوات لمحاصرة أي مساس ممكن بالمعايير التي نسطرها لحماية الحياة البرية”.
وأشار المسؤول بالوكالة الوطنية للمياه والغابات إلى أن “القنص العشوائي موجود على أرض الواقع والمقاربة الأمنية الزجرية وحدها لا تستطيع ردعه، خصوصا أنه يتم في إطار سري وفي مناطق نائية يصعب الحصول على معطيات بشأنه ونوعية الطيور التي يستهدفها بالتحديد”، مسجلا وجود “مقاربات أخرى إلى جانب الزجر، منها استغلال فضاءات القنص وتأجيرها للقناصين الذين لديهم رخص لممارسة هذا الشغف، وكذلك إشراك القناصين أيضا على مراقبة القنص العشوائي وتأهيلهم من خلال منح اعتمادات لهذا الغرض”.
وختم السعيدي قائلا: “خلال شهر يناير تبتدئ فترة التوالد الخاصة بمجموعة من الطيور، لكن المخالفين يتجاوزون هذه الاعتبارات ويواصلون عملهم غير القانوني وغير الأخلاقي. لذلك، الأمر يحتاج أيضا إلى توعية وإلى تحسيس للتذكير بأهمية التوازنات البيئية وضمان استمرار أنواع مختلفة من الطيور”، خالصا إلى أن “المجهودات المبذولة تراعي محاصرة هذا القنص. ولهذا، تم الاشتغال على جبهات مختلفة”.
المصدر: وكالات