تواصل القناة الثانية بشكل يومي عرض مجموعة من الإنتاجات التركية المدبلجة إلى الدارجة المغربية، رغم الانتقادات التي تطالها، والمطالب بتعويضها بالإنتاجات الوطنية من مسلسلات درامية وكوميدية.
أقل كلفة من المغربية
كشف مصدر خاص، في تصريح لهسبريس، أن الإنتاجات التركية المدبلجة إلى اللهجة المغربية الدارجة تبلغ كلفتها الإجمالية مبالغ مهمة، لكنها تبقى أقل تكلفة مقارنة بالمسلسلات الدرامية المغربية، بالرغم من أن هذه الأخيرة تطورت بشكل ملفت في السنوات القليلة الماضية، وأصبحت تستقطب نسبة مشاهدة مهمة على طول السنة وليس ضمن السباق الرمضاني فقط.
المصدر ذاته أضاف أن المسلسلات التركية تبقى الخيار المفضل بالنسبة للقناة الثانية من أجل ضمها في برمجتها، خاصة أن هذه المسلسلات يكون عدد حلقاتها كثيرا ويتجاوز المائة حلقة مقارنة بنظيرتها المغربية.
القنوات المغربية تستفيد ماديا
من جهته، قال الناقد الفني فؤاد زريوق: “مما لا شك فيه أن المسلسلات التركية المدبلجة في القنوات المغربية تحظى بمشاهدات عالية، لكن هذا الإقبال الكبير عليها له بكل تأكيد تأثير سلبي على خصوصياتنا الاجتماعية والثقافية. والتأثير الأكبر يبقى في تدمير ما تبقى من ذائقتنا الفنية، التي تشوهت بفعل التصحر الفني الذي تعاني منه أعمالنا الدرامية أصلا، وها هي المسلسلات التركية اقتحمت بيوتنا منذ زمان لتقضي على ما تبقى من هذه الذائقة”.
وتابع المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “القنوات المغربية تستفيد ماديا من جلب واستيراد أعمال تركية رخيصة تؤثث بها برامجها، لكن تبقى هذه الأعمال دون قيمة فنية تذكر”، مشيرا إلى أنه شاهد بعض الحلقات التي تعرض الآن على القناة الثانية فهاله المستوى الفني والتقني المتدني الذي تتميز به هذه المسلسلات: قصة رَكِيكة، سيناريو مفكك، رومانسية مبتذلة، تصوير رديء جدا، غياب الرؤية الإخراجية، دبلجة سخيفة، تشخيص بئيس. وأضاف أن “كل العناصر التي تكوّن أي عمل فني محترم غائبة ومفقودة في هذه المسلسلات، وهذا ما يطرح علامات الاستفهام حول إصرار هذه القنوات على الاستمرار في عرضها. وكما قلت، فالإقبال الذي تعرفه هذه المسلسلات ليس لكونها ذات قيمة فنية عالية، بل لأنه لا بديل لها في قنواتنا، فإذا استبدلت بأعمال من دول أخرى فأكيد سيكون لديها الإقبال نفسه وأكثر، فكل ما يقدم للمتلقي المغربي يستهلكه لأنه لا بديل لديه”.
وتابع قائلا: “صحيح أن هناك مئات القنوات الفضائية، لكن أغلب المغاربة يحبون أن يتابعوا المنتوج الوطني كيفما كانت قيمته لأنه يعبر عن هويتهم، أو منتوجا آخر أقرب إليهم فقط لأنه دبلج إلى لهجتهم. لكن بغض النظر عن التقريب الممنهج لهذه الأعمال من الجمهور عبر دبلجتها إلى لهجة مفهومة، سورية كانت أو مغربية، رغم تدني مستواها الفني وانحطاطه، فلا بد أن نصفق لصناعها لكونهم أثبتوا نجاحهم وقدرتهم على قراءة السوق العربية، بما فيها المغربية، إذ استغلوا عناصر أخرى، نفسية أكثر منها إبداعية، كإشباع حاجيات المُشاهد عبر حقنه مؤقتا بجرعات رومانسية وعاطفية يفتقدها أو مكبوتة داخله، كما يوظفون ممثلين وممثلات بقدر من الوسامة الجاذبة للمراهقين خصوصا، وكذا التبحر في الطبيعة التركية وعرض جمالها. وهذه العناصر، التي نفتقدها في أعمالنا الوطنية والعربية، رغم بساطتها تبهر المتلقي وتجعله يعيش في عالم وهمي خيالي مواز يعوضه عن عالمه الواقعي الذي يحرم فيه من هذه الأشياء. يبقى فقط أن نذكر بأن هذا لا يعني أن الدراما التركية بهذا السوء، إذ علينا أن نعرف أن هناك أعمالا موجهة إلى السوق العربية رخيصة جدا، وهي ما نشاهده على قنواتنا الوطنية والعربية، فيما هناك أعمال أخرى في منتهى الإبداع، لكنها لا تصلنا وتعرض محليا في تركيا، وتصدر إلى قنوات تلفزية أجنبية تحترم جمهورها.”
مكلفة تحظى بالمتابعة
من جهتها، قالت سناء الحكيم، صحافية مغربية مقيمة بتركيا ومهتمة بالشأن الفني، إنه “في بداية دبلجة المسلسلات التركية وعرضها على القناة الثانية كانت هذه الأخيرة تشتري حقوق توزيع أعمال تنتجها القنوات التركية الرسمية ولا تعتمد على نسب المشاهدة لكي تستمر في بث حلقاتها. لكنها حاليا أضحت تعتمد استراتيجية أخرى تكمن في تجلب مسلسلات تركية نجحت في تركيا قبل ثلاث أو أربع سنوات مثل “حب أبيض وأسود”، الذي عرض سنة 2016 بتركيا وعرضته القناة سنة 2021، أي بعد مرور وقت طويل؛ عكس قناة “إم بي سي 4″، التي تعرض المسلسل تزامنا مع فترة عرضه في بلاده الأصلية”.
وعن كلفة دبلجة المسلسلات الدرامية التركية، أوضحت الصحافية المغربية، في تصريح لهسبريس، أن هذه العملية بدورها لا تتم بمبالغ بخسة لأنها تمر عبر مراحل ومجموعة من الإجراءات قبل أن تتم دبلجتها، مضيفة أن هذا النوع من الإنتاجات يستقطب نسب مشاهدة مهمة لأنه يستمر مدة طويلة ويحظى بمتابعة كبيرة لأن حلقاته تعرض بشكل يومي.
وتابعت أن “بعض المسلسلات التي يتم عرضها بالمغرب، بالرغم من كونها لم تحقق صدى في تركيا، تكون أعمالا موجهة للتوزيع بالخارج مثل مسلسل “سامحيني”، الذي تم بيعه لعدة دول، لذلك استمر عرضه عدة مواسم لأنه لم يعتمد على نسب المشاهدة”.
وأردفت أن “الدراما التركية اليوم لا تزال تحظى بإقبال الجمهور العربي، ولكن ليس كلها لأنه أصبح هناك زخم في الإنتاج، ففي الموسم الواحد يمكن إنتاج أزيد من عشرين عملا تنجح منها ثلاثة أو أربعة فقط، تقوم القناة المغربية بشراء حقوق توزيعها بعد مرور سنوات على العرض الأول”.
المصدر: وكالات