أصدرت المحكمة الابتدائية الإدارية بالجديدة حكما ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في شخص الوزير، بتسوية الوضعية الإدارية والمالية لأستاذ سابق للتعليم الابتدائي، بصرف أجرته طيلة قرابة ست سنوات، وتسوية وضعيته المعاشية منذ ثلاث سنوات، مع التنفيذ المعجّل.
وأكد الحكم الحديث أن استفادة الأستاذ المدعي من رخصة مرضية متوسطة الأمد، مع عدم ثبوت تحريك الجهة المدعى عليها أي مسطرة تأديبية أو اتخاذ جزاء تأديبي في حقه، تجعل توقف هذه الجهة عن صرف أجرته الوظيفية “أمرا غير مبرر”.
وقضى الحكم، على الجهتين سالفتي الذكر، بصرف أجرة الأستاذ المعني ابتداء من 2015/12/03 إلى غاية 2021/08/31، وتسوية وضعيته المعاشية تجاه الصندوق المغربي للتقاعد، ابتداء من 2021/09/01، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك، وشمول الحكم بالتنفيذ المعجل، مع تحميل الجهة المدعى عليها المصاريف.
تفاصيل القضية
كان الأستاذ المعني عرض في المقال الافتتاحي للدعوى أنه كان يعمل موظفا عموميا كأستاذ للتعليم الابتدائي، وأن الإدارة المشغلة توقفت عن صرف راتبه الشهري منذ 2015/12/03 “دون وجه حق”، رغم استمراره في أداء مهامه إلى غاية إحالته على التقاعد بتاريخ 2021/09/01.
كما دفع صاحب الدعوى بأنه منذ تاريخ إحالته هاته لم يتوصل بمعاشه التقاعدي رغم مرور أزيد من ثلاث سنوات على تاريخ الإحالة، ما ألحق به ضررا ماديا ومعنويا جسيماً، وهو “ما يعد خرقا لحق الموظف في المعاش”.
وأوضحت المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بالدريوش، في مذكرتها الجوابية، أن المعني انقطع عن عمله بتاريخ 2014/01/06، وتمّ توجيه إنذار باستئناف العمل إليه في الشهر ذاته، كما وجهت إليه عدة إشعارات قصد الإدلاء بأصل الشهادات الطبية التي من شأنها تبرير تغيبه، خلال فترتين منفصلتين، في سنتي 2014 و2015، “دون أن يتجاوب”.
كما دفعت المديرية ذاتها بعدم استحقاق المدعي الأجر “لانعدام العمل الفعلي أو الوضعية القانونية، إذ لم يكن يزاول أي مهام خلال الفترة موضوع المطالبة، ولم يكن يتمتع بأي رخصة قانونية أو سند إداري يبرر انقطاعه، وبذلك فإنه لا يستحق الأجر عن فترة الانقطاع الممتدة من 2015/12/03 إلى غاية 2021/08/31”.
دفع “غير مبرر”
واعتبرت المحكمة “الدفع بترك الوظيفة، عملا بالفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، غير مؤسس، على اعتبار أن الإدارة نفسها سلمته شواهد تثبت استئنافه العمل بعد عودته من رخصة متوسطة الأمد، وجميع الشواهد الإدارية المسلمة من قبلها تفيد بأنه استأنف عمله بتاريخ 2015/12/03، ولم يسجل في حقه أي انقطاع إلى أن أحيل على التقاعد بتاريخ 2021/08/31”.
وأضافت هيئة الحكم بخصوص “الدفع بعدم استحقاق الأجر لانعدام العمل الفعلي أو الوضعية القانونية” أنه “يناقض الوثائق المدلى بها ويناقض أيضا جدول الرخص المرضية المدلى بها من قبل الإدارة نفسها، والأمر نفسه ينطبق على الدفع بعدم استحقاق المعاش إلا عن فترة الخدمة الفعلية المؤدى عنها، ما دام أنه استمر في أداء مهامه من تاريخ 2015/12/03 إلى غاية إحالته على التقاعد بتاريخ 2021/08/31”.
وأوضحت المحكمة ذاتها أن “استفادة المدعي من رخصة مرضية متوسطة الأمد لا تحول دون أحقيته في الاستفادة من راتبه الشهري”، وزادت مستدركة: “بيد أنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 43 مكرر من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر بتاريخ 1958/02/24 بشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية نجدها تنص على تقاضي الموظف طوال السنتين الأولى والثانية من الرخصة المذكورة مجموع أجرته، وتخفض هذه الأجرة إلى النصف في السنة الثالثة”.
لذلك رأت هيئة الحكم أن توقف الجهة المدعى عليها عن صرف أجرة المعني الوظيفية “أمر غير مبرر؛ ولا سيما أن المدعي لم يكن البتة محل أي مساءلة تأديبية ولم تحرك في مواجهته أي مسطرة تأديبية، ولم يوقع في حقه أي جزاء تأديبي من طرف السلطة التي لها حق التسمية، ولم يعتبر في حكم المؤاخذ بترك الوظيفة خلافاً لما أثير في معرض جواب المديرية الإقليمية للتربية والتكوين بالدريوش”.
وبخصوص طلب صرف المعاش المستحق بدءًا من تاريخ 2021/09/01 أوضحت المحكمة أن الوزارة المعنية “لم تدل بما يفيد مراسلة الهيئة المكلفة بالتقاعد، أمام إحجامها عن صرف مرتب المدعي الشهري لما يزيد عن خمس سنوات، الذي يعني بالتبعية عدم أداء واجبات الاشتراك لحساب صندوق التقاعد، ودون التدليل بمقبول عن الأسباب والدواعي التي كان وراء هذا الامتناع”
وتابعت الهيئة ذاتها: “بذلك يكون الطلب وجيهاً، وتتعين الاستجابة له، والحكم على الوزارة المدعى عليها بتسوية وضعية المدعي تجاه الصندوق المغربي للتقاعد”.
المصدر: وكالات
