استحضر الناقد المغربي إدريس القري أهم المراحل التي مرت منها السينما المغربية، منذ خمسينيات القرن الماضي؛ بدءا بالرواد والجيل الذي أسهم في دعم التأسيس، مشيرا إلى المرحلة التي بدأ الفيلم المغربي يأخذ فيها نفسا طريا ومحفزا مع جيل حمل تصورا جديدا للسينما.
وتطرق إدريس القري، في مقال له بعنوان “السينما المغربية ومسار التحديث”، إلى أدوار ووظائف السينما المغربية وتحيين وتقوية رافعتها في التحديث، مؤكدا أن “البنيات التحتية شرط الوجود والمنافسة المنتجة” وأن “الطريق معبدة بعبقرية الشباب ورصيد الرواد”، قبل أن يتطرق لثالوث السينما والتكوين والتربية، ومغرب التحديات والثقافة المتميزة والطاقات الخلاقة.
نص المقال:
الرواد وتأسيس السينما المغربية
مجهود لا ينسى قام به السينمائيون الرواد بالمملكة المغربية لتأسيس كيان فيلم مغربي منذ خمسينيات القرن الماضي. انطلق النضال بصاحب فيلم “الكنز المرصود” العصامي محمد عصفور. تواصل العمل، بضع سنوات بعد ذلك، مع رعيل حصل على تكوين كامل ببولونيا والاتحاد السوفييتي سابقا وفرنسا وإيطاليا؛ ومنهم لطيف لحلو ومحمد عبد الرحمان التازي وعبد الله با يحيى وفريدة بليزيد وأحمد البوعناني وفريدة بورقية وسهيل بنبركة والأخوان مصطفى وعبد الكريم الدرقاوي وحميد بناني ومحمد الركاب ومجيد الرشيش وغيرهم. استمرت تجربة الرواد حتى مطلع الثمانينيات وكانت حصيلتها أفلام قصيرة وطويلة ووثائقية، حملت مسؤولية النضال السوسيولوجي ومعنى الالتزام السياسي وعمق سينما المؤلف. هكذا، ولدت أفلام مثل: “شمس الربيع” للطيف لحلو، و”612/” لمحمد عبد الرحمان التازي ومجيد الرشيش، و”وشمة” لحميد بناني و”رماد الزريبة” لمحمد الركاب وعبد القادر لقطع، و”السراب” لأحمد البوعناني، و”حلاق درب الفقراء” لمحمد الركاب، و”سين أكفاي” للطيف لحلو.
ورغم كل صعوبات البداية، كانت لهذه الأفلام أدوار ووظائف فعالة لدى المثقفين والطلبة وعشاق السينما. وقد كان للأندية السينمائية، المنضوية تحت لواء الجامعة الوطنية لنوادي السينما القوية بحوالي 50.000 منخرط في السبعينيات، دور مشهود في التعريف بالفيلم المغربي.
كان كل ذلك الصخب يتم في خضم النقاشات الجمالية والقيمية والأخلاقية النقدية، التي كانت تغشاها في الغالب إيديولوجيات سيادة اليسار وطروحاته، والماركسية وجاذبيتها، والبنيوية وسحر مصطلحاتها، ودراسات التراث الإبيستيمولوجية مع أركون والجابري والعروي وغيرهم، وقوة اليسار المغربي والعربي وقومجيته ونقده اللاذع للاستشراق الكولونيالي وامتداداته.
كان لعشق السينما يومها ارتباط قوي بالدرس الفلسفي المبهر بانغماسه في قيم العدالة والحرية والإنسانية، تحت يافطة يسار راديكالي يلح على معركة التنمية والديمقراطية، دون وعي عميق بإكراهات بناء الدولة في ظل امتدادات الاستعمار وذيوله، بأساليب متجذرة في بنيات الثقافات والإيديولوجيات والاقتصاد والتجارة العالميين.
للأسف، حال عدم توزيع الفيلم المغربي على عموم المواطنين، في ظل توفر المغرب آنذاك على أكثر من 230 قاعة سينما، دون قيام هذه الأفلام بوظيفتها التربوية والذوقية والتنشئوية الحيوية. كنا نسمع في تلك المرحلة أن الموزع كان يشترط نطق الفيلم المغربي بالفرنسية لقبول توزيعه، علاوة على شروط أخرى زكاها الضعف التقني للفيلم المغربي آنذاك.
جيل دعم التأسيس
مجموعة من أفلام – باديس لمحمد عبد الرحمان التازي، عنوان مؤقت وأيام شهرزاد الجميلة لمصطفى الدرقاوي، أموك وعرس الدم لسهيل بنبركة، نساء ونساء وأيام من حياة عادية لسعد الشرايبي، شاطئ الأطفال الضائعين للجيلالي فرحاتي، الشركي أو الصمت العنيف وقفطان الحب لمومن السميحي، وليام أليام والحال لأحمد المعنوني وغيرها. كانت أغلب أفلام هذه الفترة مطبوعة بمفارقة القوة والضعف بشكل بارز، أفلام بطابع المغامرة في الإنتاج، وبهاجس المثقف والمؤلف في الكتابة السينمائية والدرامية والإخراج؛ ولكنها أيضا أفلام، ليس كلها طبعا، تعاني من نقائص تقنية لربما تعود إلى مرحلة “الممارسة العملية النادرة حيث كان السينمائي المغربي يخرج فيلما خلال سنوات. اقترنت مسيرة السينمائيين المغاربة خلال الثمانينيات والتسعينيات، من جهة أخرى، بظهور أولى صيغ دعم الإنتاج وهو ما حقق نقلة نوعية في صناعة الفيلم المغربي وتطور السينما المغربية عموما ببطء وعلى مراحل.
النفس الطري والإقلاع البطيء
مع مطلع التسعينيات، أخذ الفيلم المغربي نفسا طريا ومحفزا مع جيل حمل تصورا جديدا للسينما يحاول محاكاة مخرجين كبار وتيارات أورو-أمريكية متعددة. يتعلق الأمر بنور الدين الخماري وهشام العسري ونبيل عيوش ونرجس النجار وفوزي بنسعيدي وكمال بنعبيد وداوود أولاد السيد.
اقترن هذا النفس المجدد بتفاقم تناقص متسارع وقاس لشبكة القاعات السينمائية – من 247 قاعة سنة 1987 إلى 31 قاعة سنة 2019 – التي اختفت بين هدم وإهمال وإفلاس. سجل في تلك الفترة غياب وصمت رهيب من الجهات الخاصة والعمومية للسلطات الوصية عن حماية، على الأقل، قاعات شكلت إرثا معماريا – الريجان بمكناس – وفضاء سينمائيا، اعتبر جزءا من الذاكرة الفنية وذاكرة عشق السينما وثقافة المجتمع المغربي – سينما لامبير بمكناس أيضا -، بمدن عريقة مثل مكناس وفاس والدار البيضاء والرباط ومراكش ومنها قاعات المونديال والزهراء ومبروكة وأبولو والأطلس والريجان ولانكس والريف ومرحبا وشهرزاد إلخ. تعالت أصوات تنبه إلى فداحة ضياع سيتطلب تعويضه جهدا كبيرا وقرارا سياسيا شجاعا وحضاريا، فلم تلق أي آذان صاغية. كانت الأولويات في السياسات العمومية وفي استراتيجياتها البنيوية لا تلقي بابلا للسينما وللثقافة عموما، أو أنها كانت تضعها في سلم أدنى لاحق لإنجازات “أهم” وأحق في سلم بناء جولة القوة الاقتصادية والعسكرية والأمنية والدبلوماسية والصحية والغذائية والاجتماعية.
أدوار ووظائف السينما المغربية
يعد تطوير البنية التحتية للصناعة السينمائية والمؤسسات التي تدبر تسييرها ضرورة ملحة، في سياق كون المغرب اليوم قوة اقتصادية وسياسية صاعدة في إفريقيا. تنبع هذه الضرورة من مطلب أن تصبح السينما المغربية رافعة دبلوماسية فعالة وآلية وطنية، تساهم بفعالية في التكوين والترفيه وفي تعزيز مشاعر المواطنة واستيعاب متغيراتها الثقافية في ظل ثقافة الصورة والتواصل الجماهيري المهيمنة. فمع تقدم المغرب على المسرح الإقليمي والقاري والعالمي، يمكن لسياسات سينمائية ملائمة المساهمة بشكل كبير في آليات القوة الناعمة للدولة، وفي قوة التأثير الثقافي، والدبلوماسية الموازية الناجعة على صورة المملكة في الداخل وفي الخارج.
لا تقف وظائف السينما في الدبلوماسية الموازية؛ بل تتعداها وأساسا إلى التربية والتنشئة والتوجيه والتخصيب والإغناء، عندما يتعلق الأمر بتأثيرها على المشهد المغربي. فالسينما تثير نقاشات دائمة عكس التلفزيون متوسط التأثير، وفضاءات الإنترنت المبهرة؛ ولكن العابرة بلمح الشعاع الضوء الذي تستخدمه. مناقشة الأصدقاء أو أفراد الأسرة أو الطلبة لفيلم سينمائي تكون أعمق وأرسخ وأغنى من مناقشة منتوج تلفزيوني أو مصدره صناعة المحتوى. قد يلتقي الثلاثة في طرح نفس الموضوع؛ لكن المشاهدة السينمائية في العتمة وبشروط العرض السينمائي لا جدال في عمق جمالياتها وقوة بصمتها وغنها الفكري ووهج حمولتها الوجدانية والانفعالية. لن يقبل المرء هذه الفكرة إلا وقد مر بتجربة الدخول إلى السينما والمسرح: للأسف، الأغلبية الساحقة من جيل اليوم والذي قبله لم يعرفوا معنى الفيلم السينمائي إلا من خلال التلفزيون والهاتف الذكي وبالبيت، وتلك لعمري تجربة غير سينمائية مطلقا.
من أجل تحيين وتقوية رافعة السينما في التحديث
تجدر الإشارة إلى أن بلدانا قوية الاقتصاد أو صاعدة كقوة اقتصادية وسياسية بالتالي زودت السينما في بلدانها بكل وسائل التقدم والتطور لوعيها بدورها كرافعة أساسية ضمن الاستراتيجيات التنموية في البلاد، مسايرة لما السينما عليه بالغرب القوي اليوم. من هذه البلدان تركيا، (حسمت أمرها منذ أكثر من عشر سنوات وجعلت من الأعمال التلفزيونية والسينمائية حصان مقارعة الغرب والدفاع عن ثقافتها وصورتها في الخارج والتوعية القومية بطموحات الدولة ومشاريعها التنموية الاستراتيجية في كليتها ونزوعها الاستراتيجي)، والصين، (أكثر من 80.000 قاعة سينما وقانون يلزم بخدمة القيم الوطنية والتوجه السياسي والاقتصادي للصين الموحدة المستقبلية القوية)، وروسيا وإسبانيا، (أكثر من 200 مليون أورو دعم للسينما وللطاقات الشابة في انتظار دعم استراتيجي أقوى)، والبرتغال والمملكة العربية السعودية، (شبكة قاعات تنبت كالفطر ومئات ملايين الدولارات لدعم الإنتاج، وأهداف ديناميكية لبلوغ مستوى قوي في ساحة الصناعات الثقافية والدبلوماسية الموازية)، والإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال لا الحصر.
البنيات التحتية شرط الوجود والمنافسة المنتجة
من الأساسي البدء بإيجاد حل مبتكر لضعف البنية التحتية السينمائية ببلادنا. تشمل البنية التحتية التي ينبغي الاشتغال عليها والاستثمار الذكي والمرن والحديث والمستقبلي فيها أستوديوهات التصوير السينمائي الحديثة ومرافق وتجهيزات ما بعد الإنتاج وصالات عرض حديثة ومتطورة ملائمة ومتعددة الاستعمالات والوظائف ومستقلة التسيير والتدبير ببرامج ذكية وممكنة التنفيذ ومعاهد التكوين في الميدان السينمائي والسمعي-البصري بمعايير تقنية وفنية وفكرية لينة ومتحررة وفعالة.
من المطلوب عدم التردد في استثمار موارد كافية لضمان توفير التكنولوجيات المتطورة والإمكانيات الإنتاجية الحديثة لصناع الأفلام بالمغرب؛ لكن على قاعدة المحاسبة والصرامة والمهنية العالية في معايير تقويم المشاريع ودعم تمويلها. لن يرفع ما سبق من جودة الفيلم المغربي فقط؛ ولكنه أيضا سيسهم في خلق حكي سينمائي مغربي جذاب، يستلهم التراث والحاضر والتاريخ المغربي الأصيل والمتميز، بقدر ما سيتجه نحو المستقبل ويستكشفه ويتوقعه حدسا فنيا وخيالا خصبا. هكذا، قد نفتح بابا لسينمانا كي تكون جزءا من الثقافة الكونية والتجربة الإنسانية الشاملة.
السينمائي، الصنعة والإبداع والثقافة
يدافع الكثيرون، ومنهم الجماهير العريضة بل وصناع أفلام، عن كون الصانع السينمائي ليس مضطرا إلى أن يكون مثقفا ولا حتى ذا تكوين فكري متين؛ فصناعة الفيلم لديهم تتطلب تأهيلا تقنيا بسيطا وقدرة على صياغة سمعية بصرية لحكايات تجذب الجماهير العريضة، وتكون مفهومة بيسر لديهم وانتهى الأمر.
تستمد فكرة استسهال حرفة صناعة الفيلم بالمغرب سيادتها من سياق معقد تتشابك فيه عوامل متعددة. أول هذه العوامل تمكين من “صنع” أو أنتج ثلاثة أفلام قصيرة أو فيلما “روائيا طويلا” أو “وثائقيا” من “بطاقة مخرج أو منتج”! أفرز هذا القرار – كان الهدف منه كما قيل في وقته هو مراكمة كمية ستفرز كيفا بين صناع الفيلم! – عشرات وعشرات من “المخرجين والمنتجين”، كرست ضعف صناعة الفيلم بالمغرب، وساهمت في فوضى مدهشة للانتماء إلى هذه المهنة المتطلبة لمهارات عالية. لا يحمل الكثير من حاملي هذه البطاقات أي تصور أو قناعات أو مبادئ أو قيم مهنية أو جمالي أو فكرية، تنصهر ضمن السينما وأدوارها ووظيفيتها التواصلية والتنشئوية والتربوية والذوقية في أبعادها المتعددة.
في هذا السياق نقدم نماذج على الاستهتار والاستسهال السائد في المشهد السينمائي ببلادنا:
صرح أحدهم يوما للجماهير المغربية على التلفزيون بأن إخراج الأفلام للسينما أو للتلفزة مجرد “زعامات!؟!” وصرح قبله فنان منذ عشرات السنين للإعلام المغربي بأن صناعة فيلم جيد مسألة “فلوس وملايير!؟!”.
السينما والتكوين والتربية
إن إنشاء معاهد عالية الجودة في بنياتها التربوية والتكوينية نظريا وتطبيقيا وتأطيرا وتوجيها واحتضانا، متخصصة في التعليم والتكوين السينمائي ضرورة لا مندوحة عنها لبلادنا اليوم أكثر من أي وقت مضى. يمكن لهذه المؤسسات إعداد جيل جديد من صناع الأفلام مجهزين ليس فقط بالكفاءة التقنية؛ ولكنهم مؤهلون أيضا بفهم عميق لتأثير حرفتهم على الأجيال وعلى تصوراتها لتاريخ ولثقافة ولحاضر ولمستقبل ولقيم مجتمع بأكمله. يمكن أيضا تعزيز الجانب التكويني والتعليمي للسينما المغربية ببرامج تراعي خصوصية السينما كفن وكصناعة تركيبية، تتعدد التخصصات المتدخلة في صياغة منتوجاتها ووظائفها وأدوارها، من خلال دمج دراسات السينما في مناهج أكاديمية ملائمة، تتكامل وتتلاقى عمليا مع الإبداع السينمائي وآثاره. سيكون من المفيد إذا تعزيز البحث الأكاديمي في مجالات ذات صلة بالسينما، باعتبار البحث الأكاديمي عامل تفكير وتطوير وإغناء مواز للإبداع وللصناعة السينمائية على وجه العموم.
نرى، اليوم، في المغرب ملامح مبادرات للوزارة الوصية وللمركز السينمائي المغربي تسعى إلى السير في هذا الاتجاه؛ لكنها تتسم، في رأينا، ببعض البطء والحذر والتردد. نفهم تعقيد الوضع وقلة الإمكانيات وشدة المقاومات؛ لكننا نعتقد بأن السير رأسا نحو الهدف المنشود بصرامة وتصميم سيكون ذات مردودية، فالتخوف ينبع من عدم مسايرة تراكم الإصلاح وتطويره عند تغيير القيادات السياسية.
أدوار أخرى للسينما
تقوم السينما بأدوار قوية في دعم صورة بلدها المنتج وطنيا وعالميا. تعتبر السينما في حالات متعددة سلاحا حقيقيا لتحصين ونشر وتقوية صورة البلد وثقافته وسياساته. يبرهن تأمل بسيط في تأثير السينما الأمريكية على ذلك.
نعتبر الدبلوماسية الثقافية بعدا حيويا في سياق قوة ناشئة لدولة عريقة. يمكن للسينما المغربية، بقدرتها على نقل القيم المحلية وهي مندمجة بذكاء في العالمية وفي الكونية، أن تكون سفيرا جيدا ومنتجا تواصليا على المستوى الجماهيري الوطني والدولي. يمكن للفيلم تعزيز التفاهم والتقدير لتراث البلاد الغني ولهويته المتعددة والعريقة بأشكال وأساليب عصرية وغير هجينة. باستطاعة السينما أيضا تقوية استراتيجية جيدة لترويج أفلام المغرب على الساحة الدولية، بدعم وبتنسيق جهود دبلوماسية، بحيث تصبح ذات تأثير تمهيدي على نطاق شعبي ونخبوي في البلدان التي تهمنا سياحيا ودبلوماسيا واقتصاديا وتجاريا وسياسيا طبعا.
الطريق معبدة بعبقرية الشباب ورصيد الرواد
من جهة أخرى، نعتبر التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية ذات الاختصاص أمرا حيويا لضمان استمرار نمو صناعة السينما في بلادنا. إن سينمانا حية بفضل التنفس الاصطناعي الذي يمثله دعم الدولة الثمين منذ أكثر من أربعة عقود. يمكن تقوية وعقلنة هذا الدعم وترشيده، بالجرأة على ابتكار وبتخصيص مكافآت للإنتاج ترتبط بأي استكشاف لمواضيع وأشكال معالجة جديدة بقدر ما هي أصيلة وكونية.
لكل تجربة سينمائية خصوصياتها وسياقاتها، ولا يمكن تقليد أي منها؛ لكن سيكون من المفيد مقارنة السينما المغربية بكبريات وبأقوى التجارب وأذكاها من الصناعات السينمائية الراسخة، كما في الولايات المتحدة وأوروبا، ستقدم لنا المقارنة رؤى حول المجالات القابلة للنمو والتحديات اللازم التغلب عليها في بنية سينمانا. تطورت سينمانا جيدا إلى حد الآن؛ لكن ليس بالقدر الكافي ولا بالشمولية الهيكلية المطلوبة.
مغرب التحديات والثقافة المتميزة والطاقات الخلاقة
تظل الهوية الثقافية الفريدة للمغرب والثراء التاريخي والوضع الاقتصادي والسياسي الناشئ، كما تظل الطاقات والمواهب الشابة والخبرات الناضجة للإنتلجنسيا المغربية نساء ورجالا، شبابا وشيبا، على الرغم من كل التحديات، تظل توفر حافزا ودافعا وأساسا قويا لصوت سينمائي مغربي مميز؛ فبالمقارنة مع الكبار وباستلهام دروس التاريخ، يمكن للمغرب وضع صناعته السينمائية بشكل استراتيجي على سكة النهوض الهيكلي المفيد والمنتج، للمساهمة بشكل كبير في الحوار العالمي متعدد المستويات، لتعزيز ثقافته وقيمه واستراتيجياته التنموية الذكية والمبتكرة التي هو سائر عليها بقيادة ملكية رشيدة وحكيمة ومستقبلية.
المصدر: وكالات