بعنوان “مصطفى ابن حمزة الفقيه المفرد”، صدر عن منشورات “دار الأمان” كتاب جديد للباحث علي رابحي يهتم بـ”حياة وأفكار وأعمال” رئيس المجلس العلمي الجهوي بجهة الشرق، وعضو المجلس العلمي الأعلى، الذي يعرف بحضوره القوي في النقاش العمومي بالمغرب.
ويقول المؤلَّف الجديد الذي تتجاوز عدد صفحاته الثلاثمائة إن الفقيه مصطفى ابن حمزة “من رواد الحركة الإصلاحية في الفترة المعاصرة”، ويضيف: “هو أنموذج لمنهج إصلاحي إسلامي أصيل، وقد برع في ربط التأسيس للصلاح الاجتماعي ضمن دائرة المؤسسة العلمية الدينية التربوية، التي أصبحت تسهم بشكل قوي ومؤثر، إلى جانب باقي مكونات المجتمع المدني وهيئاته، في إطار السياسة المجتمعية التي تشرف عليها الدولة، ما يبرز تميز النموذج المغربي في علاقة الفقيه بالسلطة وتفرده”.
وحول مسوغ البحث، ذكر الكتاب أن “مشروع الإصلاح الاجتماعي للأستاذ مصطفى ابن حمزة” لم يحظ ببحث شامل تشخيصا وتحليلا باستثناء بحوث اهتمت بجزئيات خاصة، علما أنه من “الشخصيات المغربية المتميزة، التي لها إسهامات بارزة في تجديد النظر على صعيدي المعرفة والمنهج، وصاحبة مشروع إصلاحي ينتج المعرفة ضمن الفكر الإسلامي”.
ومن بين ما يورده الكتاب أن “مصطفى ابن حمزة شخص مبكرا التحديات الحقيقية للأمة الإسلامية في عصرنا الحاضر، وحددها في الخوف، والأمية، والفقر، والفرقة؛ ونذر حياته لمحاربة هذا الرباعي المتلازم، الذي ينخر جسد الأمة، ويمزق كيانها ويحول دون تجديدها لنهضتها”، ثم يردف بأن العلَم المدروس “إدراكا (…) لقيمة الفرد في المجتمع، جعل الخطوة الأولى في مشروعه الإصلاحي: تكوين الإنسان، لإخراج الإنسان الراشد، لما له من أهمية في عملية الإصلاح، فهو وسيلة الإصلاح وغايته؛ لذلك جعل خدمة القرآن الكريم والعلوم الشرعية، وبناء المساجد والمشاريع الثقافية والاجتماعية، أولويات رئيسية”.
ويسجل العمل مبادرة ابن حمزة “منذ سبعينيات القرن الماضي بالإسهام في إصلاح المجتمع، من مواقع اعتبارية متعددة”، عن طريق “منهج مقاصدي جامع بين العلم والعمل، مداره تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية الثابتة، وإحياء قيمة الإحسان التي تستغرق حياة المسلم كلها، حسب ما ذهب إليه العلماء والمسلمون قديما وحديثا”.
ويهتم الكتاب بمرتكزات خطاب الإصلاح وضوابطه عند مصطفى ابن حمزة، ونهج سيرته الذاتية، ورحلته في طلب العلم وتجربته قراءة وكتابة، مع عرض حضوره في المجتمع، مهامَّ وإفتاء، ومراعاته الخصوصية المذهبية المغربية “على عقد الأشعري وفقه مالك”، و”التزامه بالاستثناء المغربي المتمثل في إمارة المؤمنين، والمواطنة، وما تميز به النموذج المغربي” من وسط واعتدال.
كما يقدم العمل “قضايا الدرس المقاصدي في المشروع الإصلاحي لابن حمزة”، والعمل الإحساني لديه، توصيفا وتأصيلا، وملاحقَ مرفقة بتلاخيص لدروسه الحسنية، ودروس أخرى، وكتبه.
ومن بين ما يخلص إليه المؤلف أنه “إذا كان يلتقي الفقيه مصطفى ابن حمزة مع الكثير من العلماء في العلم، إلا أن الأمر الجوهري الذي يميزه هو أداؤه العلمي وحضوره الإيجابي في الواقع”، ثم يقول: “هو أحق بأن يصنف في مقام منَ كان يعبِّر عنه أصحابُ التراجم القدامى بلفظ (العالم المشارك)، أو من يعبَّر عنه حديثا بـ(العالِم الموسوعي)”.
المصدر: وكالات