بعد الجدل الذي أثاره خبير التغذية محمد الفايد في الشهور الماضية بآرائه حول تاريخ الإسلام وتأويلاته في الزمن الراهن، أعلنت دار الوطن للطباعة والنشر صدور كتاب جديد له بعنوان “رسائل شاردة”، ضاما خمسين نصا حول الحديث، وجمعه، والشرائع، ومن اعتبر أنهم يجعلون أنفسهم وكلاء على الإيمان دون وجه شرع وحقّ.
وقال الناشر عبد النبي الشراط: “لقد عرف الدكتور الفايد بتخصصه العلمي في مجال التغذية بشكل عام، وهو خبير في هذا المجال بلا منازع؛ لكن في الآونة الأخيرة خرج عما عرف به لدى الناس، وأعطى رأيه في الكثير من الأمور الدينية التي مازال البعض يعتقد أنها خطوط حمراء ولا يجب أن تناقش على الإطلاق، مثل الأحاديث المنسوبة للرسول محمد صلى الله عليه وآله، وما تم تدوينه في كتب الفقه والتفسير قبل مئات السنين…”.
وتابع الشراط: “تعتقد جماعة من المسلمين أن ‘السنة’ قاضية على القرآن، وهو ما يعني أننا يجب أن نترك القرآن خلفنا ونمشي وراء أقوال و’أحاديث’ لا يوجد دليل على أن الرسول محمد حدث بها، خاصة أنها كتبت وألفت بعد وفاته بأكثر من مائتي عام على الأرجح؛ كما أن صحابة النبي الأوائل وخلفاءه الأربعة المشهورين لم يدونوا شيئا مما يسمى ‘سنة’ أو ‘حديثا’”.
وزاد المتحدث: “في كل مرة يخرج مفكر أو مجتهد يتدبر القرآن الكريم طبقا لما توفر لديه من معلومات وأفهام جديدة، تسارع الجماعات المتشددة إلى نعته بالإلحاد والكفر والزندقة، وهو ما نعيشه طيلة عقدين أو أكثر من الزمن على الأقل هنا في المغرب”.
وذكر الناشر أن رسائل الفايد تأتي في هذا السياق؛ “سياق الاتهامات والهجومات من طرف أناس لا يرغبون في التجديد، ويصرون على غلق عقولهم وآذانهم عن كل فكر تنويري من شأنه أن يساهم في استعادة عقول الناس وإرشادهم نحو الطريق الصحيح”.
ويفتتح الفايد، وفق الورقة التقديمية للمنشور الجديد، مؤلَّفه كاتبا: “كل الشرائع تخربت بسبب أصحابها، وما أنزل الله القرآن إلا ليضع الحد المطلق لهذا التخريب، فبين وأكد أن ليس هناك وكيل ولا حفيظ على الناس، كما يقول سبحانه وتعالى في سورة الأنعام: ‘ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل’، وفي سورة الإسراء يقول سبحانه: ‘ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا’”، ثم يسترسل قائلا: “فإذا كان ربنا يقول إن الرسول الذي أنزل عليه الوحي لم يجعله الله حفيظا على الناس، ولا وكيلا عليهم، فذلك لكي لا يتخرب الدين، لأن الذين سيجعلون أنفسهم وكلاء على الناس وحفظاء عليهم هم من سيصرفون الناس على فهم الدين بطريقتهم وحسب تخمينهم، وهو ما وقع للشرائع السابقة طبقا لما ورد في سورة آل عمران: ‘وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون’”.
وفي الرسالة الرابعة كتب الفايد حسب المصدر ذاته: “كان جمع الحديث في السنة الأخيرة من القرن الأول، في خلافة عمر بن عبد العزيز، ثم في الربع الأول من القرن الثاني بدأت المذاهب تظهر، وأول ما ظهر من المذاهب مذهب أبو حنيفة، وتبعه مذهب مالك، لأن مالك مزداد ست سنوات قبل حكم عمر بن عبد العزيز، يعني سنة 93 هجرية، وما بدأ جمع الحديث إلا في 99 هجرية، ولم يظهر مذهب الشافعي إلا في نهاية القرن الثاني، وبعده مذهب أحمد بن حنبل، في بداية القرن الثالث، ونلاحظ أن المذاهب متتابعة في الزمان، ولا يفصلها عن بعضها إلا عشرين سنة؛ وهذا الوقت يبين أن اختلاف هذه المذاهب يتعلق بالزمان والمكان، لأن الأئمة عاشوا في مناطق مختلفة وفي حقب زمانية مختلفة”.
وأردف الكاتب ذاته: “ثم في بداية القرن السادس الهجري بدأت الدعوة إلى إغلاق باب الاجتهاد، لأن ازدهار العلوم في هذه الفترة كان في أوجه، وبدأت حضارة فكرية تجديدية مواكبة للعصر، لأن الأمة كانت قد انطلقت وتريد أن تنشر الإسلام بطرق أخرى، مثل العلوم الكونية التي ازدهرت في القرن السادس والسابع ووصلت إلى مستوى كان يجب أن يجعل من الأمة الإسلامية القوة المطلقة العابرة للقارات لو سلكوا طريق علماء الكون، لكن مع الأسف الشديد لما بدأ الناس يفهمون المذاهب والأسس القرآنية بطريقة علمية راقية اعترض الفقهاء على هذا المد الفكري القوي الذي كان رواده علماء الكون الدارسون للفقه، لأن علماء الكون في ذاك العصر كانوا فقهاء”.
المصدر: وكالات