يظل التلميذ هو “الرهينة الكبرى” داخل “معركة كسر العظام” الدائرة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وبين مكونات “الحراك التعليمي”، الذي ما زال متواصلا. وقد أثبتت هذا التصور البدئي، الذي تدفعُ به جمعيات الآباء جملة، مرة أخرى “جولةُ التصعيد الجديدة” بعدما قررت الوزارة الوصية على قطاع التعليم تفعيل قرار التوقيف عن العمل في حق بعض الأساتذة المضربين.
جمعيات الآباء ما زالت تبدي تخوفاتها من “السنة البيضاء” بعدما شارفت الدورة الأولى من الموسم الدراسي على الانتهاء، وتعتبر أن “التصعيد بعد الإعلان عن خطة لإبعاد ظل “السنة البيضاء” وإنقاذ السنة الدراسية من خلال إعادة تدبير الزمن المدرسي والتنظيم التربوي يؤزم الوضع”؛ غير أن جمعيات الآباء الأخرى، الشريكة للوزارة في الخطة، تقول إن “التوقيفات بعثرت الأوراق، ولكن الرهان لن يفشل”.
توقيف وحيرة
معروف عباس، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، قال إن “القرار الذي اتخذته الوزارة في علاقتها بموظفيها من الأساتذة يبقى شأنا خاصا بها؛ ولكنه يعنينا كجمعيات للآباء من حيث إن التلميذ هو الذي سيروح ضحية لهذه القرارات التعسفية”، مؤكدا أن “هذه القرارات متسرعة للغاية، وتبين أن الوزارة تتعامل بانفعال مع هذا الحراك التعليمي”.
وأعلن عباس تخوفه رسميا من “السنة البيضاء التي صارت مطلة على مجمل المؤسسات التعليمية؛ لكون الإضرابات ستتواصل، وسيزيد الجو المشحون رهن التلميذ وتركه خارج الحجرة الدراسية”، مسجلا أن “الآباء الآن يوجدون في حيرة كبيرة؛ لأن قرار التوقيف عن العمل زاد الوضع ضبابية، خصوصا في وقت أعلنت فيه وزارة التربية الوطنية عن خطتها لإنقاذ الموسم الدراسي، ما يجعلها مقرونة بالفشل”.
وأوضح المصرح لهسبريس أن “الوزارة الوصية كان عليها أن تتريث حتى الـ15 من يناير الجاري الذي أعلنته كتاريخ للخروج بتصور جديد للأزمة، لكون هذا سيزيد من خوف الآباء على أبنائهم الذين ظلوا بالشارع طيلة الشهور الماضية، منذ بداية الموسم”، معتبرا أن “الجهات الرسمية عليها أن تراجع أوراقها، لكون الحلول الترقيعية والقرارات المتسرعة لن تخدم المدرسة العمومية التي تعرضت لضرر كبير منذ المصادقة على النظام الأساسي”.
بعثرة الأوراق
بعدما كان من ضمن من دعوا سابقا إلى “عزل الأساتذة المضربين”، أفاد نور الدين عكوري، رئيس فيدرالية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، بأن “قرارات وزارة التربية الوطنية المتعلقة بالتوقيف عن العمل تبدو متأخرة، لكون الإضراب تواصل لثلاثة أشهر متوالية بشكل أضر بحقوق التلاميذ وأدى إلى شلل مرفق عمومي وهو المدرسة. ولذلك، هي إجراءات مسطرية وقانونية كان على الوزارة اتخاذها” مسجلا أن “القرار سيبعثر الأوراق بالنسبة للخطة؛ ولكن سنتداركه”.
وأبرز عكوري، في تصريحه لهسبريس، أن “جمعيات الآباء ستواصل الاصطفاف إلى جانب الوزارة الوصية في الوقت الحالي لإنجاح الخطة التي سطرناها حتى نحافظ على أقصى ما يمكن من زمن التعلم”، مؤكدا أن “السنة البيضاء تظل حاضرة بقوة في مخيالنا كجمعيات للآباء؛ ولكن سنعمل على تخصيص الوسائل البيداغوجية والتقنية واللوجيستية لإتمام الموسم، لأنه بالنسبة لنا لم نعد نرى أي مبرر لاستمرار الإضرابات بعد كل ما تحقق”.
وإلى ذلك، أورد المتحدث عينه أن “مسودة النظام الأساسي الجديد تم نشرها، والأمور باتت واضحة. وطبعا، من حق الأساتذة النضال لأجل حقوقهم؛ ولكن بشكل لا يجعل التلميذ رهينة، ويضع مستقبله كاملا على المحك إذا تضرر مسلك الباكالوريا”، خالصا إلى أن “الموسم الدراسي هو الذي يجب أن نفكر فيه جميعا، وأن تتحمل كل الأطراف مسؤوليتها لأجل إعادة التلاميذ إلى الأقسام المدرسية التي كانت تشكو فراغا كبيرا طيلة الشهور الأخيرة”.
يذكر أن المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة باشرت إصدار قرارات زجرية في حق الأساتذة المضربين عن العمل وتعويضهم بغير المضربين، بسبب ما اعتبره المسؤولون “تصرفات لامسؤولة تعد بمثابة هفوات خطيرة وإخلالا بالالتزامات المهنية؛ من قبيل الانقطاع المتكرر عن العمل بصفة غير مشروعة، وحرمان التلاميذ من حقهم في تدريس قار ومستمر، والتحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي على القيام بالتوقفات المتكررة عن العمل”.
المصدر: وكالات