مع حلول مناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الذي يصادف العاشر من أكتوبر كل عام، يتجدد النقاش في المغرب بين الفعاليات الحقوقية المطالبة بإلغاء العقوبة في مشروع القانون الجنائي الذي تستعد الحكومة لإعلان تفاصيله، وإحالته على البرلمان لإطلاق النقاش بخصوص مستجداته.
وخلال هذا اليوم، يجدد الحقوقيون المغاربة الرافضون لعقوبة الإعدام الدعوة إلى إسقاطها ومصادقة المملكة على البروتوكول الاختيار الثاني المتعلق بإلغائها، علما أنها لم تنفذ في المملكة طيلة نصف قرن من الزمن.
عبد الإله بنعبد السلام، المنسق الوطني للائتلاف المغربي لإلغاء عقوبة الإعدام، قال في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إن “النضال مستمر من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب”، مؤكدا أن “هذه العقوبة تمس بالحق في الحياة، وهو حق كوني نص عليه الدستور المغربي”.
عقوبة مجمدة
أفاد بنعبد السلام بأن المغرب رغم إبقائه على العقوبة إلا أنه لا يطبقها، مذكرا بأنه “منذ سنة 1973، إذ تم إعدام ‘الكوميسير’ ثابت، لم يتم تطبيق هذه العقوبة”، ومشددا على أنه “رغم توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام مازال يمتنع عن التصويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما يطرح المقرر الخاص بوقف تنفيذ العقوبة، وذلك في تناقض مع الواقع”.
وأوضح الحقوقي ذاته أن المغرب بعد إنجاز تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، تضمن توصيتين لهما علاقة بعقوبة الإعدام، مبينا أن “الأولى تتعلق بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، والثانية تهمّ المصادقة على قانون روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية”.
وزاد المتحدث موضحا أن التقرير الختامي الذي تضمن التوصيتين “صادق عليه الملك سنة 2006، وأوصى القطاعات الحكومية المعنية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالعمل على وضعهما موضوع تنفيذ، وإلى حد الآن لم تتم المصادقة عليهما”.
“تصفية المعارضين”
دعا بنعبد السلام إلى “حذف عقوبة الإعدام من التشريع المغربي، والانخراط في الدينامية العالمية المتعلقة بإلغاء العقوبة، إذ أقدمت 144 دولة على إلغائها من قوانينها الوطنية والواقع”، مشددا على أن “المغرب لا ينبغي أن يبقى متخلفا في هذا الباب”.
وأردف الحقوقي ذاته بأن “عقوبة الإعدام ليست رادعة، إذ يتضح أن دول الاتحاد الأوروبي التي ألغتها معدلات الجريمة فيها تبقى منخفضة مقارنة مع الدول التي مازالت فيها، مثل الولايات المتحد الأمريكية وإيران وغيرهما”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “هذه العقوبة تستعمل لتصفية الخصوم السياسيين والمعارضين”، مردفا بأن “أغلب الناس الذين نفذت في حقهم بالمغرب كانوا إما معارضين، أو شاركوا في انقلابات عسكرية أو أحداث معينة”.
طريق ثالث
مقابل هذا الطرح، تجد العقوبة من داخل الطيف الحقوقي من يدافع عن الإبقاء عليها، من بينهم عبد المالك زعزاع، الفاعل الحقوقي والمحامي بهيئة الدار البيضاء، الذي يرى أن “المغرب لا ينبغي أن يساير مطالب إلغاء عقوبة الإعدام في تشريعاته”.
وقال زعزاع، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “لا ينبغي أن نساير مطالب الإلغاء”، مؤكدا أن المغرب “ملتزم دوليا ولكن لم يوقع على اتفاقية الإلغاء، وهي رؤية واقعية قابلة للتطبيق، بعيدا عن تبني الإلغاء الذي فيه نوع من الطوباوية والتجريد ولا يمكن تطبيقه”.
وأشار الحقوقي ذاته إلى أن “هناك طريقا ثالثا في هذا النقاش القانوني المغربي، يرى بقاء الحكم بالإعدام في المشاريع الجديدة في 8 جرائم، أغلبها بشعة وخطيرة”، موضحا أن “بعض القانونيين والحقوقيين الذين يتحدثون عن الطريق الثالث يشددون على أن الأحكام لا يجب أن تصدر إلا بشروط، وهي أولا إجماع أعضاء المحكمة، فيما لا ينفذ الحكم إلا بعد استنفاد جميع طرق الطعن”.
وزاد المتحدث ذاته مبينا أن “هذا الطريق يتحدث عن التقليص من الجرائم في المشروع المرتقب، والأخذ بعين الاعتبار أن يبقى الحكم في الجرائم البشعة، مثل الإرهاب والاغتصاب والقتل، والقتل بالتسلسل، وأن يحافظ المغرب في هذه التشريعات على الهوية الحضارية للمجتمع المسلم في الجرائم”.
كما شدد زعزاع على أن “نزلاء جناح المحكوم عليهم بالإعدام حدث أن رفضوا أن يسكن معهم سفاح وهددوا بقتله”، مؤكدا أن “الإعدام عقوبة موجودة في العالم، وينبغي أن نحافظ عليها”.
المصدر: وكالات