تستمر حملة “المخاطر الفيزيائية المرتبطة بالعمل: معرفة أدق وأعمق من أجل وقاية أفضل” على مدى أزيد من شهر، إلى غاية 20 يناير المقبل، عبر “برنامج وطني للتحسيس من المخاطر المهنية”؛ إذ تسعى الوزارة الوصية لمواكبة التطورات و”تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص”، وهو ما تجسد في اتفاقيات إطار وُقّعت مع عدد من الفيدراليات المهنية الممثلة لكل قطاع معني بتزايد مخاطر مرتبطة ببيئة العمل.
وقَّعت هذه الاتفاقيات، أمس الأربعاء في الرباط، وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ممثلة بالوزير يونس السكوري، والمعهد الوطني لظروف الحياة المهنية، مع رؤساء ومسؤولي فدراليات مهنية قطاعية، إلى جانب “جمعية النساء المقاولات بالمغرب” (AFEM).
كما تم خلال الفعالية ذاتها “إطلاق جولة وطنية واسعة في إطار برنامج وطني طموح يهدف إلى التحسيس والتوعية بالمخاطر المترتبة على صحة وسلامة العاملين في القطاع الخاص”، فيما أجمع الخبراء الحاضرون على “ضرورة الموازنة بين تعزيز تنافسية المقاولة وتوفير السلامة الصحية للأجراء”، خاصة ضد المخاطر فيزيائية الطابع.
البيئة المهنية
أكد الوزير السكوري أن هذا البرنامج يستهدف عددا من الفيدراليات المهنية الرئيسية، بما في ذلك قطاعات السياحة، البناء، الصناعات الغذائية ومهن الفلاحة، والنقل اللوجستيك، إلى جانب النساء المقاولات، وُقعت معها اتفاقيات تؤطر الشراكات والتشاور بشأن الأخطار المهنية.
يأتي هذا التحرك، وفق تصريح أدلى به يونس السكوري لجريدة هسبريس الإلكترونية، لـ”ضمان إيصال دلائل المساطر التي أعدتها الوزارة عبر المعهد المختص، وتوفير المتابعة والمواكبة اللازمة للمقاولات للاستفادة من التحفيزات الجديدة المتاحة في هذا المجال”.
وفي سياق متصل، شدد وزير التشغيل على “أهمية التحسيس بالمخاطر التي قد تضرّ جسديا بالعاملين، مسلطا الضوء بشكل خاص على التحديات البيئية”. وأوضح أن “ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في العالم، ومن ضمنه المغرب، يمثل صعوبة بالغة على العمال، لا سيما في المعامل التي تنتج آلياتها حرارة إضافية، مما يجعل العمل لمدة تصل إلى ثماني ساعات أمرا شاقا يتطلب إجراءات وقائية”.
التشاركية للتنفيذ
أكد إسماعيل المريني، رئيس قسم الاستشارة وتطوير الكفاءات بالمعهد الوطني لظروف الحياة المهنية، أن هذه المبادرة تأتي بالتزامن مع تنظيم الأيام الجهوية حول الصحة والوقاية من المخاطر المهنية، وذلك “كتقليد سنوي بالشراكة مع الوزارة الوصية”.
وفي تصريح لهسبريس على هامش الحدث، قال المريني إن هذه الأيام تُعد فرصة سانحة لـ “الاقتراب من الفاعلين الجهويين والمحليين والاستماع إلى همومهم وتبادل أفضل الممارسات في ميدان الوقاية المهنية”.
ولترجمة هذا التوجه التشاركي، يضيف رئيس قسم الاستشارة وتطوير الكفاءات بالمعهد الوطني لظروف الحياة المهنية، “شهدت الأيام التحسيسية التوقيع على اتفاقيات شراكة مع مجموعة من الفيدراليات المهنية وجمعيات المجتمع المدني. وتشمل هذه الاتفاقيات فيدراليات الأشغال والبناء، الصناعة التقليدية، الفلاحة، الصناعات الغذائية، السياحة، بالإضافة إلى جمعية النساء أرباب الأعمال بالمغرب”.
وختاما، اعتبر المريني أن “هذه التوقيعات بمثابة تتويج للمسار التشاركي الذي انتهجه المعهد في صياغة استراتيجيته الوطنية للصحة والسلامة المهنية التي حظيت بالمصادقة من قبل المجلس الإداري”، مؤكدا أن هذه “الاستراتيجية هي الإطار الذي سيوجه جهود الوقاية المستقبلية”.
السياق العام
تهدف استراتيجية وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات في مجال الصحة والسلامة المهنية إلى “ضمان بيئة عمل سليمة وآمنة، وتعزيز الوقاية من حوادث الشغل والأمراض المهنية”.
من جهته، يضطلع المعهد الوطني لظروف الحياة المهنية بمهمة أساسية تتمثل، من بين مهام أخرى، في القيام بأنشطة التحسيس والتوعية والتكوين لفائدة الفاعلين في مجال الوقاية من المخاطر المهنية.
وبحسب المنظمين، تعتبر الوقاية من المخاطر الفيزيائية داخل الأوساط المهنية أمرا بالغ الأهمية؛ “نظرا لما قد تشكله هذه المخاطر من تهديد فعلي لصحة العمال ورفاههم”.
وعليه، فإن العديد من المخاطر الفيزيائية المنتشرة في بيئات العمل المختلفة قد تمر دون وعي العامل، “وقد تؤدي على المدى الطويل إلى مشاكل صحية خطيرة كالاضطرابات العضلية الهيكلية أو فقدان السمع أو اضطرابات بصرية”، وهو ما نبه إليه خبراء مختصون في طب الشغل والأمراض المهنية حضَرُوا الحدث.
وحسب ما تابعته هسبريس، أجمعت مداخلات عدة على أن “التحسيس بالمخاطر الفيزيائية يساهم ليس فقط في تنبيه العاملين بخصوص المخاطر المحتملة في محيط عملهم، بل أيضا في تزويدهم بأدوات عملية لتفادي الحوادث والأمراض المهنية”.
المصدر: وكالات
