كان لافتاً أن الشهر الأخير من سنة 2023، التي تشارف على الانتهاء، حمل “أنباءً سارّة” للشغيلة التّعليمية التي تمكنت من انتزاع زيادة عامة في الأجور تبعاً لاتفاق 10 دجنبر، الذي لحقه اتفاق 26 من الشّهر ذاته. كما أعلنت النّقابات المهنية في القطاع الصحي أن الوفد الحكومي الذي يتابع الحوار مع التمثيليات الاجتماعية “قدم وعداً” بشأن الزّيادة العامة في أجور جميع العاملين في القطاع الصّحي.
وكانت هسبريس طرحت قبل أسابيع أهمية “الحوارات القطاعيّة”، وما تصطدم به إزاء “مدّ التنسيقيات الكاسح”، وكذلك “تأخر إخراج قانون النقابات”؛ غير أن الأخيرة مازالت تعتبر أن “ما راكمته من مكتسبات في الشراكة مع الجهات الرّسمية كان دائماً فرصة لانتزاع حقوق ضائعة أو مؤجّلة، وهو ما حدث بوضوح في تحقيق مكاسب الزيادة العامة في الأجور، التي يُنتظر أن تنتقل لقطاعات أخرى”.
“التعليم يقطع الشّوط”
عبد الناصر نعناع، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، قال إن “ما تمّ تحقيقه بعد الجولات الماراطونيّة وبعد الحراك التّعليمي، الذي بدأ ردّا على ‘النّظام الأساسيّ’، في ما يخصّ الزيادة في الأجور التي تم التوقيع عليها في 10 دجنبر 2023، هو حصيلة مشرّفة ننهي بها هذه السنة”، مؤكداً أن “الحوارات مازالت مُتواصلة، وقد مكنت من مراجعة العديد من المواد التي أثارت حفيظة الشغيلة التعليمية في هذا النظام”.
وأوضح نعناع، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “الحركة النقابية المغربية كانت دائما متمسكة بالدفاع عن الفئات التي تمثلها، وها هي النتيجة اليوم تطوي صفحة ملفات ظلت عالقة واصلت النقابات النضال لأجلها طيلة السنوات الأخيرة”، موضحاً أن “فئات كثيرة ضمن أسرة التدريس كانت حاضرة في هذا الحراك التّعليمي، وساهمت في إنجاحه والدفع به نحو نتائج إيجابيّة، مازلنا نطمحُ لتحقيق الكثير منها بحكم استمرار الحوار”.
وأورد المتحدّث عينه أن “هذه المكاسب مهمّة جدا، إن على المستوى المادي أو المعنوي، خصوصاً في الشقّ المادي، بحيث سيُضاف مبلغ 1500 درهم على دفعتين، مع مجموعة من التعويضات التكميلية لمجموعة من الأطر التابعة للوزارة”، مؤكداً أن “هذه السنة لن تغادر إلا وهي تحمل أجوبة مقبولة عن الوضع الاجتماعي لرجال ونساء التعليم، وهي حصيلة نثمّنها كنقابات حاضرة في الحوار”.
وشدد الفاعل النقابي ذاته على أن “ما تمكن قطاع التعليم من انتزاعه هذه السنة يُعيد الاعتبار للأستاذ وأيضاً للمدرسة العموميّة”، وواصل: “شروط الإصلاح تأتي من خلال الحرص على كرامة رجال ونساء التعليم ووضعيتهم الاجتماعية لكي يستطيعوا ممارسة مهامهم في جو يطبعه الاستقرار على جميع الأصعدة، وهذا ما نركز عليه إلى حدود الآن، حتى نحصّن المكتسبات ونراكم المزيد منها”.
الصحة موعودة
بعد أن عقدت اجتماعاً مع النقابات التمثيلية، وافقت اللجنة الحكومية المكونة من ممثلين عن الأمانة العامة للحكومة، ووزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، بـ”شكل علني ومبدئي”، على الزيادة العامة في الأجور، وهو ما أكده محمد الوردي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للصّحة، مبرزاً أن “المنتظر الآن هو الاتفاق على حجم الزيادة وتقنيات تنزيلها لكي تكون الصّورة أكثر وضوحاً”.
وأوضح الوردي في تصريحه لجريدة هسبريس: “تم إشعارنا بأن الحكومة توافق على الزيادة، وهذا مكسب نحقّقه هذه السّنة، لكن لا نستطيع الحديث عنه بحماس إلاّ بعدما نتيقّن بخصوص مقدار الزّيادة في ما يتعلق بكل فئة من موظّفي الصّحة”، مؤكداً أن “النقاش مازال مستمراً حتى نحصل على اليقين التّام بخصوص هذا الموضوع، ونرى هذه الزّيادة في الأجور واقعاً”.
من جانبه، بدا مصطفى الشناوي، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للصحّة، أكثر يقيناً في الحديث عن هذه الزيادة، موردا أن “الحوار أفضى إلى إقرارها، وهذا مكسب لا نتوقع أن تتراجع عنه الجهات الرسمية”، ومشدداً على أن “النقابة تتمسك بزيادة 3000 درهم، لكون الوضعية الماديّة للأطر الصحية شكلت تحديا كان يجب التعامل معه، وهو ما حرصنا على إبرازه في مراسلتنا لرئيس الحكومة ووزير الصحة يوم 10 دجنبر الماضي”.
ورغم أن الوفد الحكومي لم يحدد رقماً للزيادة فإن الشناوي، في تصريحه لجريدة هسبريس، أكد أن “الاستجابة بهذه السرعة تعدّ إيجابيّة، لكون الاحتقان في القطاع الصحي أصبح مطروحاً في الشهور الأخيرة”، مشيرا إلى أن “المقترحات تهم الزيادة في أجور جميع العاملين في القطاع بلا استثناء”، وزاد: “كما ركزنا على التعويض عن الأخطار المهنية، والتعويضات عن العمل في المناطق النائية”.
وسجّل الفاعل النقابي ذاته أن “الزيادة من شأنها تحسين الوضعية المادية للأطر الصحية في فترة صعبة جراء غلاء المعيشة”، لافتاً إلى أن “هذه الإجراءات ستساهم كذلك في تعزيز جاذبية الوظيفة الطبية”، وأردف: “ننتظر إجراءات ملموسة بخصوص هذه الوعود، التي نعتبرها انتصارا نقابيا، وحصيلة مشرفة للتمثيليات الاجتماعية التي كرست دائما جهودها للدفاع عن الموظفين وعن ظروف عمل. ونرجو أن تكون الأوضاع أفضل في السنة المقبلة”.
المصدر: وكالات