قال المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، محمد سالم الشرقاوي، إن الوكالة التابعة للجنة القدس، التي يرأسها الملك محمد السادس، هي الأداة المثلى لتنسيق الدعم العربي والإسلامي الموجه إلى القدس.
وأوضح الشرقاوي أمس الأحد في القاهرة، خلال مؤتمر “القدس 2023.. تعزيز صمود، تنمية واستثمار”، أن ذلك “يجعلنا مطوقين بواجب الالتزام بمسؤولياتنا في حماية القدس وصيانة موروثها الديني والحضاري ودعم صمود سكانها، بمرجعية تقوم على أهداف إنسانية نبيلة تكرس مركز القدس كمدينة جامعة وموحدة لمصالح أتباع الديانات السماوية الثلاث”.
وأضاف أن الوكالة واعية بمسؤولياتها وتتفهم الواقع الصعب للقدس، مؤكدا أن “المؤشرات المقلقة للوضعية الاجتماعية والاقتصادية في المدينة تضعنا أمام واقع لا يمكن معالجته إلا بتضافر الإرادات العربية والإسلامية والدولية لدعم القطاعات المتضررة من هذه الإجراءات”.
وأبرز أن ذلك يتحقق بتوفير الدعم المتناسب والملموس والمستدام للمؤسسات المقدسية، ومنحها الإمكانيات التي تجعلها قادرة على الاستمرار في أداء مهامها على أكمل وجه، بعيدا عن الوعود والشعارات والمزايدات العقيمة، التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الخطة الفلسطينية لدعم القطاعات الاجتماعية، التي تقدمها المؤسسات والأجهزة المختصة في السلطة، تمثل إطارا مناسبا للتمويل، تم وضعه في سياق التشاور الواسع مع المؤسسات المقدسية وممثلي الساكنة، لافتا إلى أن وكالة بيت مال القدس الشريف لديها خطتها السنوية للتمويل، التي تتناغم وتتكامل مع الخطة الفلسطينية.
وذكر الشرقاوي أن هذه الخطة تتوزع على قطاعات الإعمار والترميم وحيازة العقارات، والصحة والتعليم، ومشاريع الفلاحة والتجارة ودعم الاقتصاد المحلي، ومشاريع الإعلام والثقافة والنشر والتدوين، ومشاريع الشباب والرياضة والطفولة، ومشاريع الدعم والتمكين والتنمية البشرية، ومشاريع المساعدة الاجتماعية الموجهة إلى فئات الأيتام، والأرامل، والأشخاص المسنين، والأشخاص في وضعية الإعاقة.
وفي هذا الإطار، يضيف المتحدث، أعلنت الوكالة قبل أيام عن برنامج عملها في القدس لسنة 2023، بغلاف مالي يقارب 3.4 ملايين دولار أمريكي، يتضمن أولويات علمها الاجتماعي التي تقوم على مخرجات اللقاء التشاوري الثاني، الذي عقد الشهر الماضي بالرباط.
وقال إن الوكالة خصصت ميزانية بمبلغ 600 ألف دولار لاحتفالية “اليوبيل الفضي”، ممولة بالكامل من قبل المملكة المغربية، وهي الفعاليات التي انطلقت يوم 20 يناير الماضي وستستمر على مدى العام 2023، برعاية سامية كريمة من الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، تحت شعار: “انطلاقة جديدة لترسيخ مكانة القدس ومركزها الديني والحضاري”.
وأوضح الشرقاوي، من جهة أخرى، أن الوكالة وضعت نصب عينيها المساهمة في تنمية الإنسان المقدسي، وإشاعة الأمل في صفوف أجيال القدس، وطرحت برنامجا خاصا بالمبادرات الأهلية للتنمية البشرية، تتضمن مشاريع للتمكين والتدريب وتنمية القدرات، موجهة خصوصا إلى فئات المرأة والشباب واليافعين.
وأبرز في السياق ذاته أن الوكالة تولي أهمية خاصة لبرامج المساعدة الاجتماعية الموجهة إلى فئات المجتمع المقدسي التي تضررت من آثار جائحة “كوفيد- 19″، وأحدثت منصة (دلالة) للتسويق الإلكتروني للمنتجات ذات المنشأ الفلسطيني بمدينة القدس، موجهة إلى التجار والجمعيات في إطار اجتماعي وتضامني، تكون المؤسسة أول زبنائها.
وبمنهجية واقعية تقوم على الترسيم القبلي للأهداف والنتائج، يقول الشرقاوي، تحرص الوكالة على هندسة برامجها ومشاريعها استنادا إلى مؤشرات محينة للوضع الاجتماعي والاقتصادي في القدس، يزودها بها مرصد الرباط للملاحظة والتتبع والتقويم، وهو آلية تابعة للوكالة في القدس من مهامه إجراء الدراسات والتقارير التي تحتاجها المؤسسة بشكل دوري، حسب تطور الحالة في المدينة.
وذكر أن مساهمات الدول توقفت سنة 2011، إذ لم تتوصل الوكالة منذ ذلك الحين بأي مساهمة من أي دولة كانت، لتبقى المملكة المغربية هي الممول الوحيد لهذه المؤسسة بـ100 في المائة في صنف تبرعات الدول، وحوالي 70 في المائة في صنف تبرعات المؤسسات والأفراد.
وخلص الشرقاوي إلى أنه لضمان التنزيل الأنسب لبرامجها ومشاريعها في القدس، تحرص الوكالة على التنسيق مع المؤسسات الشرعية الفلسطينية، ومع دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للمملكة الأردنية الهاشمية، باعتبارها صاحبة الوصاية على المقدسات في المدينة، لتفادي الازدواجية والامتناع عن صرف الأموال على مشاريع قد تكون تستفيد من تمويلات من جهات أخرى.
وشهد المؤتمر حضورا عربيا وإسلاميا وازنا، حيث شارك فيه الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والفلسطيني محمود عباس أبو مازن، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، فضلا عن ممثلين رفيعي المستوى عن منظمات إقليمية وعربية ودولية، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي ومجلس التعاون الخليجي.
ومثل الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في المؤتمر رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وناقش المؤتمر التطورات السياسية في فلسطين، بالإضافة إلى الأبعاد القانونية والتنموية الاستثمارية من خلال ثلاثة محاور رئيسية، يسلط الأول الضوء على الواقع السياسي في مدينة القدس، ويتعلق الثاني بالشق الاقتصادي، بينما يهم المحور الثالث الجانب القانوني، حيث يواجه المقدسيون العديد من القوانين والإجراءات الإسرائيلية العنصرية، التي تسعى بالدرجة الأولى إلى تضييق الخناق عليهم، وتعتبر من العوامل الطاردة للمقدسيين من مدينتهم وإفراغ المدينة المقدسة من مكونها الفلسطيني.
المصدر: وكالات