باتت السمنة من المشاكل الصحية التي تجعل منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر، والمغرب ليس بمنأى عن هذا التوجه العالمي، إذ يؤكد أخصائيون وتقارير وطنية أن معدلاتها آخذة في الارتفاع.
وأصابت السمنة أكثر من مليار شخص في كل أنحاء العالم؛ من بينهم أطفال ومراهقون، وفقا لتقديرات نُشِرت قبل أيام قليلة من اليوم العالمي للسمنة، الموافق 4 مارس من كل سنة، تُظهر تسارع هذه الآفة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وفي هذا الإطار، قال الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، إن 20 في المائة من المغاربة يعانون من السمنة، وترتفع النسبة لدى النساء بثلاث مرات أكثر من الرجال، وتنتشر السمنة في المناطق الحضرية بنسبة 22.8 في المائة وفي المناطق الريفية بنسبة 14.9 في المائة.
وأضاف حمضي، ضمن تصريح لهسبريس، أن معدل السمنة في المغرب، وفقا لبيانات الاتحاد العالمي للسمنة، سيرتفع بنسبة 2.7 في المائة سنويا بين 2020 و2035، من 21.6 في المائة إلى 47.9 في المائة. وهذا يعني أن أكثر من 5 ملايين من المغاربة سيعانون من السمنة المفرطة.
وأوضح الطبيب أنه، بحلول عام 2035، سيعاني أكثر من 30 في المائة من الأطفال المغاربة من زيادة الوزن أو السمنة، مقارنة بـ19.3 في المائة في عام 2020.
وأشار حمضي إلى أن التكلفة الاقتصادية للسمنة في المغرب، حسب تقرير أطلس للسمنة العالمية، تصل إلى حوالي 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي أو حوالي 4 مليارات دولار سنويا، وفي عام 2035 ستكون 7.34 مليار دولار.
وتابع المتحدث ذاته أن تكلفة علاج الأمراض المرتبطة بزيادة الوزن والسمنة في المغرب ستصل، بحلول عام 2035، إلى 933 مليون دولار، أي بزيادة قدرها 98,5 في المائة مقارنة بعام 2020.
من جانبها، قالت أسماء زريول، المختصة في التغذية وأستاذة التعليم العالي، إن “مرض السمنة هو واحد من المشاكل الصحية في المغرب؛ فحسب التقارير الدولية، تحظى نسبة السمنة في المغرب بمراتب متقدمة مقارنة مع دول أخرى”.
وتابعت زريول قائلة، ضمن تصريح لهسبريس: “هذا يعني أننا إن لم نتدارك الأمر وتعاملنا مع المسألة بجدية فسيكون لدينا جيل من المرضى، لأن السمنة لا تأتي لوحدها بل مع أمراض مزمنة واستقلابية أخرى؛ أهمها مرض السكري الذي تكون تكلفته العلاجية باهظة جدا له، سواء للدولة والمريض نفسه، والذي يؤدي إلى إمكانية أن يفقد المريض حتى عمله.. وبالتالي، السمنة تؤدي حتى إلى مشاكل اقتصادية، وتثقل كاهل النظام الصحي في المغرب”.
أما عن سبل تدارك الإصابة بالسمنة، قالت المختصة في التغذية إنه لا بد بأن نأخذ ما يلزم من احتياطات؛ “لأن السمنة يكون سببها العادات الغذائية التي يتبعها الشخص بنفسه، إذ قد تكون نسبة من الوراثة ولكن العادات الغذائية والمحيط يشكل نسبة كبيرة من مسببات السمنة”.
وتابعت المتحدثة ذاتها: “الملاحظ أن المغاربة تخلوا عن عاداتهم الغذائية الأصيلة واتجهوا نحو عادات غذائية دخيلة، خصوصا نحو الأكل السريع، إذ تزامن ارتفاع معدلات السمنة في المغرب مع دخول شركات المأكولات السريعة. كما أن ظروف العمل تجعل الإنسان يأكل خارج منزله، وليس هناك اختيارات صحية خارج منزله”.
ونبهت زريول إلى أنه ليس هناك توعية حقيقية للناس حول ما يجب أن يأكلوا وكيف؟، ملقية الضوء أيضا على دور السوشل ميديا في هذا الصدد، قائلة إن “بعض الناس يحاولون أن يبدعوا في طريقة الطبخ على السوشل ميديا ونشر إضافات هي بنفسها تجعل الأكل المنزلي مسببا للسمنة”.
وأكدت المختصة في التغذية أن “المغرب فيه جميع المقومات التي تجعل الإنسان يتبع نظاما غذائيا جيدا صحيا مناسبا له، وخصوصا للأطفال”.
وفي هذا الصدد، حذرت الخبيرة عينها من أن “السمنة باتت تهاجم الأطفال في سن مبكرة جدا؛ وبالتالي بدل أن يكون لدينا أطفال لهم مستقبل صحي يصبحون هم بحد ذاتهم مشروع مرضى مستقبليين”، خالصة إلى أنه “لهذا من الجيد أن نغير عاداتنا الغذائية، وأن ننخرط في توعية الناس، وأن نضع قوانين فيما يخص إضافة السكر إلى الغذاء، وأن نطبق توصيات منظمة الصحة العالمية؛ بل وأيضا أن نخلق توصيات خاصة بالمغرب، لتصبح قوانين تفرض على المنتجين وعلى أصحاب الشركات أن يلتزموا بمعايير محددة في المنتجات”.
المصدر: وكالات