لعل من أبرز الخصوصيات الحضارية والثقافية التي تميز مدينة فجيج عن باقي المدن المغربية، اللباس التقليدي، خاصة “السلهام” (البرنس) والجلباب (للنساء والرجال)، الذي ما تزال تصنعه أنامل نساء المنطقة وتحافظ عليه للأجيال القادمة.
ويشكل الجلباب و”السلهام”، المصنوعان من الصوف، جزءا أساسيا من هوية ساكنة فجيج التي تمتح من روح الحضارة والثقافة لأبناء المنطقة منذ قرون من الزمن، ويعتبر هذا اللباس التقليدي الأصيل في الثقافة المحلية الجسر المتين الذي يربط ماضي المنطقة بحاضرها.
وبالرغم من التطورات التي يشهدها المجتمع المغربي والتغييرات التي دخلت على نمط عيشه المستلهم من روح العصر، إلا أن اللباس التقليدي المحلي يظل ملازما لتفاصيل الحياة لأهل منطقة فجيج خاصة، والإقليم بصفة عامة، بل أصبح عنوانا لابتكار وإبداع الصناع المحليين.
فاطمة كندر، من الصانعات التقليديات المؤهلات في مجال صناعة الجلباب و”السلهام” في مدينة فجيج، كشفت أن صناعة هذا الزي التقليدي تتطلب من النساء وقتا طويلا، فقد تبلغ مدة صناعة جلباب أو “سلهام” واحد تعمل عليه خمس نساء حوالي 10 أيام، وتبدأ العملية بغزل الصوف ثم نسجه فخياطته.
وأوضحت فاطمة، في تصريح لهسبريس، أن الجلباب و”السلهام” التقليديين يتم صنعهما من صوف الخرفان وصوف الإبل وباستعمال الخيط في نسجهما، مشيرة إلى أن كثيرا من النسوة بالمدينة يعملن في هذا المجال، بينما يقوم رجال بخياطة النسيج، إلا أنها اشتكت ضعف التسويق.
ويتراوح ثمن الجلباب أو البرنس، بحسب المتحدثة لهسبريس، ما بين 700 و800 درهم بالنسبة للمنتوج المصبوغ بالصباغة التقليدية. وبالنسبة للمنسوج المعد من الصوف الأسود، فالأثمنة تتراوح ما بين 1500 و3000 درهم.
وأكدت فاطمة كندر أن هذه الصناعة التقليدية تساهم في توفير فرص عمل بالنسبة لنساء المنطقة، رغم ركود تسويق المنتوج.
من جهته، قال الطيب الجابري، عن جمعية فجيج للتراث وثقافات الواحات، إن الإنسان في منطقة فجيج عرف النسيج منذ 1500 سنة قبل الميلاد.
وأضاف أن النسيج بالمنطقة له علاقة بالنقوش الصخرية في الجبال، إذ استلهم منها الصانع التقليدي رسوماته في نسج الجلباب و”السلهام” والزرابي.
وأبرز الجابري، في تصريح لهسبريس، أن إنسان ما قبل الميلاد كان يصنع لباسه من جلود الحيوانات التي كانت تعيش في المنطقة، وبعد ذلك انتقل إلى استخدام صوفها، وبالأخص صوف الجمال والأغنام والمعز.
وبخصوص أنواع الجلباب والبرنس في منطقة فجيج، كشف المتحدث ذاته أن هناك الأبيض (أملال باللغة الأمازيغية المحلية)، وهو خاص بالمناسبات الدينية، والأسود (أخيدوس)، وهو خاص بعلية القوم، والبني (أقرفي) الخاص بالفلاحين، ويبقى الأحمر (أبيدي) أجودها، وهو مخصص للأعيان وكبار القبائل.
وبالإضافة إلى “السلهام” والجلباب، تعرف مدينة فجيج أيضا بصناعة الزربية المحلية.
وتشكل زربية فجيج أحد المنسوجات المغربية الأصيلة التي توارثتها الأجيال على مر التاريخ، يُعتمد في صناعتها على مواد وأدوات تقليدية، وتتميز بأصالتها وألوانها وزخرفتها.
واشتكت العديد من الصانعات التقليديات بمدينة فجيج ضعف تسويق الزربية الفيجيجية مقارنة مع الزرابي الأخرى في مناطق مختلفة من المملكة، والتمسن من وزارة الصناعة التقليدية إعطاء أهمية والتفاتة إلى هذه الصناعة والعاملين فيها، وتيسير تسويقها وطنيا ودوليا.
ويجزم العديد من الحرفيين بأن حماية الصناعة التقليدية بشكل عام كموروث ثقافي وتراث إنساني، لا يعني الصانع التقليدي بمفرده، بقدر ما يعني كل المغاربة، لما لها من رمزية في حياتهم، إذ تشكل، وبدون منازع، الملمح الأقوى في كل بيت مغربي، وتحمل جذورا حضارية راكمها المغرب لقرون عدة.
المصدر: وكالات