أقرّ يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، باستمرار “إشكاليات مستعصية” تخص شغيلة قطاعاتٍ تُشرف عليها شركات المناولة (ٍSous-traitance) في المغرب؛ غير أنه شدد، في السياق، على أن “العمل جارٍ لحلّها” بالقانون وفي إطار استشارة الفرقاء الاجتماعيين.
ولم يفوّت السكوري فرصة جلسة عمومية للأسئلة الشفهية الأسبوعية بمجلس النواب، أمس الاثنين، متفاعلا مع سؤال أثاره الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية عن “فرض احترام قانون الشغل وتوفير الحماية القانونية للشغيلة التي تعمل في إطار شركات المناولة”.
الردع والتغريم
كشف وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات أن “الحكومة تلتزم بإصلاح مدونة الشغل لإنهاء تجاوزات شركات المناولة وإنصاف الأجراء والشغيلة، لا سيما حراس الأمن الخاص”.
وأفاد السكوري منوها بطرح الموضوع، لأن “ملف شركات المناولة موضوع يُطرح، ويُعاد طرحه بأهمية بالغة. وفعلا، لا تزال هناك بعض الإجراءات التي يمكننا القيام بها على واجهتين: تغريم الشركات المخالِفة وصرامة الردع، مع العمل الجاري على إصلاح تشريعات الشغل”، وفقه.
ويتعلق الشق الأول لفرض احترام شركات المناولة للقوانين بـ”حصولها على الصفقات؛ فهي إذن مسألة ميزانية، ويجب أن تغطي هذه الميزانية الحد الأدنى للأجور على الأقل”، بتعبير المسؤول الحكومي، الذي أضاف: “نحن نقوم بعمليات التفتيش، ونضع أيدينا على المخالفات، بل إنّ منها ما يرقى إلى درجة أن يكون جُنَحا؛ ولكن عندما نريد تطبيق الغرامات على المقاولات التي لا تُصرح بالأجور في حدها القانوني بصفة عامة، نجد أن الغرامة القصوى التي يمكننا فرضها هي 500 درهم فقط عن كل أجير لم يتم التصريح به أو صُرِّح به بشكل ناقص”.
وزاد شارحا للنواب: “حتّى لو ضبطنا مقاولة تُشغّل -مثلا- 1000 أجير وعامل، فإن السقف الأعلى للغرامة الإجمالية التي يمكن أن تلحق بها في حال عدم التصريح هو 20.000 درهم”، مستخلصا أن “هذا الوضع لا يسمح بتحقيق الردع الكافي”.
وفق ما أكده الوزير عينه، فالحكومة “بادرت إلى فتح قنوات التواصل مع الفرقاء الاجتماعيين عبر مراسلات رسمية ونقاشات داخل المؤسسة التشريعية (الغرفة الثانية)، بهدف “بلورة إجماع/ توافق وطني حول تعديل جوهري لمدونة الشغل في الأسابيع القليلة المقبلة.
وقال السكوري: “(…) لهذا اقترحنا داخل الحكومة، ومع الفرقاء الاجتماعيين -وقد راسلتُهُم في بداية شهر شتنبر الماضي، وتوصلت ببعض الأجوبة، كما تداولت معهم في الغرفة الثانية للبرلمان- أنه من الضروري حصول إجماع على إصلاح مدونة الشغل في الأسابيع القليلة المقبلة؛ وذلك لمعالجة إشكال حرّاس الأمن الخاص (خاصة عبر تخفيض ساعات العمل من 12 إلى 8 ساعات)، وكذلك “معالجة قضية الردع الذي يجب توفّره وضمانِ تفعيله في هذا الموضوع بالذات”، بتعبيره.
وختم مشددا على أن “الحكومة جاهزة.. وعلى أية حال، ستعمل على تمرير هذا القانون وتعديل التشريعات ذات الصلة لإنصاف هذه الفئات كما طالبَتْ بذلك المركزيات النقابية”.
“التكوين الخاص”
في موضوعٍ توحّدت في طرح أسئلته الآنية أربعةُ فرق نيابية، شدد السكوري على “دور محوري يلعبه التكوين المهني الخاص”، لافتا إلى أنه “رغم طبيعته الخاصة، فهو يُصنَّف قانونيا كخدمة عمومية”، مفيدا بأنه جرى تفعيل “مراجعة شاملة إصلاح مسطرة الاعتماد والتأهيل بالنسبة للدبلومات”.
وأفاد الوزير الوصي على قطاع التشغيل، مجيبا من منصة الغرفة البرلمانية الأولى، بأن “إجمالي المتدربين في التكوين المهني يبلغ حوالي 740 ألف شاب وشابة، يدرس منهم أكثر من 120 ألفا في التكوين بالقطاع الخاص، موزعين على شبكة واسعة تضم (حاليا) 1487 معهدا”.
وسجل المسؤول الحكومي عينه أن “التكوين المهني الخاص” يواجه “تحديات حقيقية تَفرضُها سرعة تطور بعض المجالات، خاصا بذكره القطاع الصحي وشبه الطبي الذي يستقطب وحده 50 ألف متدرب(ة) من أصل الـ120 ألفا؛ وذلك لمواكبة الورش الملكي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية والحاجيات المتزايدة لقطاع الصحة”.
وفي إطار خارطة الطريق الحكومية، أعلن السكوري عن “توقيع اتفاقيات مع الفيدراليات المعنية لحل إشكالية التوقيت؛ عبر إطلاق “الدروس المسائية” بشكل رسمي ابتداء من بداية السنة. وأوضح أن “هذا التوقيت الجديد ممتد من الساعة السادسة مساء إلى التاسعة ليلا طيلة أيام الأسبوع، بالإضافة إلى يوم السبت من التاسعة صباحا حتى الخامسة عصرا”.
وأبرز وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات أن “هذا الإجراء يهدف إلى تمكين الموظفين والعاملين من متابعة دراستهم أو إعادة تكوينهم دون التأثير على التزاماتهم المهنية؛ مما يفتح آفاقا جديدة للترقي المهني وتطوير الكفاءات”.
في جوابه المسهب، تطرق الوزير إلى مراجعة شاملة لمساطر “الاعتماد” (Accréditation) و”التأهيل” الخاصين بالدبلومات؛ وشرَح: “كانت الإجراءات السابقة تتطلب انتظار تخرج الفوج الأول لمنح الاعتماد؛ مما كان يشكل عائقا أمام الاستثمار والمستفيدين على حد سواء، قبل تغيير جذري لهذه المسطرة لتقليص المدة الزمنية وتسهيل الإجراءات، مع الحرص على أن يكون المستثمر في قطاع التكوين واعيا بمسؤولياته وجودة العرض المقدَّم”، مشددا على أن “الهدف هو ضمان قيمة الدبلوم في سوق الشغل وتشجيع الاستثمار الجاد في المؤسسات التكوينية”.
وعن “ضمان الجودة والدعم الاجتماعي للمتدربين”، اختتم السكوري حديثه بـ”التشديد على أهمية المراقبة الدورية للشُعب والتخصصات لضمان الجودة، مؤكدا أن نجاح المنظومة رهين بشراكة قوية بين القطاعين العام والخاص”.
وفي الشق الاجتماعي، استحضر وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات “دعما ماليا تقدمه الدولة لطلبة التكوين المهني الخاص؛ إلا أن تعقيدات المساطر البيروقراطية كانت تحول دون استفادة المعاهد والطلبة منه بشكل سلس. ولحل هذه المعضلة، تم ربط الاستفادة بالسجل الاجتماعي الموحد لاستهداف الفئات المعوزة بدقة، وتبسيط إجراءات صرف المنح للمؤسسات، لضمان تكافؤ الفرص في التحصيل العلمي والمهني”.
المصدر: وكالات
