قال أحمد رشيد خطابي، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بالجامعة العربية، إن مفهوم التنمية المستدامة الذي يعني الاستجابة لاحتياجات الحاضرين دون التأثير على متطلبات أجيال المستقبل ظهر كمفهوم سوسيو – اقتصادي لأول مرة خارج دوائر الفكر، في تقرير لجنة بروتلاند سنة 1987، نسبة لرئيسة وزراء النرويج آنذاك التي أشرفت على إعداده.
وأضاف السفير المغربي، في كلمة له خلال أعمال الدورة العادية الـ 18 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب برئاسة المملكة العربية السعودية، أن “قمة الأرض في 1992 شكلت لحظة رمزية قوية لاستشعار المجتمع الدولي بخلاصات وإرهاصات تقرير ‘نادي روما’ حول حدود النمو والمستقبل البشري، ومن ثم بروز إشكالية ذات بعد كوني في إطار العمل الدبلوماسي متعدد الأطراف وديناميكية حركات اللاعبين الدوليين من مؤسسات برلمانية وأحزاب ‘الخضر’ وجماعات ترابية، وخاصة مكونات المجتمع المدني عبر العالم التي سعت إلى الضغط على الحكومات لاتخاذ إجراءات جريئة لمواجهة المخاطر المحدقة بالمحيط البيئي والاحتباس الحراري والمحافظة على التنوع البيولوجي”.
وأشار خطابي إلى أن “سنة 2000 تعد محطة هامة في هذا المسار مع إصدار الأمم المتحدة وثيقة أهداف الألفية التي استهدفت بالأساس البلدان النامية، ومهدت لاعتماد أجندة 2030 في 2015 التي اتخذت طابعا أكثر زخما وشمولية وتنوعا بتحديد 17 هدفا و169 غاية، في صدارتها معالجة الأسباب الجذرية للفقر والإقصاء، وتأمين العلاج وتوفير السكن اللائق لتحقيق تنمية مستدامة تشمل بالإضافة إلى البعد الاقتصادي الجوانب البيئية والاجتماعية”، لافتا إلى أنها “تشكل مجتمعة الأهداف التي يضطلع الإعلام بكافة روافده بدور أساسي ومؤثر في مواكبة تنفيذها وتنوير الرأي العام بالمعلومات والحقائق التي تهم المخططات التنموية المستدامة”.
وعلى هامش اجتماعات اللجنة الدائمة للإعلام العربي والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام، التي تستضيفها العاصمة الليبية طرابلس، أكد الدبلوماسي المغربي أن “قمة شرم الشيخ 2015 اعتمدت الأجندة الأممية التي تم خلالها استحداث إدارة متخصصة في التنمية المستدامة بجامعة الدول العربية”، مضيفا أن “القمة العربية أقرت بالظهران في 2018 الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة التي حددت الترابط العضوي القائم على المستوى الإعلامي مع كل هدف من أهداف أجندة 2030، في إطار رؤية تشاركية ترتكز على جعل الإنسان غاية وجوهر العملية التنموية”.
“الإعلام العربي مطالب بأن يكون رافعة أساسية في متابعة الأجندة الأممية من خلال نهج إعلامي للقرب وتواصل مؤسساتي يسهم في احتواء وتقويم سلوكيات الهدر واستنزاف المقدرات وحماية النظم الإيكولوجية، وتقديم برامج إعلامية لتشجيع المشاريع الزراعية الداعمة للاستدامة في ظل ندرة الموارد المائية، علما أن المنطقة العربية تعد من أفقر المناطق في المياه، ولا تتجاوز 7 في المائة من المخزون المائي في العالم”، يورد المتحدث ذاته، مشددا على “أهمية إدماج الإعلام البيئي والتربية على التنمية المستدامة في المناهج التعليمية العربية من أجل بناء مواطن مسؤول إزاء محيطه البيئي، والتأسيس لإعلام يتفاعل مع قضايا التنمية المستدامة في إطار المخططات الهادفة إلى الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وتجاوز الإكراهات البنيوية الضاغطة، بما فيها تطوير أنماط الإنتاج لضمان الأمن الغذائي والتحكم في اختلالات الزحف العمراني والنمو الديموغرافي، إذ من المتوقع بحسب تقديرات الأمم المتحدة أن يصل سكان العالم العربي سنة 2050 إلى حوالي 686 مليون نسمة”.
وفي حديثه عن التفاعل الإعلامي مع زلزال الحوز الذي ضرب عددا من المدن والقرى المغربية، أكد خطابي أن “الأزمات والكوارث الطبيعية التي عشنا مآسيها المؤلمة في المدة الأخيرة إثر الزلزال العنيف بجهة الحوز بالمغرب، والسيول الجارفة التي ضربت مدينة درنة، أظهرت الدور الحيوي لوسائل الإعلام المختلفة، بما فيها الإعلام العمومي، في التعاطي مع الانعكاسات الوخيمة لمثل هذه الكوارث على الظروف المعيشية والصحية والنفسية للساكنة المتضررة”.
وختم المسؤول الدبلوماسي المغربي كلمته بالتأكيد على أن “للإعلام دورا هاما في تنزيل أهداف التنمية المستدامة، ويعد من بين الأولويات على جدول أعمال مجلس وزراء الإعلام العرب وهياكله، تماشيا مع نبل رسالة الإعلام العربي في صناعة محتوى هادف وذي مصداقية يسهم في الدفع بمسارات التنمية المستدامة”، مذكرا بأن “جائزة التميز الإعلامي لسنة 2022 خصصت لهذا الموضوع تشجيعا للكفاءات الإعلامية العربية”.
المصدر: وكالات