تواصل النقابات الصحية الاحتجاج على عدم تفعيل الحكومة الاتفاق الموقع بينهما حول مطالب الأطر الصحية، بالدعوة إلى الاستمرار في الإضراب عن العمل بجميع المستشفيات والمراكز الصحية عدا أقسام المستعجلات والإنعاش، متوعدة بتصعيد أشكالها الاحتجاجية في غضون الأيام المقبلة، في الوقت الذي لم تبادر فيه الحكومة إلى فتح قنوات الحوار، إلى حد الآن، مع النقابات الغاضبة.
وتخوض الأطر الصحية إضرابا جديدا لمدة يومين، اليوم الأربعاء وغدا الخميس، وسط توقعات بأن تُقدم الحكومة عن تنفيذ الاتفاق الموقع مع النقابات المعنية، بدءا بالزيادات في الأجور المرتقب الإعلان عنها بمناسبة توقيع اتفاق مع المركزيات النقابية في نهاية شهر أبريل الجاري، تتويجا لجولات الحوار الاجتماعي المركزي.
وبحسب مصادر نقابية، فإن موضوع عدم تفعيل الاتفاق الموقع بين الحكومة والنقابات الصحية كان حاضرا خلال أولى جولات الحوار الاجتماعي المركزي، واستُشفّ من رد الحكومة أنها “ستُقدم في القريب العاجل على تنفيذه”، وفق إفادة مصدر نقابي لهسبريس تحفظ عن ذكر اسمه.
في المقابل، قال مصطفى الشناوي، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن توجّه الحكومة نحو الانتظار إلى غاية نهاية أبريل لتنفيذ الاتفاق الموقع مع النقابات الصحية، “ربما يكون احتمالا، ولكن هذا لا يهمّنا، لأن الاتفاق الذي وقعناه تم في إطار الحوار القطاعي، ولا يمكن أن ننتظر إلى حين تفعيل اتفاق الحوار الاجتماعي المركزي”.
وأضاف الشناوي، في تصريح لهسبريس، أن الحكومة “لم توقع مع النقابات الصحية على محضر الاتفاق المتعلق بمطالب الأطر الصحية إلا بعد أن تم الاتفاق على جميع المطالب، ومع ذلك ما زال هذا الاتفاق معلقا إلى حد الآن”.
وتتجه النقابات الصحية نحو تصعيد احتجاجاتها في غضون الأيام القليلة القادمة، حيث تنادي بعض الأصوات النقابية، وفق المعلومات المتوفرة، بأن يشمل إضراب الأطر الصحية أقسام المستعجلات والإنعاش أيضا، للضغط أكثر على الحكومة لتفعيل الاتفاق الموقع مع النقابات، غير أن مصطفى الشناوي استبعد هذا الخيار، بقوله: “هذا الطرح غير ممكن. قطاع الصحة يجب أن يشتغل، ويجب توفير الخدمات الصحية الاستعجالية للمواطنين”.
وبالرغم من ذلك، أردف الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة أن النقابات “ستصعّد احتجاجاتها بشكل أقوى”، موضحا أنها ستدرس الخيارات الممكنة مباشرة بعد عطلة عيد الفطر، ومنها شلّ العمل في المستشفيات والمراكز الصحية، وتوقيف البرامج الصحية لمدة أطول من المُدَد التي استغرقتها الإضرابات المنفذة إلى حد الآن.
وجوابا على سؤالٍ إنْ كانت النقابات ستنتظر إلى حين الإعلان عن مضمون الاتفاق بين الحكومة والمركزيات النقابية في إطار الحوار الاجتماعي المركزي، المرتقب الإعلان عنه يوم 25 أبريل الجاري، قبل تصعيد احتجاجاتها، قال الشناوي: “نحن لا علاقة لنا بالحوار الاجتماعي المركزي ولا يمكن أن ننتظر”، مضيفا: “خلال الأسبوع المقبل ستحسم النقابات في الخطوات التي سنتخذها”.
من جهته، قال أحمد الحكوني، الكاتب العام للجامعة الوطنية للصحة، التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن النقابات الصحية “لا تفهم سبب عدم تنفيذ الحكومة للاتفاق الموقع معها”، مشيرا إلى أن الحوار متوقف تماما بين الطرفين، في الوقت الذي لا يزال فيه القطاع يعيش على وقع الأزمة.
وأضاف الحكوني في تصريح لهسبريس: “كان على الحكومة، على الأقل، أن تتواصل معنا وتخبرنا بسبب عدم تنفيذ الاتفاق ومكمن المشكل، لا سيما وأننا وقعنا كنقابات محاضر الاتفاق، واتفقنا على الجوانب المالية، وعلى كل شيء، لكن الاتفاق لم ينفذ إلى حد الآن، دون أن نعرف السبب”.
وانخرطت الجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابية لحزب الاستقلال المشارك في الحكومة، في الإضراب الذي تخوضه الأطر الصحية اليوم الأربعاء وغدا الخميس، “ردا على تجاهل مطالب موظفي القطاع وتعليق الحوار الاجتماعي”.
وانتقدت النقابة المذكورة “تنصّل السلطات المعنية من التزاماتها مع شغيلة القطاع”، معتبرة أن “النهج الحكومي الحالي المتمثل في تجاهل مطالب الشغيلة الصحية لا يمكن إلا أن يرهن الورش الوطني لتنزيل مشروع التغطية الاجتماعية، بما فيه القيام بإصلاح جذري للمنظومة الصحية الوطنية بمنطق تشاركي يهدف إلى الانفتاح والتشاور مع الشركاء الاجتماعيين وإشراكهم في الجهود المبذولة، بعيدا عن منطق التجاهل والإخلال بالوعود والإقصاء”.
وتوعدت الجامعة الوطنية للصحة بأنها “على أتم الاستعداد لخوض جميع الأشكال النضالية لإعادة الأمور إلى نصابها، ووضع حد لغياب التعاطي الجاد مع انتظارات القطاع والشغيلة على حد سواء”.
المصدر: وكالات