قال الدكتور أحمد الريسوني، الأمين العام السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والرئيس الأسبق لحركة التوحيد والإصلاح، إن تعديلات مدونة الأسرة التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع، جاءت مخالفة للشريعة الإسلامية في مسألة واحدة.
ويرى الفقيه المقاصدي أنه « تمخض الجبل فولد فأرا »، في تعليقه على مخرجات هيئة مراجعة مدون الأسرة، التي أعلن عنها وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الثلاثاء الماضي، في لقاء تواصلي مع وسائل الإعلام.
وكان وهبي قال بخصوص تعدد الزوجات، « اعتمدنا إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج، وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط ».
وشملت التعديلات أيضا، « تأطيرا جديدا لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثْمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية ».
إليكم نص الحوار مع الدكتور الريسوني:
عقب الإعلان عن التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة، تباينت ردود الفعل بين مرحب بها ومتخوف من إقرار بعض المقتضيات، ما انطباعكم الأولي على ما تم الإعلان عنه والمنهجية المعتمدة؟
** انطباعي العام هو: « تمخض الجبل فولد فأرا ». عدد من الوزراء وكبار المسؤولين ومن الفقهاء، وبعد مخاض طويل، أنتجوا لنا مجموعة من الأفكار الخلافية الفضفاضة. الآن ما عليه شبه إجماع هو: أن هذه التعديلات المعلن عنها ستعطي زخما كبيرا للعزوف عن الزواج والخوف منه، وستحدث مزيدا من الخصام والشقاق داخل الأسر المغربية.
هل تعتقدون أن قاعدة « لا تحليل للحرام ولا تحريم للحلال » لم تحترم في مشروع التعديلات المقترحة؟
** هذه القاعدة لم تنتهك إلا في مسألة التعدد…
وفي تعديلات سنة 2000 كان قد وقع التنصيص في مشروع التعديل على أن التعدد لا يسمح به إلا في حالة الضرورة، فعلق بعض الفقهاء بأن هذا يعني أنه أصبح حراما، لأن ما لا يسمح به إلا للضرورة هو الحرام، حسب قاعدة « الضرورات تبيح المحظورات »، ولذلك تم حذف تلك الصيغة، الآن عادوا إليها بتعبيرات جديدة، ليصبح التعدد ممنوعا إلا في حالات استثنائية مضيقة ومشددة. فليتهم شددوا على الخمر مثل تشديدهم على التعدد.
التنصيص على منع التعدد في عقد الزواج لمن تشبثت بذلك، هل هو في نظركم تقييد للتعدد أم منع للحقوق الشرعية وبالتالي تحريم لما أحله الله؟
** اشتراط الزوجة الأولى عدم الزواج عليها ممكن ومقبول فقهيا، والعمل به قديم، لكن الجديد هو الإجبار على التصريح به عند العقد، والإجبار على كتابته في العقد.
أثار موضوع « إخراج بيت الزوجية من التركة » الكثير من الجدل، ما رأيكم في التعديل المقترح؟
** هذا التعديل جاء بصيغة مبهمة لن تنتج إلا الاختلاف، بداية من مرحلة الصياغة القانونية له. وهو يريد أن يعالج مشكلة شبه وهمية، بخلق مشاكل ومنازعات لا حصر لها داخل الأسر وأمام المحاكم. فكأنَّ هناك حرصا على « التعديل لأجل التعديل »، نحن أمام « تروين المدونة » وليس تعديل المدونة.
أليس المفروض أن تشجع الدولة الشباب على الزواج؟ هل تعتقدون أن تعديلات المدونة تحقق هذا المبتغى؟
** هذه التعديلات للأسف مشجعة فقط على نبذ الزواج. أنا أدعو إلى إنشاء « الصندوق الوطني لدعم الزواج »، ويمكن للناس أن يضعوا فيه جزءا من زكاتهم ومن تبرعاتهم، وأن تكون له أوقاف خاصة به… فبمثل هذا نشجع على الزواج وعلى إنجاحه وإعادة الاعتبار له.
ما الطريق في اعتقادكم لتحقيق مساواة حقيقية بين الجنسين؟
** الطريق هو المساواة أولا في المهر، وفي إعداد بيت الزوجية، وفي النفقة، وفي الحضانة، وفي الحمل والولادة، وفي الرضاع… فإذا تحققت المساواة في هذه الأمور فسيتبعها الباقي تلقائيا.
المصدر: وكالات