نجاح وليد الركراكي في التدريب لم يكن وليد اللحظة مع المنتخب الوطني المغربي، خلال نهائيات كأس العالم قطر 2022، بعد احتلال المركز الرابع في مشاركة تاريخية، ما حققه إنجاز عظيم سيتذكره الصغير قبل الكبير، رافقه منذ بداياته في عالم التدريب، بعد إنهاء مشواره الكروي الحافل بالإنجازات كذلك.
ولد وليد الركراكي يوم 23 شتنبر 1975، في كورباي إيسون الواقعة على نهر السين بضواحي العاصمة الفرنسية باريس، ونشأ في حي مونتكونساي في أسرة مغربية تنحدر من مدينة الفنيدق، ولديه جنسية مزدوجة فرنسية ومغربية.
الركراكي شغوف بكرة القدم منذ صغره
بدأ شغف وليد الركراكي بكرة القدم منذ نعومة أظافره، حيث لعب لفريق “كورباي إيسون”، تحت قيادة المدرب”رودي غارسيا” الذي يعود له الفضل في اكتشافه بالصدفة حينما كان يدرب الفريق الأول لكورباي إيسون، صاعدا به إليه، إذ لعب وليد موسمين هناك، قبل أن يلتحق بفريق “راسينغ دو باريس”، وهو ناد من الدرجة الثالثة، ثم تولوز الفرنسي، باديا بذلك مسيرته الاحترافية في سن متأخرة “23سنة”.
لم تكن تجربة الركراكي مع تولوز ناجحة، بعدما تم التخلي عنه لأسباب مالية، لينتقل بذلك إلى فريق “أجاكسيو” الفرنسي الذي كان في الدرجة الثانية، صاعدا معه إلى الدرجة الأولى من الدوري الفرنسي.
انتقل وليد بعد ذلك إلى راسينغ سانتاندير الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى الإسباني، إلا أنه لم يلعب له كثيرا بعد تعرضه لحادث، حيث كانت أول مباراة له مع الفريق يوم 22 يناير 2005 على أرضية ملعب كامب نو ضد نادي برشلونة، ليعاني بعدها الركراكي من كثرة الإصابات، ما جعله يلعب 9 مباريات في الدوري ومباراة واحدة في كأس إسبانيا خلال موسم 2005-2006.
بعد نهاية عقده مع راسينغ سانتاندير سنة 2007، عاد وليد الركراكي إلى فرنسا من بوابة فريق ديجون الذي وقع معه لموسم واحد، وفي 25 شتنبر من السنة ذاتها وقع عقدا جديدا مع فريق غرونوبل لمدة 3 مواسم، وفي 14 شتنبر من سنة 2010 وقع وليد عقدا مع نادي فلوري ميروجيس الذي يمارس في القسم الشرفي هواة، ولعب له 3 مواسم، قبل أن ينهي مسيرته الكروية عن عمر يناهز 36 عاما.
بداية مجد الركراكي كرويا مع المنتخب المغربي
انضم وليد الركراكي إلى المنتخب الوطني المغربي سنة 2000 في عهد المدرب البرتغالي أومبرتو كويلهو، إلا أن بزوغه لم يظهر إلى غاية 2004 مع المدرب بادو الزاكي في كأس إفريقيا الذي أنهاه أسود الأطلس في الوصافة بعد خسارته المباراة النهائية أمام تونس البلد المنظم بهدفين لهدف.
وشارك الركراكي مع المنتخب المغربي في نسختين من مسابقة كأس أفريقيا سنة 2004 وسنة 2006، في حين لعب 45 مباراة دولية سجل خلالها هدفا واحدا، وكانت آخر مباراة له مع أسود الأطلس يوم 20 يونيو 2009 أمام المنتخب الطوغولي في المباراة التي جمعت المنتخبين بملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، والتي انتهت بالتعادل السلبي لحساب تصفيات كأس العالم 2010.
مسار حافل بالإنجازات
أشرف وليد الركراكي على تدريب الفتح الرياضي، في أول تجربة له كمدرب، وبعد فترة وجيزة فاز خلالها بلقب كأس العرش سنة 2014، والبطولة الاحترافية سنة 2016، ولقب أفضل مدرب خلال السنة نفسها.
نجاح الركراكي مع الفتح الرياضي، فتح له الطريق للاحتراف، مشرفا على فريق الدحيل القطري، الذي فاز معه بلقب بطولة الدوري، ليعود بعدها إلى المغرب ويشرف على تدريب الوداد الرياضي الذي حققه معه المجد الكروي محليا وقاريا في موسم واحد.
وقا وليد الركراكي الوداد الرياضي للتتويج بلقب دوري أبطال إفريقيا، بالانتصار في المباراة النهائية على الأهلي المصري بهدفين نظيفين، ليحقق بعدها مع نفس الفريق لقب البطولة الاحترافية، كما لعب نهائي كأس العرش الذي خسره أنذاك أمام نهضة بركان.
وحصل الركراكي على جائزة أحسن مدرب في البطولة الاحترافية، كما تم ترشيحه من قبل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من بين أفضل 3 مدربين في القارة الإفريقية في حفل توزيع جوائز الكاف، إلى جانب المدرب السنغالي أليو سيسي، والبرتغالي كارلوس كيروش الذي كان يدرب المنتخب المصري، وهي الجائزة التي فاز بها مدرب منتخب السنغال أليو سيسي.
108 يوم كافية لكتابة التاريخ
قبل أن يصبح مدربا للمنتخب المغربي، شغل الركراكي منصب مساعد مدرب، عندما قرر الناخب الوطني السابق رشيد الطاوسي ضمه إلى فريقه الفني، حيث شغل وليد هذا المنصب إلى غاية 2013، بعدما فشل المنتخب في إحراز البطاقة المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2014 التي أقيمت في البرازيل.
تقلد وليد الركراكي منصب مدرب المنتخب الوطني المغربي قبل ثلاثة أشهر فقط من بداية كأس العالم قطر 2022، خلفا للبوسني وحيد خاليلوزيتش، ليكتب بعدها التاريخ في هذا المونديال باحتلال المركز الرابع، ليصبح أول مدرب محلي وعربي يقود منتخب بلاده إلى المربع الذهبي للعرس المونديالي.
وقاد وليد الركراكي المنتخب الوطني في 10 مباريات منها الودية والرسمية، حيث كانت البداية أمام مدغشقر فاز خلالها الأسود بهدف نظيف، ليواجه بعدها منتخب الشيلي منتصرا عليه بهدفين نظيفين، قبل يتعادل مع باراغواي بدون أهداف، علما أن المباريات الثلاث كانت ودية استعدادا لنهائيات كأس العالم.
وكانت أول مباراة رسمية يخوضها الركراكي مع المغرب كمدرب، أمام كرواتيا بنهائيات كأس العالم، محققا أول تعادلا له، قبل أن ينتصر على بلجيكا بهدفين نظيفين، وكندا يهدفين لهدف، ذاهبا بالمنتخب إلى ثمن نهائي المونديال، لمواجهة إسبانيا التي تغلب عليها بالضربات الترجيحية، لينتصر في الربع على البرتغال بهدف نظيف، قبل أن ينهزم أمام فرنسا في النصف بهدفين نظيفين، وأمام كرواتيا في الترنيب بهدفين لهدف.
رضا الوالدين والنية
روح العائلة من أهم ما يؤمن به وليد الركراكي لبناء فريق ومنتخب قوي ومتماسك، بإمكانه قهر الكبار، سواء عندما كان مشرفا على تدريب الفتح الرياضي والوداد الرياضي، هو ما بدى واضحا كذلك مع المنتخب الوطني المغربي رغم كل النجوم المتواجدين.
وليد الركراكي بحنكته استطاع أن يلم اللاعبين له، بما فيهم عبد الرزاق حمد الله وحكيم زياش، وغيرهم من اللاعبين، حيث أصبح البيت الداخلي لأسود الأطلس يتمتع بنوع من الهدوء والطمأنينة، عكس ما كان عليه في عهد وحيد خاليلوزيتش، بل وأصبح اللاعبون مثل العائلة وكل واحد يقدم ما لديه وأكثر على رقعة الميدان.
وختاما، ما كان مستحيلا قبل ضربة البداية أصبح حقيقة الآن، كون أن لا أحد كان يتوقع وصول المغرب إلى نصف نهائي مونديال قطر، قبل ضربة البداية إلا أن الروح التي زرعها الركراكي في لاعبيه أدت إلى تحقيق هذا الإنجاز وهو ما أكده بدر بانوم حينما قال “أريد التحدث عن أمرٍ لم أبح به سابقاً، قبل أربعة أشهر كنت أُفكر في اعتزال كرة القدم، الشكر الكبير يعود إلى هذا السيد (وليد الركراكي) الذي جعلني من بين هؤلاء الأبطال الذين شرفوا راية المنتخب الوطني”، علما أن العديد من اللاعبين أكالوا المديح لمدربهم الركراكي.
المصدر: وكالات