يتطلع “مغاربة المهجر” إلى وطنهم بكثير من “التقدير الرمزي”؛ غير أنهم يحتفظون دائما بهواجس ترتبط بالتدبير اليومي لمصالحهم الشخصية لدى مختلف المصالح الإدارية .. هكذا كانت خلاصة رأي رسمي قدمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعنوان “تمتين الرابط الجيلي مع مغاربة العالم.. الفرص والتحديات”.
وكشف “رأي المجلس” أرقاما صادمة تعكس أن 47 في المائة من مغاربة العالم صرحوا بأنهم راضون عن الخدمات القنصلية المقدمة لهم في بلدان الإقامة، و36 في المائة غير راضين عن تدبير عملية العبور عبر المراكز الحدودية بالمغرب. كما أعرب 44 في المائة من المشاركين عن عدم رضاهم عن الخدمات البنكية (تحويل الأموال وتدبير المدخرات) المقدمة في بلدان الإقامة.
وفي السياق ذاته، صرح 71.2 في المائة من المشاركين بأنهم غير راضين عن الخدمات الإدارية المقدمة في المغرب، و65.8 في المائة عبروا عن عدم رضاهم عن الخدمات القضائية المقدمة في المغرب، وأكد 84.4 في المائة أنهم غير راضين عن الخدمات الصحية المقدمة في المغرب؛ بينما صرح 78.3 في المائة بأنهم يعتبرون الفساد واستغلال النفوذ والزبونية عراقيل تعيق استثماراتهم.
عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، قال إن هذه الأرقام بصفة عامة تعكس حالة عدم الرضا عن أداء المرافق الإدارية والاجتماعية المغربية، ليس فقط في وجه الجالية المغربية في الخارج؛ بل في وجه المواطنين بصفة عامة.
وسجل الخضري ملاحظة تهم موقفهم بخصوص أداء القنصليات المغربية في الخارج، مؤكدا أنه بالنظر إلى حجم التذمر وعدم الرضا عن أداء القنصليات أكبر بكثير من هذا الرقم الجالية المغربية تعاني بشكل كبير من سوء المعاملة والزبونية والابتزاز والتأخر في المواعيد.
وأشار المتحدث إلى أن سبب تردي الخدمات القنصلية هو معايير انتقاء موظفي ومسؤولي تلك المرافق، بحيث إنه لو كانت مبنية حصرا على الكفاءة والنزاهة والجدية في أداء الموظف بدل الزبونية والمحسوبية لما كانت الجالية تعاني كل هذه المعاناة، ناهيك عن البيروقراطية الإدارية التي تفقد المؤسسات إلى المرونة وإلى الحلول المبتكرة.
ويعتقد المصرح لهسبريس أن الانطباعات الحقيقية للمواطنين، وخصوصا الجالية المغربية بالخارج تعكس حجم الاختلالات في المؤسسات المغربية داخليا وخارجيا، والذي يترتب عنه هدر كبير لحقوق ومصالح المواطنين، مستحضرا النقلة النوعية التي عرفتها الصين التي كانت تعرف الاختلالات نفسها؛ ولكن بفضل برنامج “XNJS”، الذي عمل واضعوه على تجويد أداء المؤسسات العمومية الصينية وجعل حل مشاكل المواطنين ومساعدتهم بشأن مصالحهم الإدارية والإجرائية عامل تقييم المؤسسة والموظفين.
عائشة باشا، فاعلة متتبعة لشؤون الجالية مقيمة ببلجيكا، قالت إن الأرقام تعكس واقعا يعيشه مغاربة المهجر، خصوصا في علاقتهم بالقنصليات.
وأكدت الفاعلة المتتبعة لشؤون الجالية المقيمة ببلجيكا أن أكثر من مليوني مواطن مغربي غير راض عن أدائها، على الرغم من حصول بعض التقدم الخفيف على مستوى الخدمات.
وأوضحت باشا أن خدمات القنصليات لا تواكب التطورات اللغوية والثقافية للجالية، كما تعتري خدماتها أعطاب عديدة مرتبطة باللغة والرقمنة والوثائق.
وطالبت المتحدثة ذاتها باستحضار تألق أبناء الجالية في الدفاع عن القميص الوطني، وزادت متسائلة: “لماذا لا يمنح هؤلاء فرص العمل بالقنصليات فهم أدرى بالتفاصيل وأقل تكلفة؟”.
وأردفت أن مشكل الإدارة المغربية هي الشخصنة؛ ففي كثير من الأحيان، المشكل يأتي من مسؤول غير كفؤ، وبالتالي ينعكس هذا الأمر على الخدمات، معترفة بتأثير الفساد والزبونية على التنمية بالمغرب.
المصدر: وكالات