في سنته السادسة بعد الستين، رحل عن دنيا الناس أحمد شوقي بنيوب، الذي كان مندوبا وزاريا مكلفا بحقوق الإنسان، وخبيرا في مجال حقوق الإنسان، شغل عدة مهمات من بينها عضوية “هيئة الإنصاف والمصالحة”، التي وثّق تجربتها في كتاب “كذلك كان”، مع الحقوقي مبارك بودرقة.
بنيوب، الذي اعتقل سياسيا وهو تلميذ، رفض تلقي مبلغ التعويض عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الذي حددته هيئة تحكيم هيئة الإنصاف والمصالحة، وأصر على تلقي “درهم رمزي”، وكذلك كان.
مبارك بودرقة، الذي كان لاجئا سياسيا وفاعلا سياسيا، وهو مسؤول بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، قال في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إن شوقي بنيوب “أحد ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وقضى عدة سنوات في السجن، وكان تلميذا لما اعتقل، ثم نال شهادة الباكالوريا والإجازة”.
وأضاف بودرقة: “بدأ نشاطه الحقوقي بعد خروجه من السجن، وكذلك نشاطه السياسي، وصار خبيرا في مجال حقوق الإنسان، وكان من المؤسسين للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وصار نائبا لرئيسها، وكان خبيرا لدى المرصد الوطني لحقوق الطفل، حيث كان يُكَوِّن الأطر والأطفال، وكان مستشارا لعدد من المؤسسات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، وعينه الملك في الصيغة الجديدة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة 2002، ثم في الولاية التي تلته”.
وذكر المتحدث ذاته أن الفقيد بنيوب “كان عضوا في هيئة الإنصاف والمصالحة التي فرغ فيها كل طاقته الحقوقية وتجربته من أجل إنجاحها، وكان عنصرا فاعلا يجر قاطرة الإنصاف والمصالحة”، وهو ما أرّخاه في كتاب “كذلك كان” الذي “كتبناه بعد مرور عشر سنوات على انتهاء أشغال الهيئة، بعدما اكتشفنا أن السياسيين المغاربة لا يكتبون لتوثيق مثل هذه التجارب، فأخذنا قرار توثيق وتدوين التجربة حتى تبقى للأجيال القادمة”.
وتابع بودرقة: “التقرير النهائي لهيئة الإنصاف والمصالحة لم يتحدث عن كل شيء، بل أعطى خلاصاتٍ وبعض التوجُّهات وقدم توصيات، ودخلنا في تفاصيل لا يعرفها كثيرون، من مفاوضات مع الدولة، وبحث عن القبور، وكثير من الجزئيات التي كان ينبغي تدوينها للتاريخ لتبقى للأجيال القادمة؛ وغالبا ما كنا نسمع في الصحافة أنها ذر للرماد في العيون، خطط لها المخزن لطي الصفحة فقط، لكننا أثبتنا في الكتاب أنه ليس ذاك ما كان”.
وشهد المصرح لهسبريس على أن “شوقي طلب ودافع عن أن يعوض بدرهم رمزي، ولم يأخذ تعويضه رغم إصرار أعضاء هيئة التحكيم، الذين قالوا له خذ تعويضك وقدمه لمن تشاء، لكنه رفض”.
وبرحيل محمد شوقي بنيوب، ذكر مبارك بودرقة أن المغرب “فقد عنصرا أساسيا جدا، بعدما رحل إنسان اكتسب تجربة فريدة من نوعها، في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ثم في تجربة الهيئة الإنصاف والمصالحة، وتجربته في مرصد الطفولة، ومساهمته في الشمال في موضوع الغازات السامة في حرب الريف، وخبراته الدولية في عدة مجالات”.
كما فقدت البلاد “فاعلا كان له دور أساسي في المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان في الرد على التقارير المغرضة والمعادية للقضية الوطنية، بحجج ليست سياسية وإيديولوجية، بل بحجج حقوقية ومواثيق دولية”، كما أنه كان حقوقيا “يدعو باستمرار إلى الحوار، وكان يتحدى أي أحد للحوار في التلفزيون أمام الناس لإقناعهم”، وفق المصدر ذاته.
المصدر: وكالات