تحيي المملكة المغربية في 6 نونبر من كل عام ذكرى المسيرة الخضراء؛ تلك المبادرة السلمية التي قادها الملك الحسن الثاني في عام 1975، والتي شكلت نقطة تحول فارقة في تاريخ المغرب الحديث.
وفي الذكرى الخمسين، يعود المغاربة ليستذكروا ملحمة وطنية خالدة جمعت الشعب لتحقيق الوحدة الترابية واستكمال السيادة الوطنية، وهي مناسبة للاحتفاء بالتضحيات التي قدمها أبناء هذا الوطن، وللتأكيد على الاستمرار في مسيرة التنمية والاستقرار.
انطلقت المسيرة الخضراء في 6 نونبر 1975، بمشاركة 350 ألف مغربي ومغربية، من مدينة طرفاية باتجاه الأقاليم الصحراوية، في إطار سلمي وحضاري، لتؤكد للعالم أجمع حق المغرب في أراضيه الصحراوية، وقد المسيرة تتويجا لجهود دبلوماسية وسياسية حثيثة قادها المغرب لاستعادة أراضيه المغتصبة.
يشيد المشاركون في المسيرة الخضراء، من مختلف ربوع المملكة، وخاصة من جهة درعة تافيلالت، بالنهضة التنموية التي تشهدها الأقاليم الصحراوية اليوم تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس، والتي أصبحت عنوانا بارزا للتنمية الشاملة والمستدامة، حيث تم تحقيق العديد من الإنجازات في مختلف القطاعات، بما في ذلك التعليم والصحة والبنية التحتية والاقتصاد.
موحى آيت لحساين، أحد المشاركين في المسيرة الخضراء وهو من أبناء إقليم ورزازات، في تذكره لهذه اللحظة التاريخية قال إن “جميع المشاركين لبوا نداء الحسن وكانوا كلهم عزيمة من أجل استرجاع الأقاليم الصحراوية المغتصبة من لدن الاستعمار الإسباني”.
وأضاف آيت لحساين، في تصريح لهسبريس، أن “الصحراء قبل المسيرة الخضراء كانت منطقة معزولة ومتخلفة، لكن اليوم نستطيع أن نقول إنها أصبحت نموذجا للتنمية والاستقرار”، مبرزا أن المسيرة الخضراء كانت نقطة انطلاق نحو المستقبل، حيث تمكنت المملكة المغربية من استعادة أراضيها وبدأت في بناء جميع ربوع الوطن.
يحيى سيدي مولود، من ساكنة الداخلة، قال إن “الأقاليم الصحراوية تشهد اليوم نهضة تنموية كبيرة، حيث تم استثمار مليارات الدراهم في مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، وقد ساهمت هذه المشاريع في تحسين مستوى المعيشة لسكان الأقاليم الجنوبية وخلق فرص عمل جديدة لفائدة الشباب”.
وأوضح مولود، في تصريح لهسبريس، أن الأقاليم الصحراوية تستقطب اليوم العديد من المشاريع الاستثمارية الكبرى، خاصة في قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين، وقد ساهم الاستثمار في هذه القطاعات في تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، مشيرا إلى أن “المسيرة الخضراء المضفرة لعبت دورا مهما في ما تعرفه الصحراء المغربية اليوم من نهضة تنموية”.
سعيد باعدي، مشارك في المسيرة الخضراء من إقليم تنغير، قال بدوره: “نحن أبناء إقليمي ورزازات والرشيدية أول من وضعوا أقدامهم سنة 1975 فوق التراب الوطني المغتصب آنذاك من قبل القوة الاستعمارية الإسبانية”، مضيفا أن الوفود تمكنت من تجاوز الحدود الوهمية التي وضعتها إسبانيا قبل أن تنسحب هذه الأخيرة ويستكمل المغرب استرجاع جميع أراضيه.
وذكر باعدي، في تصريح لهسبريس، أن الأقاليم الجنوبية للمملكة “كانت في تلك الحقبة الزمنية عبارة عن أراض قاحلة، واليوم بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك المغفور له الحسن الثاني وأيضا الرؤية السديدة للملك محمد السادس أصبحت هذه الأقاليم مختلفة عن الماضي ومن يزورها اليوم سيكتشف التغيير الحقيقي نتيجة النهضة التنموية التي عرفتها”.
وضاف: “لقد تم إنجاز العديد من مشاريع البنية التحتية في الأقاليم الصحراوية، بما في ذلك الطرق والجسور والمطارات والموانئ، وقد ساهم هذا في تسهيل حركة النقل والاتصالات وتحسين مستوى الخدمات المقدمة لسكان هذه الربوع”، مشيرا إلى أن ما تحقق في الصحراء “يجب أن يتحقق أيضا في الصحراء الشرقية، ويجب تنظيم مسيرة خضراء جديدة من أجل استرجاع الأراضي المقتطعة من قبل فرنسا وتسليمها للجارة الجزائر”، بتعبيره.
تعد المسيرة الخضراء رمزا للوحدة الوطنية والتلاحم بين أبناء الشعب المغربي؛ فقد جمعت بين المغاربة من مختلف المناطق والخلفيات، لتحقيق هدف وطني مشترك، كما ساهمت في تحقيق الاستقرار السياسي في المغرب، حيث مكنت من استعادة السيادة الوطنية على الأراضي الصحراوية، مما ساهم في تعزيز الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي في البلاد.
حظيت المسيرة الخضراء باهتمام دولي واسع؛ فقد أيدت العديد من الدول والمنظمات الدولية حق المغرب في أراضيه الصحراوية، وساهم هذا الاعتراف الدولي في تعزيز موقف المغرب حول قضيته الأولى.
المصدر: وكالات
