تواجه حكومات بعض الدول الأكبر مديونية في أوروبا أزمة مؤلمة خلال العام الحالي، بعد أن اصطدمت طموحاتها في خفض الديْن العام بحقائق السياسة التي تحتاج إلى زيادة الإنفاق العام.
وبعد سنوات إعفاء حكومات دول أوروبا من قيود عجز الميزانية والإنفاق العام بهدف احتواء تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد وارتفاع أسعار الطاقة، يعتبر 2024 حجر زاوية لإصلاح أوضاع المالية العامة في أوروبا من فرنسا إلى بريطانيا.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أنه في حين أن أغلب هذه البلدان ستحرز تقدماً في كبح جماح عجز الميزانية من خلال الإلغاء التدريجي لتدابير دعم الطاقة، فإن الضغوط الناجمة عن الالتزامات الجديدة والقائمة وتأثير ارتفاع أسعار الفائدة ستؤدي إلى استمرار الدين الوطني مرتفعاً وربما ارتفاعه بصورة أكبر في عدد كبير من الدول؛ ومنها إيطاليا التي قد يزيد معدل الدين العام فيها عن 140 في المائة في وقت قريب جدا.
في الوقت نفسه قالت مؤسسة فيتش ريتنجس للتصنيف الائتماني إن تحقيق فرنسا لهدف خفض معدل عجز الميزانية إلى أقل من 3 في المائة وفقا لقواعد الاتحاد الأوروبي بحلول 2027 “سيكون صعبا”.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أصدر صندوق النقد الدولي توقعاته الاقتصادية والتي أظهرت صعوبة الموقف الاقتصادي للدول الأوروبية. في الوقت نفسه تشير تقديرات عجز الميزانية لدول مثل فرنسا وإيطاليا وبريطانيا إلى أنها ستحتاج إلى التوسع في الاقتراض.
وتتزايد المخاوف بشأن الأوضاع المالية لفرنسا منذ أعلنت الحكومة الفرنسية في الأسبوع الماضي توقعاتها بزيادة الفجوة المالية خلال الأعوام المقبلة. وفي حين أعلنت الدولة تخفيضات طارئة في الإنفاق العام، فإنها اعترفت بأنها لن تتمكن من تحقيق مستهدفاتها بالسرعة التي تعهدت بها، مع استمرار ضعف الاقتصاد وانخفاض حصيلة الضرائب عن التوقعات.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أظهرت بيانات وكالة الإحصاء الأوروبية “يوروستات” أن أكثر من 20 دولة بالاتحاد الأوروبي سجلت عجزا في الموازنة خلال عام 2023.
وعلاوة على قبرص والدنمارك وإيرلندا والبرتغال، أنفقت 23 دولة أوروبية أموالا أكثر من التي حصلت عليها. وسجلت إيطاليا أعلى نسبة عجز بلغت 7,4 في المائة، تليها المجر 6,7 في المائة ورومانيا 6,6 في المائة.
وسجلت 11 دولة أخرى نسبة عجز أعلى من 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بحسب بيانات يوروستات، مما يشير إلى أنهم انتهكوا الحدود المفروضة في الاتحاد الأوروبي.
جدير بالذكر أن قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن عجز الموازنة والدين العام تخضع للإصلاحات حاليا.
وتنص القواعد النقدية على أن نسبة العجز العامة، التي تعني الفرق بين الدخل والنفقات في الموازنة العامة، يجب أن تكون أقل من 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
كما أن مستوى الدين العام لأي دولة أوروبية لا يتعين أن يتجاوز 60 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.
وأشارت يوروستات إلى أن مستوى الدين في 13 دولة أوروبية بلغ أعلى من 60 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال عام 2023. وكانت اليونان الأعلى بنسبة 161,9 في المائة تليها إيطاليا بنسبة 137,3 في المائة ثم فرنسا 110,6 في المائة وإسبانيا 107,7 في المائة وبلجيكا 105,2 في المائة.
ويشار إلى أنه نتيجة لجائحة كورونا والتداعيات الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا، تم تعليق تطبيق قواعد الانفاق النقدية الأوروبية.
وبداية من ربيع 2024، سوف يتم استئناف تطبيق هذه القواعد النقدية، مع احتمالية فرض غرامات في حال حدوث خروقات.
المصدر: وكالات