تُسلط سبع كاميرات لقنوات تلفزيونية على مبنى منهار في مراكش. واضح أن هناك مصيبة كبيرة ومراكش تحتضر. يقوم مراسلو القنوات التلفزيونية بعملهم النبيل، كانوا يخبرون الرأي العام العالمي تباعا بحقيقة ما يجري في المغرب.
فجأة وصل سائح إلى عين المكان بالصدفة وصور فيديو ركز فيه على وجهة كاميرات مراسلي القنوات التلفزيونية ثم قام بحركة بان بالكاميرا. لقد استدار 180 درجة وكشف المشهد الحقيقي لمدينة مراكش. الحياة طبيعية لكن الكاميرات الأجنبية انتقائية عوراء لا ترى إلا ما يلائم نوايا مشغليها.
إليكم موجز الفيديو “هيا انظروا، مراكش لم تنهر. هناك فقط انهيار صغير تقف أمامه كل الكاميرات لرصد الخراب وتضخيمه بينما كل ما حول الموقع بخير. توقفوا عن مشاهدة القنوات الفرنسية القذرة”، التي تستهدف تقديم صورة كارثية للمغرب.
إن تضخيم المصائب يجعل من الكاميرا الأجنبية سلاحا سياسيا فتاكا يستهدف معنويات الناس ويضعف الإجماع الوطني. قال نابليون بونابرت: “أربع صحف معارضة أخطر من ألف قنبلة”، لذلك يحقق القضاء الفرنسي حاليا مع الصحافية أريان لافريلو من الجريدة الرقمية “ديسكلوز”، بينما تندد فرنسا بترحيل المغرب لصحافييْ مجلة “ماريان” كوينتين مولر وتيريز دي كامبو، اللذين حضرا للكتابة عن عنف الدولة المغربية بمناسبة الزلزال، كما كتب الصحافي مولر على صفحته على تويتر إكس. قبل هذا التنديد سبق لقناة “فرانس 24” المقربة من وزارة الخارجية الفرنسية أن طردت صحافيين مغاربة كانوا يعملون بها.
السياسة هي سلسلة متصلة من الأسباب والنتائج التي تغلي فتصير بدورها أسبابا. هذا قديم، الجديد هو أن الثورة التكنولوجية جعلت من كل فرد صحافيا يصور ويبث. كشفت كاميرا صغيرة في يد سائح صحافيين محترفين يوجهون كاميراتهم إلى الخراب، لكن الكاميرا الصغيرة في يد السائح عرت الجُرم المشهود والمضلل. لقد هزمت كاميرا هاتف صغيرة منفردة كاميرات تلفزة جرارة كبيرة وغالية.
كيف يحارب الإعلام الأجنبي الإجماع والتضامن الوطنيين؟
تزدهر الإشاعات في زمن الأزمات، لذلك تستغل وسائل الإعلام الفرصة لخدمة أجندات قديمة. وهذا ليس جديدا في تاريخ المغرب. منذ 130 سنة أنشأ الحسن الأول مكتب الصحافة، الذي كان يقدم للمخزن ملخصات للمقالات التي تمس المغرب والصادرة سواء في طنجة أو في الخارج.
فكر السلطان في إصدار جريدة تدافع عن مصالحه وترد على تضليل الإعلام الأجنبي، لكن بعض العلماء المحيطين بالسلطان عرقلوا المشروع وصدرت فتوى ومقالة ساخرة بعنوان “الضرب بالزراويط على رأس من يقرأ الكَوازيط” (Les gazettes أي الجرائد)، كما ذكر في كتاب الدكتور جامع بايدة
“La presse marocaine d’expression française des origines à 1956”.
يهدد القلم ثم الكاميرا الأجنبية الإجماع الوطني. وهذه عينة فقط لمحاولات التضليل الأجنبي.
يبدو أن هناك من كان يتوقع اندلاع احتجاجات في المغرب بسبب زلزال الحوز.
حسب بعض المنابر، فإن التغطية الفرنسية المتحيزة- زائد مخاطبة الرئيس الفرنسي للشعب المغربي ليقول له إنه يتضامن معه أكثر من حكومة الرباط- كانت تستهدف دفع الأوضاع لتتجاوز سلطة الدولة. يفترض أن تقع احتجاجات بسبب الزلزال كما حصل في ليبيا بعد الفيضانات.
للنظام السياسي والاجتماعي المغربي خصائص مختلفة. فحتى حين تكون هناك أعطاب في تدبير الدولة يتم التغاضي عليها لكي لا يحصل الخصم الخارجي على منصة تسديد.
وقعت احتجاجات في ليبيا لأن هناك مسؤولية سياسية ثابتة في عدم صيانة السدود. في المغرب لم يتضرر الطريق السيار الذي يربط مراكش وأكادير، وهذا أهم خبر لم يتم تداوله. سدود منطقة الزلزال وسط المغرب ظلت صامدة.
في المغرب لم يفرز الزلزال تمزقا سياسيا، بل تماسكا وطنيا واضح المعالم.
حين تنكشف الأكاذيب فإن محاولات التدخل الأجنبي تقوي الإجماع الوطني. إنها تعطي نتائج عكسية.
لقد حقن الزلزال الكثير من الحماسة الوطنية والدينية في الجسد والوطن المغربيين. واهم من ينتظر أن قاطع طريق مثل المهندس الضابط بوحمارة في مغرب 2023.
لقد كشف فيديو سائح متحرر من الحسابات السياسية حقيقة المشهد. مراكش في مكانها بخير، وستحتضن شهرا بعد الزلزال الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين لعام 2023.
وقريبا ستأتي مئات الكاميرات العالمية لتنقل حقيقة المدينة الشامخة.
المصدر: وكالات