“أجواء متوترة” عاشتها العلاقة بين الجهاز الحكومي والاتحاد العام لمقاولات المغرب خلال الأسبوعين الأخيرين بشكلٍ لم تخطئه عيون الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين في البلاد.
بعد انتقادات ونقاط سلبية سجلها “باطرونا المغرب” في ندوة تقييمية لمشروع مالية 2024، رد رئيس الحكومة (بشكل مبطَّن) في مجلس المستشارين معددا مجهودات حكومية لإنعاش المقاولات ودعم دينامية الاستثمار، قبل أن يوضح الاتحاد العام لمقاولات المغرب أن ما يُصدره من “توصيات لا يعني الانتقاد الهدّام بأي حال من الأحوال”.
“لا نحتاج إلّا شهادة حق”
الثلاثاء الماضي، ومن منصة مجلس المستشارين، اختار رئيس الحكومة عزيز أخنوش الرد على ما جاء في ندوة “الباطرونا”، التي ترأسها شكيب لعلج مع نائبه مهدي التازي، خلال تعقيبه على مداخلات أعضاء الغرفة الثانية.
“الحكومة تفاعلت بالسرعة اللازمة مع صرف مستحقات الضريبة على القيمة المضافة TVA، عبر ضخ 20 مليار درهم للمقاولات كمُتأخّرات عن مستحقات هذه الضريبة من أجل تحقيق الانتعاش الاقتصادي وتوفير السيولة المالية في الخزينة، خاصة بعد الوضعية الحرجة التي عاشتها المقاولات خلال فترة “ما بعد كوفيد”، يقول أخنوش مذكّراً “الباطرونا”.
رد رئيس الحكومة بنبرة قوية بدا لافتاً حينما قال: “الحكومة تفاعلت بالسرعة والفعالية لتجد حلًّا للمقاولات المتعاقدة في إطار الصفقات العمومية مع مختلف الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، والتي تواجه صعوبات حقيقية في الوفاء بالتزاماتها التعاقدية”.
وذكر من جملة إجراءات حكومته “إصدار المنشور الذي يقدم حزمة من الإجراءات، من بينها تمديد آجال التنفيذ في حدود المدة اللازمة لتدارك التأخير الناتج عن تلك الأسباب، والتي يجب ألا تتجاوز في جميع الأحوال مدة ستة أشهر”. وأضاف أن “الناس خْدْمُوا يومياً جمعة وسبت وأحد باش يخرجو المنشور في آجال أسبوعيْن”.
ولم يفت المسؤول الحكومي بيان نجاح فريقه في “إخراج ميثاق الاستثمار بعد أزيد من 20 سنة، بما يضمن تحفيز الاستثمارات، خاصة أنه يمنح دعما للمقاولات يصل إلى 30 في المائة من قيمة المشاريع”، مؤكدا حرصها على “تحسين مناخ الأعمال وتبسيط المساطر الإدارية من خلال تبسيط 22 مسطرة الأكثر تداولا بهدف تشجيع الاستثمار.”
“على الرغم من الظرفية الصعبة فإن الحكومة واصلت تشجيع تحفيز الاقتصاد عبر الرفع من ميزانية الاستثمار- في قانون مالية 2024 ليصل اليوم إلى 335 مليار درهم- بما سيخدُم المقاولات”.
كما أن “دعم السكن”، يتابع أخنوش، “سيساهم في دعم قطاع العقار، الذي عانى بشكل كبير منذ جائحة “كورونا” في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مطرد”، مع فجوة اتسعت بزيادة الطلب. وأضاف قائلا أن “مجهودات كبيرة تقوم بها الحكومة في مجال الاستثمار، إيوا على الأقل شهادة حق”.
“الباطرونا” يوضح: “نقد بنّاء لتقوية نسيج الاقتصاد”
توضيح الاتحاد العام لمقاولات المغرب لم يتأخر كثيراً، وجاء خلال افتتاح مجلس الإدارة (المنعقد الخميس 21 دجنبر)، حيث قام رئيسه، شكيب لعلج، بالتذكير بـ”الأولويات التي سادت خلال صياغة مقترحات وطلبات تعديل الباطرونا لقانون المالية 2024، وكذلك مراحل مساهمة الاتحاد في صياغة القانون المالي منذ فبراير 2023″.
وانتهز لعلج الفرصة للتذكير بأن “الباطرونا بصفته ممثلا للشركات المغربية، وصلة وصل تنقل توقعات وشواغل النسيج الاقتصادي، ولكنه أيضا كفاعل في النقاش العمومي، نظم منتصف دجنبر الجاري مؤتمرا صحافيا بسَط فيه تقديراته وآراءه حول قانون المالية لسنة 2024، وتقييم الموضوعات الاقتصادية التي سيبذل جهد مستمر بشأنها، من قِبل جميع الأطراف، لتحقيق الطموحات المشتركة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لبلدنا”، وفق تعبير البلاغ.
وأطر اتحاد المقاولات المغربية ما يصدره من توصيات في خانة “النقاش الديمقراطي”، معتبرا أنها “توصيات تسير في اتجاه بناء نسيج اقتصادي قوي من المرجَّح أن يساهم بنشاط في الزخم الإيجابي الذي تشهده بلادنا بفضل قيادة الملك محمد السادس، من خلال تعزيز وتثمين الاستثمار الخاص في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية وخلق فرص العمل”.
“سنبقى شريكأً موثوقاً للحكومة”
“لا تهدف هذه التوصيات، بأي حال من الأحوال، إلى تشويه سمعة أو ضرب مصداقية العمل الذي يصعب إنكاره، والذي تقوم به الحكومة لصالح الشركات المغربية والقطاع الخاص”، يوضح الاتحاد العام لمقاولات المغرب في بلاغه، الذي تتوفر عليه هسبريس، لافتا إلى أنه “من هذا المنطلق يعترف الاتحاد العام ويرحّب بالجهود المبذولة منذ تولي الحكومة السلطة لتنشيط وتحفيز القطاع الخاص في ظرفية اقتصادية وجيوسياسية ومناخية صعبة”، معبرا عن أمله في “مواصلة دعمه من خلال تدابير ملموسة وسريعة وفعالة لتحفيز دور الأعمال التجارية في الديناميات الاجتماعية والاقتصادية الإيجابية التي تمر بها المملكة”.
ولم يغفل رئيس “الباطرونا” في التعبير عن تجديده “التزام الاتحاد بالشراكة والحوار بين القطاعين العام والخاص (شراكة عام/ خاص) كوسيلة لتحقيق أهداف لصالح بلادنا وتقدُّمها”، مشيرا إلى أن الاتحاد سيكون دائما بالنسبة للسلطة التنفيذية “شريكاً صريحاً ومُخلصا وموثوقاً وبَـنّاء”.
المصدر: وكالات