صادق المجلس الحكومي، المنعقد الخميس، على ثلاثة مشاريع مراسيم، يهمّ أولها تحديد قواعد المحاسبة الخاصة باتحاد المُلّاك المشتركين في نظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية، فيما ينص الآخران على “تحديد اختصاصات وتنظيم قطاعَيْ “الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة”، اللذين تجمَعُهما حقيبة وزارية واحدة في الحكومة الحالية.
محاسبة الملكية المشتركة
المجلس تداول وصادق على مشروع المرسوم رقم 2.23.700 بتحديد القواعد المحاسبية الخاصة باتحاد الملاك المشتركين تطبيقا للقانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية.
مذكرة تقديم مشروع المرسوم، الذي تتوفر عليه جريدة هسبريس، تضع إطار هذا النص القانوني في “تفعيل أحكام المادة 24 من القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 106.12، التي تتناول حسابات اتحاد الملاك المشتركين”. هذه الأخيرة تتكون، حسب مشروع المرسوم، من الميزانية التقديرية، والتكاليف والعائدات برسم السنة المالية، وملاحق الميزانية التقديرية، والحساب الاحتياطي المخصص لتغطية المصاريف غير العادية أو الطارئة.
وتسعى الحكومة، ممثلة في وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، إلى “ضمان تدبير جيد لحسابات الملكية المشتركة للعقارات المَبنية وتعزيز الشفافية في مجال التدبير المالي والمحاسباتي للبنايات الخاضعة لهذا النوع من المِلكية”.
وقد تم إعداد هذا النص “بتنسيق وتشاور مع الأطراف المعنية، ولاسيما المهنيون الفاعلون في مجال تسيير وتدبير اتحادات الملاك المشتركين قبل القيام بإحالته من أجل إبداء الرأي على المجلس الوطني للمحاسبة كهيئة مختصّة في تحديد المعايير المحاسبية؛ وقد أصدر بتاريخ 14 يونيو 2023 رأيه رقم 25 باعتماد القواعد المحاسبية المذكورة”، توضح المذكرة.
أهم المقتضيات
تتلخص أهم مقتضيات مشروع هذا المرسوم، الذي جاء في مادتين مُذيَّلَتَـيْن باثني عشر ملحقا، في “سن قواعد محاسبية خاصة باتحاد الملاك المشتركين ومخطط محاسبي بالإضافة إلى جداول محاسبية”، واضعة لذلك “غاية توحيد كيفيات التدبير المحاسبي ووضع نظام حكامة مالي شفاف ومبسط لتيسير مهمة تدبير اتحادات الملاك المشتركين”.
الجداول المذكورة التي جاءت ملحقات لمشروع المرسوم تتعلق، وفق ما طالعته هسبريس، بـ”الحصيلة وحساب التسيير العام”، وبـ”الميزانيات والأشغال والعمليات غير الجارية والخارجة عن الميزانية التقديرية”. كما تحدد “تتبع الأشغال والعمليات المدرجة في المال الاحتياطي وتتبع الاقتراضات”، و”تتبُّع المُعدات الموضوعة رهن إشارة اتحاد الملاك المشتركين في القوائم التركيبية وحساب النتيجة (النظام المبسط)، فضلا عن “تتبع مساهمات الملاك المشتركين”.
بينما يهمّ الملحقان 10 و11 “عموم اتحادات الملاك المشتركين”، تضاف إليهما ملاحق أخرى بالنسبة لاتحادات الملاك المشتركين التي يتجاوز رقم أعمالها السنوي 200.000 درهم.
ونصت المادة الثانية من مشروع المرسوم على “دخوله حيز التنفيذ ابتداء من السنة المحاسبية الموالية لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية”، فيما أسنِدَت مهمة تنفيذه إلى وزيرة التعمير والإسكان ووزيرة الاقتصاد والمالية بعدما حمَل توقيعهما بالعطف.
اختصاصات قطاع الانتقال الطاقي
وقد حددت الحكومة، بعد التداول، في مشروع المرسوم رقم 2.23.922، “اختصاصات وتنظيم قطاع الانتقال الطاقي، أخذا بعين الاعتبار الملاحظات المثارة”.
ويجد المشروع، الذي حصلت هسبريس على نسخته، “إثر خلاصات وتوجيهات التقرير العام حول النموذج التنموي الجديد للمغرب، خاصة منها تلك التي حثت على ضرورة تخفيض تكلفة الطاقة عبر إصلاح القطاع واللجوء إلى الطاقات المتجددة والعمل على الرقي إلى مصاف البلدان الرائدة في مجال الطاقة التنافسية والخضراء”.
واستعادت المذكرة التقديمية لمشروع المرسوم ما “نص التقرير عليه من تحسين أداء الجهاز الإداري كرافعة أساسية لتحقيق هذه التحولات الهيكلية، وذلك عبر تبسيط وتخفيف إجراءات التدبير الداخلية والتركيز على المهام الأفقية وعلى النتائج، وكذا التشجيع على بروز المجالات الترابية كملتقى محوري للفعل العمومي”.
تجميع الاختصاصات
اقترح مشروع المرسوم، الذي حدد مهام كل مديرية، “تجميع الاختصاصات المتجانسة والمتكاملة وترتيبها حسب ما هو قبلي أو بعدي، سعياً لحوكمة تنزيل الإصلاحات الواردة في الاستراتيجية الطاقية والاستراتيجية المعدنية وتماشيا مع ما هو معمول به حاليا في مجال المعادن والهيدروكاربورات على المستوى الدولي”.
المشروع، حسب مواده التي طالعتها هسبريس، ينص على تجميع فئات مهن الجيولوجيا والبحث والاستكشاف والاستغلال في مديرية عامة، بالإضافة إلى تعزيز وتطوير مهن النقل والتخزين والتثمين، وتجميعها كذلك في مديرية عامة تضمن الانسجام والتكامل في ما بينها.
ويستهدف مشروع المرسوم “تعزيز قطاع الانتقال الطاقي بمديرية جديدة تعنى بالتخطيط الاستراتيجي والتوقعات والظرفية”، مفسرا ذلك بـ”ما يقبل عليه القطاع من أوراش جديدة تستلزم توضيح وتوحيد الرؤى وتحديد الأهداف والأولويات بناء على معطيات عالية الدقة والموثوقية”.
“وبالنظر إلى المخطط التشريعي الحالي للقطاع وللحاجيات المستقبلية من تأطير تشريعي وتنظيمي للعديد من المجالات الطاقية والمعدنية”، تضيف المذكرة شارحة كيفية “تعزيز الوظائف المتعلقة بإنتاج النصوص التشريعية والتنظيمية عبر تحويل مديرية المراقبة والوقاية من المخاطر إلى مديرية للشؤون القانونية والمراقبة والوقاية من المخاطر”.
ووفق الهيكلة الجديدة، تشتمل الإدارة المركزية للانتقال الطاقي، علاوة على الكتابة العامة والمفتشية العامة، على مديريتين عامتيْن تضم كل منها مديريتين وثلاث مديريات أفقية، هي: المديرية العامة لتنمية الإنتاج الطاقي والمعدني، التي تضم مديرية الجيولوجيا والمعادن والهيدروكربورات ومديرية الطاقات المستدامة والنجاعة الطاقية.
فيما تضم المديرية العامة للتثمين المعدني والطاقي “مديرية المحروقات والصناعات المعدنية، مديرية شبكات نقل وتخزين وتوزيع الطاقة”.
المديريات الأفقية حددها مشروع المرسوم في “مديرية الاستراتيجية والتوقعات والرصد ومديرية الشؤون القانونية والمراقبة والوقاية من المخاطر ومديرية الشؤون الإدارية ونظم المعلومات”.
وتم إحداث المديريتين العامَّتيْن “وفق المعايير المنصوص عليها في المرسوم رقم 2.09.264 الصادر في 20 ماي 2011، مع تجميع مديريتين في مديرية عامة لوجود تكامل عضوي ووظيفي بينها، علاوة على عدد الموظفين والامتداد الجغرافي والتمثيلية عبر التراب الوطني”.
قطاع التنمية المستدامة
أما مشروع المرسوم رقم 2.23.923 المصادق عليه فيحدد “اختصاصات وتنظيم قطاع التنمية المستدامة”، مندرجاً ضمن تنزيل خلاصات وتوصيات تقرير النموذج التنموي الجديد للمغرب، خاصة منها تلك التي حثت على ضرورة العمل على الرقي إلى مصاف البلدان الرائدة في مجال الإنتاج الخالي من انبعاثات الكربون المُتّسِم بالمسؤولية والاستدامة، من خلال الحرص على انسجام تدخلات مختلف الأطراف في تفعيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة”.
كما استند إعداد مشروع المرسوم على “مخرجات الاستشارات الوطنية والجهوية لتحيين الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي أوصت في العديد من محطاتها بتعزيز الإطار المؤسساتي المكلف بتنزيلها، بما فيها البنيات الإدارية المكلفة بالتنسيق والتقييم وتتبع مؤشرات الإنجاز”.
تعزيز التنسيق
وأكد مشروع المرسوم على تعزيز البنيات الإدارية المكلفة بالتنمية المستدامة عبر تعويض مديرية الرصد والدراسات والتخطيط بمديرية الاستراتيجية والتنمية المستدامة، التي تتمحور اختصاصاتها حول “التنسيق بين القطاعات والتنزيل الترابي لأهداف الاستراتيجية وتتبع مؤشرات إنجازها وتقييمها”.
وتم “التركيز على الاختصاصات الأصلية للقطاع، خاصة المتعلقة بمكافحة التلوث واقتصاد الموارد والمحافظة على التنوع البيولوجي والاقتصاد الخالي من الكربون، عبر إحداث مديرية لمكافحة التلوث والاقتصاد الدائري”، أنيطَت بها “مهام العمل على الحد من تلوث الماء والهواء والتلوث الناتج عن النفايات الخطرة وغير الخطرة، عبر تطوير سلاسل تثمينها ومنشآت معالجتها، وكذا الحد من التلوث البحري”.
وبناء على توجيهات النموذج التنموي الجديد المتعلقة بتطوير وتجويد الجهاز الإداري عبر استثمار كل الإمكانات التحويلية للتكنولوجيات الرقمية، وجعلها ركيزة أساسية ومحفزا لتسريع التنمية وتسهيل ولوج شرائح واسعة من المواطنين إلى المرافق والخدمات العمومية، وعلى أهداف خارطة الطريق الحكومية للانتقال الرقمي، ينص مشروع المرسوم على “تعزيز الاختصاصات والوظائف المتعلقة بالتحول الرقمي بالقطاع والرفع من مكانتها عبر إحداث مديرية للموارد ونظم المعلومات”.
وهكذا، فإن الإدارة المركزية للقطاع، علاوة على الكتابة العامة والمفتشية العامة، تضم ست مديريات، هي مديرية الاستراتيجية والتنمية المستدامة، مديرية مكافحة التلوث والاقتصاد الدائري، مديرية المناخ والتنوع البيولوجي، مديرية التقييم والمراقبة البيئيَيْن والشؤون القانونية، إضافة إلى مديرية التعاون والشراكة والتواصل، ومديرية الموارد ونظم المعلومات.
المصدر: وكالات