رغم توصياته سابقاً في التقرير السنوي لبنك المغرب برسم 2022، المرفوع للملك نهاية يوليوز الماضي، بـ”ملحاحية تسريع استكمال إصلاح نظام المقاصة -الذي أطلق سنة 2013- وظل إلى غاية اليوم رهيناً بوضع آلية استهداف السكان التي يجري إعداد صيغتها النهائية”، إلا أن ندوة والي البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، تضمنت إشارة واضحة إلى أبعاد أخرى قد يتخذها الموضوع استحضاراً لسياق “ما بعد زلزال الحوز وأسبقية عمليات الإعمار”.
وفي لقائه مع الصحافيين مساء الثلاثاء، في أعقاب انعقاد الاجتماع الفصلي الثالث لمجلس البنك، قال الجواهري، ردا على سؤال حول “إصلاح صندوق المقاصة”، الذي تم أخذه في الاعتبار في حساب توقعات البنك المركزي في يونيو 2023، إن “الزلزال قد يكون له تأثير على البرامج الحكومية والأوراش قيد التنفيذ”، ملمّحاً إلى “إمكانية تأجيل التنفيذ الفعلي لإصلاح صندوق المقاصة في الظروف الحالية التي أعقبت زلزال الحوز”.
والي البنك المركزي المغربي زاد موضحا: “ليست لديّ تفاصيل على مستوى الميزانية حول ما إذا كان هناك رفع لدعم الدولة عن صندوق المقاصة أم لا.. في احتساب توقعاتنا أخذنا بالاعتبار الإجمالي عند مستوى عجز الميزانية، وعلى مستوى الدين العمومي دون الحصول على التفاصيل. يجب أن ننظر الآن في البرمجة التي سيتم القيام بها ولصالح ماذا بالتحديد”، في إشارة إلى ما قد يُسفر عنه مشروع قانون مالية 2024، المرتقب كشف خطوطه العريضة في الأسابيع القليلة القادمة.
وأضاف الجواهري، خلال الموعد التواصلي عينه، أنه “مع كل ما جرى على الأرجح لبرنامج إصلاح المقاصة فإن مراجعته ستتمّ إلى حد ما (ضمن نطاق معين)”، لافتا إلى أنه “حتى صندوق النقد الدولي سيتعيّن عليه أن يفهَم هذا الأمر… لأنه في ظروف معيّنة (يقصد ظرفية الزلزال الطارئة) هناك أشياء يجب تأجيلها”.
وكان التقرير السنوي الأخير لبنك المغرب (2022) أثار الانتباه إلى “إشكالية الاستهداف التي لا تقتصر (في نظره) على المواد الأساسية فقط، بل تشمل أيضا المساعدات العمومية بشكل أوسع”.
وبينما كان الانتظار سيد الموقف في أفق وضع الشروط المسبقة اللازمة لتفعيل إصلاح صندوق المقاصة، كانت الحكومة برمجت غلافا إجماليا يبلغ 25,98 مليار درهم في إطار قانون المالية لسنة 2023، لمواصلة دعم أسعار غاز البوتان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين، مقابل “نفقات قياسية” للمقاصة قاربت 40 مليار درهم متم 2022، بعد لجوء الحكومة إلى ضخ اعتمادات مالية إضافية لمواجهة موجات ارتفاع الأسعار.
في سياق متصل، وفي نبرة مكاشفة، قال الجواهري إنه “لا يمكن، إلى حدود الراهن المتوفر، توقع تأثير مجمَل لزلزال الحوز الذي ضرب المغرب في ثامن شتنبر على الاقتصاد الوطني”، مردفا: “جرى تحيين الحسابات من يونيو إلى شتنبر 2023 بهذا الخصوص ما قد يسفر عن تغيّر في الأولويات .. والأكيد ستعلمونه بحلول اجتماع مجلس البنك المركزي دجنبر 2023”.
وتجنّب المسؤول ذاته “تقديم توقعات أو أرقام دقيقة” بخصوص تقييم الأثر الحقيقي للزلزال على الاقتصاد الوطني، مشددا بعد أسئلة كثيرة في الموضوع على أنه “يجب الانتظار على الأقل حتى نهاية السنة لإصدار توقعات بنك المغرب بخصوص الكارثة الطبيعية وتداعياتها”.
المصدر: وكالات