تواصل الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة استقبال الهيئات والجمعيات للاستماع إلى مقترحاتها بشأن تعديل المدونة، والتي يرتقب أن يتم الانتهاء من صياغة مسوّدتها الأولى بعد ثلاثة شهور، حيث حُدد أجل ستة أشهر للهيئة المكلفة بمراجعتها لإنهاء عملها.
من بين الجمعيات التي استقبلتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، مساء الجمعة في مقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية التي أثارت أمام اللجنة عددا من القضايا التي تهم الشأن التربوي؛ منها مسألة الولي في الزواج.
وطالبت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، في مذكرتها الاقتراحية، بإرجاع شرط الولاية في الزواج الذي كان قائما في مدونة الأحوال الشخصية، قبل إلغائه خلال تعديلها، وأصبحت “الولاية حقا للمرأة، تمارسه الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها”؛ وفق منطوق المادة 24 من مدونة الأسرة الحالية.
وعللت الجمعية المذكورة مطلبها بإرجاع شرط الولاية، بالحرص على إنشاء الأجيال، ولا سيما المتعلمين، على القيم الأسرية وعلى احترام حقوق الوالدين على الأبناء.
في هذا الإطار، قال رضا محرز، مفتش تربوي بجهة الدار البيضاء سطات، ممثل عن الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، إن الأبناء يترعرعون بين أحضان الأب والأم، “وبعد زواج الفتاة تتنكر لهذا الأب. لذلك، رأينا أن نرجع شرط الولاية طبقا لمرجعيات الفقه المالكي المعتمد كمذهب رسمي للدولة المغربية”.
وطالبت الجمعية ذاتها بأن يكون تطبيق ولاية المرأة الراشدة على نفسها استثناء، وأن يؤطّر بقيود وبمبررات تقدَّم إلى قاضي الأسرة المكلف بالزواج.
وحظي موضوع الولاية في الزواج، خلال مشاورات تعديل مدونة الأحوال الشخصية عام 2003، باهتمام كبير من طرف جمعيات المجتمع المدني والهيئات والقطاعات الحزبية؛ فقد أدلت 60 جمعية برأيها في الموضوع. وطالبت 33 جمعية بإلغاء الولاية في الزواج بالنسبة للراشدة، “لأنها قادرة على التمييز”؛ في حين طالبت 20 جمعية بالإبقاء على الولاية في الزواج.
وتوزعت آراء ومواقف الجمعيات المتبقية، حسب ما هو مدوّن في مجلد الأعمال التحضيرية لمدونة الأسرة، بين “جعل الولاية اختيارية بالنسبة للراشدة” (جمعيتان)، و”المرأة لها حق اختيار الولي بعد تفويضه (3 جمعيات)، و “الولاية عائق للمرأة في المهجر” (جمعية واحد)، و”تعديل صياغة نص الولاية بناء على آراء فقهية” (جمعية واحدة).
من جهة ثانية، أثارت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، في المذكرة الاقتراحية التي رفعتها إلى الهيئة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة، مسألة الحضانة، مطالبة بتمديد فترة زيارة المحضون، لا سيما بالنسبة للأب، لكي يتمكن من مواكبة ابنه/ابنته في الدراسة، وغير ذلك؛ معتبرة أن يوما واحدا غير كاف.
ودافعت الجمعية ذاتها عن التعدد في الزواج، حيث طالبت بتبسيط مساطره وأن يكون الاستثناء في الحالات الخاصة، مع تضييق هامش اللجوء إلى التطليق للشقاق الذي تلجأ إليه الزوجات اللواتي تزوج عليهن أزواجهن.
في هذا الإطار، قال رضا محرز: “هناك مسطرة تسلكها المرأة، وهي مسطرة طلب التطليق للشقاق.. ونرى أن توقف هذه المسطرة، وأن تكون مسطرة لاحقة للمسطرة الأولى بعد حصول الزواج وإثبات الضرر على الزوجة الأولى وحتى على الزوجة الثانية”.
وقال المتحدث ذاته إن المقترحات التي قدمتها الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية “متحتْ كلها من الرجعية الشرعية التي ضمنها الدستور، والمذهب المالكي الذي نجد فيه غُنية فقهية للمقاربة، سواء التشريعية أو القانونية”.
المصدر: وكالات