أفرج مجلس الأمن عن برنامج شهر أكتوبر الذي يتضمن خمس جلسات لقضية الصحراء المغربية، فيما تتوجه العيون إلى الإفراج عن مضامين تقرير المبعوث الأممي إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا.
رائحة مضامين هذا التقرير الذي سيقدم لمجلس الأمن قبل الخروج بالقرار النهائي خلال الجلسة الخامسة والأخيرة، التي ستحدد مصير بعثة حفظ السلام (المينورسو)، لا يبدو أنها “تريح” ممثل الجبهة بالأمم المتحدة، سيدي محمد عمار، الذي أكد أنه مهما كان قرار مجلس الأمن القادم، “الذي نأمل أن يكون مختلفا عن سابقيه”، فإن الجبهة المدعومة من الجزائر ستواصل مطالبها الانفصالية”.
وتبقى معالم تقرير مبعوث غوتيريش “غير واضحة” إلى حدود الساعة، لكن كشف المغرب “تنكر الجزائر لدورها المركزي في الصراع، وتهربها المتواصل عن طاولة المفاوضات”، يضع تساؤلات حول مدى قدرة تقرير دي ميستورا القادم على إجبار النظام الجزائري العودة إلى منطق التفاوض والحوار عوض “سياسة الهروب إلى الأمام”.
وكان المغرب واضحا بخصوص مقترحه لحل النزاع الذي طال أمده، من خلال التأكيد على أهمية المبادرة المغربية للحكم الذاتي المقدمة سنة 2007 كحل أوحد قابل للتفاوض بمشاركة جل أطراف الصراع المفتعل.
هذا الأمر جعل المغرب يكسب تأييدا عالميا يفوق مائة دولة، يتجدد باستمرار، وهو ما تجسد من خلال دعم عدة دول يوم أمس الإثنين الجهود المغربية خلال أشغال اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك.
مناسبة لإجبار الجزائر
هشام معتضد، خبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية، يرى أنه “من المرتقب أن ينصب تقرير ديميستورا على مسألة ضلوع الجزائر كطرف مباشر في النزاع المفتعل، وأن يحملها المسؤولية السياسية والتاريخية تجاه هذا الملف، مع دعوتها إلى العودة إلى طاولة المفاوضات”.
وأضاف معتضد لهسبريس أن “هذا التقرير سيكون أيضا مناسبة لتشديد اللهجة تجاه الجزائر وقيادتها، خاصة في ما يتعلق بمماطلة السلطات الجزائرية في انخراطها الجدي والمسؤول في مسلسل التسوية السياسي لهذا النزاع الإقليمي”.
“موقف المنتظم الدولي تجاه الجزائر كان حازما في السنوات الأخيرة، خاصة بعد وضوح خبايا السيناريوهات التي تحبكها القيادة الجزائرية لعرقلة جهود الأمم المتحدة للوصول إلى حل نهائي يفضي إلى إغلاق ملف الصحراء المغربية”، يورد المتحدث ذاته، وزاد: “من دون شك أن قرار مجلس الأمن القادم سيتبنى توجه المنتظم الدولي الداعم للطرح المغربي الذي تعتبره مختلف الهيئات والفاعلين الدوليين الأقرب إلى الواقع، والمنسجم مع الأوضاع فوق الميدان، والعادل تجاه هذه القضية الإقليمية”.
ولفت الخبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية إلى أن “مجلس الأمن مقتنع تماما بأن التوجه السياسي المغربي بخصوص هذا النزاع المفتعل هو الأقرب إلى التحقيق، باعتباره يجسد احتراما للتاريخ، وصيانة للمكتسبات الشرعية، وإنصافا لتطلعات ساكنة أقاليم المملكة الجنوبية”.
وشدد المتحدث سالف الذكر على أن “القرار القادم لمجلس الأمن لن ينتصر فقط للطرح المغربي، لكن سيكون أكثر جرأة في تحميل المسؤولية السياسية للقادة الجزائريين في تعطيل آليات العمل الأممي في مسلسل تسوية هذا النزاع، بحيث سيضغط مجددا على الجارة الشرقية للانخراط الكامل في تسوية هذا الملف الإقليمي”.
الجزائر طرف أساس.. البوليساريو طرف ثانوي
من جانبه أفاد محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، بأن “تقرير ديميستورا سيورد تفاصيل جولته التي شملت الجزائر، باعتبارها الطرف الرئيسي في النزاع، فيما تجاهلت مخيمات تندوف باعتبارها طرفا ثانويا”.
وأضاف سالم عبد الفتاح لهسبريس أن “القرارين السابقين لمجلس الأمن طالبا الجزائر بالعودة إلى طاولة المفاوضات، ما يثير دورها المقوض للجهود الأممية”.
“الأمم المتحدة باتت ترى النزاع بين طرفين، وهما المغرب والجزائر، ما يجعل الجبهة الانفصالية متجاوزة، وتجسد حرب الوكالة التي يشنها نظام قصر المرادية ضد المصالح المغربية”، يقول المتحدث ذاته.
واعتبر رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن “تقارير الأمين العام السابقة أشادت بجهود المملكة الرامية إلى الحفاظ على الاستقرار والأمن الإقليميين، فيما رصدت أدوار الجزائر في عرقلة المسار الأممي، ورفض منطق طاولة المفاوضات”.
وشدد المتحدث عينه على أن “تقرير الأمين العام الأممي المقبل سيرصد مختلف تطورات النزاع المفتعل، كما سيعرج على الانتصارات الدبلوماسية التي حققها المغرب، سواء من خلال كسب دعم جل دول العالم، أو تفكك معسكر دعم الطرح الانفصالي”.
وخلص سالم عبد الفتاح إلى أن “التقرير من المتوقع أن يرصد في هاته السنة الأخيرة الوضع الأمني المستقر في الأقاليم الجنوبية، مع موجة من التنمية في مختلف القطاعات، مقابل تدهور الوضع الأمني بمخيمات تندوف، وظهور أشكال الجريمة المنظمة، وملامح التنظيمات الإرهابية”.
المصدر: وكالات