دشنت الجزائر، أمس الأربعاء، بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، أول بنك لها في الخارج تحت مسمى “بنك الاتحاد الجزائري”، برأسمال قدره 50 مليون دولار، في خطوة قالت عنها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إنها “تكتسي طابعا جيو-استراتيجيا بالنسبة للدولة الجزائرية، على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، وتجسد تعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الرامية إلى تسهيل الاستثمار والمبادلات التجارية بين الجزائر وإفريقيا”.
وسيتم، وفق المصدر ذاته، تدشين ثاني بنك جزائري بالخارج، تحت اسم “البنك الجزائري السنغالي”، اليوم الخميس، بالعاصمة السنغالية داكار، تحت إشراف وزيري المالية والتجارة وترقية الصادرات الجزائريين.
وربط مراقبون هذه الخطوة بمحاولات النظام الجزائري إضعاف الحضور المغربي بالقارة الإفريقية، لا سيما على المستوى البنكي والاقتصادي؛ وهو ما ذهب إليه خالد حمص، الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، معتبرا أن التنافس مع المغرب في العديد من المجالات أهمها الاقتصادية هي سمة تطبع مجموعة من التحركات الجزائرية.
وأضاف حمص، ضمن تصريح لهسبريس، أن التنافس مع المغرب في مجال البنوك على الصعيد الإفريقي “رهان خاسر”، معتبرا أن لقطاع البنوك خصوصية مرتبطة بالحرفية اكتسب فيها المغرب تجربة على مدى عقود من الزمن عبر إصلاحات عديدة، ويحظى فيها بإشادة دولية.
وذكر المحلل الاقتصادي بتجارب مماثلة سابقة لدول إفريقية وعربية في المجال ذاته وباءت بالفشل؛ من بينها تجربة للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، مشددا على أن إمكانية النجاح في قطاع البنوك على المستوى الخارجي لا يمكن أن ينجح في ظل نظام بنكي ضعيف على المستوى الداخلي وإن رُصدت له ملايين الدولارات.
وأبرز أن البنوك الجزائرية لا تملك التنافسية، وتشتغل ضمن منظومة عمومية متجاوزة، مشيرا في هذا السياق إلى أن تدشين هذا النوع من المشاريع خارج الحدود الوطنية لا تكمن قوته في الطابع السياسي بل في الطابع الاقتصادي الصرف.
واتفق العباس الوردي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في اكتساب هذه الخطوة الجزائرية طابعا سياسيا صرفا، ومحاولة استنساخ التجربة المغربية في هذا المجال على المستويين المغاربي والإفريقي.
واعتبر الخبير في العلاقات الدولية، في حديثه إلى هسبريس، أن الوضعية جد مختلفة في هذا المجال بين المغرب والجزائر، مشيرا إلى أن الشركاء الاستراتيجيين للمملكة المغربية يعرفون الكثير عن المؤسسات الائتمانية البنكية المغربية أولا ثم الثقة في الدبلوماسية والتوجه المغربيين الكفيلين بتأمين الجانب المصرفي لدى هاته الدول.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن تدشين هذه البنوك الجزائرية خارج حدودها لا يهم المغرب في شيء، مذكرا بأن المملكة لم تقف يوما أمام المصالح الجزائرية على عكس ما يقوم به نظام الجارة الشرقية الذي خصص رئيسها نحو 90 في المائة من حديثه أمام المشاركين في الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة عن المغرب ودفاعه عن أطروحة جبهة “البوليساريو” الانفصالية.
المصدر: وكالات