الإثنين 15 أبريل 2024 – 03:00
“اتفاقيات تمنح التعاون الإستراتيجي بين المغرب وإسبانيا سرديةً ثقافيّة”؛ هكذا علّق باحثون متخصصون في الشؤون الدولية على تزامن شراكتين بين مؤسستين جامعيتين بالمغرب، هما جامعة محمد الخامس بالرباط والمدرسة الوطنية العليا للإدارة في المغرب، وكل من جامعة كومبلوتنسي الإسبانية بمدريد والمعهد الوطني للإدارة العمومية بإسبانيا، خصوصاً أنهما تأتيان في ظل “الزخم السياسي”.
ورغم أن الشراكات الجامعية قد تبدو “عادية” فإن الباحثين الذين تحدثوا لهسبريس اعتبروا أنها “لا تخرج عن السياق الاستثنائي في العلاقات بين مدريد والرباط منذ إعلان خارطة الطريق في أبريل 2022″، مبرزين أن “الشراكات متعددة الأبعاد تحتاج إلى تأهيل علمي ومعرفي وأكاديمي وثقافي يخدم تبادل الخبرات والزيارات والكفاءات، خصوصاً أن البلدين يتقاطعان في القيم والمصير المشترك”.
“تمهيد لسردية”
عبد الحميد البجوقي، أكاديمي ومختص في الشأن المغربي الإسباني، اعتبر اتفاقيتي الشراكة بمثابة “العمل التأسيسي لتعاون ثقافي وجامعي ظل يشكو من خصاص كبير”، مؤكداً أن “هذا التعاون بين مؤسستين جامعيتين بالمغرب ونظيرتيهما بالدولة الإيبيرية هو بمثابة الحجر الأساس لخلق سردية ثقافية تقوّي التعاون المغربي الإسباني وتخدم خارطة الطريق المعلنة في أبريل 2022”.
وأوضح البجوقي، في تصريح لهسبريس، أن “العلاقات السياسية والدبلوماسية والأمنية لا يمكن أن تؤتي أكلها وأن تصل إلى نتائج مستمرة في الزمن إن لم ترافقها سردية مبنية على التنسيق الثقافي القوي، على المستوى الجامعي والأكاديمي والبحث العلمي، وتنشيط العمل الثقافي بين الضفتين والتعريف بالثقافة المغربية لدى الإسبان، والتعريف بالثقافة الإسبانية لدى المغاربة”، مشيرا في هذا الصدد إلى “دور الترجمة والسينما والفن عموما”.
وعدّ المتحدث الإسبان “أقرب الشعوب الأوروبية إلينا”، رغم أنهم “يجهلون الكثير عن هذا الجار القريب: المملكة المغربية”، وزاد: “البلدان معاً تنتظرهما العديد من المحطات المفصلية والإستراتيجية، والتعاون الجيو-سياسي، لكن التنسيق بين الجامعات مازال ضعيفا ولا يرقى إلى مستوى برنامج. مازال هناك عجز، ويجب أن يعرف الإسبان المغرب بمنظار آخر، ورغم وجود مبادرات مهمة لكنها تفتقر إلى خارطة طريق خاصة على غرار السياسة والاقتصاد والأمن”.
“سبيل للنهضة”
عباس الوردي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “اتفاقيتي الشراكة تشكلان سبيلاً لنهضة ثقافية ينتظر أن تتعمق، بما أن الشق الثقافي يتعين أن يؤخذ بعين الاعتبار، والبداية يمكن أن تكون من خلال الشراكات بين الجامعات، خاصة الجامعات المغربيّة والإسبانية”، مسجلا “ضرورة تضمين ما هو اقتصادي وسياسي برامج جامعية تعاقدية تحدد من خلالها الأولويات”.
وأوضح الوردي، في تصريح لهسبريس، أن “هذه البرامج يمكن أن يتم على أساسها تنزيل تصورات نظرية وعلمية في تعاونات إستراتيجية أخرى، بما ينعكس على الرقي بالتوجه الثقافي والعلمي للجامعات وتعزيز الشراكة وتكريس منظومة التعاون بين المغرب والجارة الشمالية”، مؤكداً على “أهمية هذا الشّكل من التعاون، الذي يتعين المزيد من الاستثمار فيه بالمزيد من الانفتاح على مجالات علمية أخرى”.
وركز المتحدث عينه على الاهتمام بـ”التلاقح الذي يمكن أن يكون بين المؤسسات الجامعية، بما ينحو منحى المعرفة والبحث العلمي الذي على أساسه تتطور المجتمعات”، وزاد: “يمكن للبلدين بناء مجموعة من البراديغمات الكفيلة بخلق تصور للتفكير الإستراتيجي داخل مختبرات المعرفة وتبادل التجارب والدراسات والزيارات الميدانية”، خاتماً بأن “خلق بنى جامعية للفكر والمعرفة قادر على تجاوز الصعاب وكذلك المساهمة في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
المصدر: وكالات