هناك ما يشبه الإجماع داخل النسق التربوي المغربي على أن “مطالب الأساتذة تظل مقبولة ومشروعة”؛ غير أن “النقاش بخصوصها وطريقة توظيفه ما زالت تطرح نقاشا داخل القطاع التربوي بخصوص الزج بهذا الملف في متاهات سياسية تُساهم في تأجيج الوضع ولا تسمح بإيجاد أرضية للتوافق”، لاسيما بعدما أصبحت العديد من الخطابات “تتوسل” الملف التعليمي لتوجيه “الضربات” نحو جهات أخرى وبخلفيات أخرى.
وعلى الرغم من أن “التشويش الذي يحدثه التوظيف السياسي، سواء من طرف “الجهات الرسمية” أو “معارضيها”، يواصل إثارة “الغضب” في صفوف الشغيلة التعليمية ويخلق نوعا من الحيرة حول مآلات الحوار؛ فإنه لا يُفرغ الملف من معناه السياسي، بما أن عمليات الإصلاح تتم داخل أروقة العمل الحكومي”. ولكن هذا “السند السياسي لملف حساس مثل التعليم لا تعتبره فعاليات نقابية حاضرة في الحوار مع النقابات، فرصة لتصريف المُزايدات بشأنه”.
“توظيف سياسوي ونقابوي”
عبد الناصر نعناع، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قال إن “التوظيف السياسوي وأيضا النقابوي الذي لاحق ملف التعليم هو عنصر تشويش كبير؛ لكنه لن يؤدي إلى أي بلوكاج اليوم، بعدما وصل الحوار إلى مراحل متقدمة مع اللجنة الثلاثية”، موضحا أن “الملف التعليمي هو ملف حساس ومجتمعي وليست هناك أية مصلحة في توظيفه سياسيا للمزايدة به على أطراف أخرى”.
وأوضح نعناع، في تصريحه لجريدة هسبريس، أن “الشعارات السياسية في هذا الملف لا مصداقية لها وتظل مرفوضة وغير مقبولة بالنسبة للنقابة الوطنية للتعليم؛ لأن الدفاع عن المدرسة العمومية وعن الأستاذ وحقوقه وكرامته هو دفاع عن مصلحة الوطن وعن المصلحة الفضلى للتلاميذ”، متوقعا أن “يعود الأساتذة إلى الأقسام لأنهم صاروا الآن يعرفون جيدا من يدافع عن مصالحهم وعن مستقبل التعليم ومن يدافع عن قضايا أخرى غير تعليمية”.
وأبرز الفاعل النقابي أن “الحوار مع اللجنة الثلاثية يتم في ظروف إيجابية، والتقدم في معالجة كافة الملفات مستمر، ومن المتوقع أن يتم الحسم في كل النقاط المتصلة بالنظام الأساسي لكي نستطيع إخراج نسخة جديدة تفك الاحتقان وتعيد الأساتذة إلى حجراتهم الدراسية”، مشيرا إلى أن “استقرار المنظومة يجب أن يكون هو الغاية؛ لأن الملف التعليمي هو مصير شعب بكامله.. وبالتالي نشدد على أن يتم إبعاده بشكل حاسم عن هذه التقاطبات السياسية”.
“حراك تعليمي مشروع”
تعد الاتهامات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، متوجهة إلى الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي FNE، بأنها تُلبس هذه المطالب برداءات سياسية لممارسة البلوكاج؛ وهو ما كان ضروريا أن يمنح لهذه النقابة الحق في التعبير عن خلفياتها ومدى “حضور العلاقات التي تجمع مناضيلها بحزب النهج الديمقراطي وأحزاب يسارية أخرى”، بخصوص التمسك بالتصعيد ضد وزارة التربية الوطنية طيلة الفترات السابقة.
عبد الإله الجابري، عضو اللجنة الإدارية للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، قال إن “مطالب الفئة التعليمية هي مطالب تسعى إلى تحسين وضعية الأساتذة بالأساس وليست سياسية حتى لو كانت كذلك في جزء منها”، مؤكدا أن “الاتهامات التي توجه إلى الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي بأنها تمارس السياسة هي مجرد ادعاءات لم يثبت الواقع مصداقيتها؛ بل هي أسطوانة مشروخة تبرز الفشل في تدبير الملف”.
وأوضح الجابري أن “هناك نقابات تعليمية مخفية في جلباب الأحزاب؛ لكن الجامعة مستقلة عن كل ما هو حزبي، وحتى لو كان الأعضاء لهم انتماءات سياسية، فالقانون الداخلي للنقابة واضح والهياكل معروفة”، موضحا أن “كوننا جزءا من الحراك التعليمي هو إيمان بعدالة هذا الملف وبمشروعية المطالب خارج أي لون سياسي”، وزاد: حين يصعبُ حل الإشكالات يتم اتهام أطراف أخرى بممارسة السياسة.
وأكد المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “النقابة الوطنية للتعليم، التوجه الديمقراطي، هي إطار جماهيري مستقل عن الإدارة وعن الوزارة والأحزاب السياسية”، مشيرا إلى أن “المطالب هي حقوقية ومادية صرفة وليست بحاجة إلى أي توظيف سياسي، بل هو مجرد حراك تعليمي. وهذا الحراك لا يمنح أية شرعية للقول بأن هناك حزبا سياسيا أو تنظيما معينا يتحكم في الخلف في هذا الحراك، وأي إصرار على هذا القول هو مجرد هروب إلى الأمام”.
والجدير بالذكر أن الجامعة الوطنية للتعليم، التوجه الديمقراطي FNE، قد علقت كل احتجاجاتها اليوم عقب اجتماع عقدته مع اللجنة الوزارية، والذي أفضى إلى التحاق النقابة التي هي عضو في التنسيق الوطني لقطاع التعليم بالحوار القطاعي بين اللجنة الوزارية المكلفة بمعالجة الإشكاليات المرتبطة بالنظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية إلى جانب النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية؛ ما يبرز أن الملف التعليمي في اتجاهه إلى أن يحل.
المصدر: وكالات