يبدو أن موضوع التعديل الحكومي قريب من التطبيق على أرض الواقع، بعد أن تحققت مجموعة من الشروط التي ربما كانت الحكومة تربط بتحققها قيامها بهذه الخطوة، تزامنا مع وصولها إلى منتصف ولايتها التي كشفت عن حصيلتها قبل أيام، والتي جرى فيها تصنيف وزراء غير ما مرة ضمن خانة “المغادرين”.
وزكت التصريحات الأخيرة لعدد من المسؤولين الحكوميين إمكانية المرور نحو إعادة هيكلة بنية الحكومة بشريا خلال القادم من الأوقات، في ظل صدور تقارير حديثا عن مؤسسات دستورية ترصُد مكامن “الخلل” في عدد من القطاعات الحكومية التي ربما لم ينجح المتحكمون في زمام الأمور داخلها في تحقيق نتائج تتماشى مع طموحات الحكومة التي ضمّنتها سابقا ضمن برنامجها الذي نالت به ثقة البرلمان في بادئ الأمر.
وبذلك يبرز اللجوء نحو التعديل الحكومي كخيار وشيك بإمكانه إعادة ترتيب أوراق البيت الداخلي للحكومة عبر تغيير وزراء بآخرين، سواء متحزبين أو تكنوقراط، أو حتى اللجوء إلى إعادة كتّاب الدولة إلى الواجهة بعد أن لم يتم اللجوء إلى تعيينهم خلال تشكيل الحكومة في أكتوبر 2021، تزامنا مع انتهاء حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال من ترتيب بيتيهما الداخليين بعد مؤتمريهما الوطنيين.
وحسب مراقبين، يتضح أن اللجوء إلى إعادة إحياء أدوار كتّاب الدولة بعدد من القطاعات الوزارية كفيل بمعالجة الضعف المسجل ببعض الوزارات عبر مساندة الوزراء في تدبير شؤون قطاعاتهم وتخفيف الضغط عليهم، بالموازاة مع طرح إمكانية تقليص الحقائب الوزارية وضم وزارات إلى أخرى.
وأوضح الباحثون في الشأن السياسي الوطني الذين تحدثوا لهسبريس أن التعديل الحكومي المرتقب يظل مفتوحا على مختلف السيناريوهات والتوقعات، مع إمكانية اللجوء نحو استقطاب كفاءات جديدة تكنوقراطية يمكنها أن تعزز أداء الحكومة خلال ما تبقى من عمر ولايتها.
حفيظ الزهري، باحث في العلوم السياسية، قال إن “التعديل بات واقعا مطروحا ومن الممكن أن نشاهده خلال الأسابيع المقبلة بعد اكتمال مجموعة من الشروط والعوامل الموضوعية، حيث من المرتقب أن يتم تغيير بعض الوزراء وإعادة هيكلة بعض القطاعات الوزارية كذلك”.
وأضاف الزهري، في تصريح لهسبريس، أن “ما هو محسوم بدرجة كبرى هو أن التحالف الحكومي سيبقى كما هو ولن يتم اللجوء إلى تعويض حزب بآخر، في وقت تؤكد فيه التصريحات الأخيرة لعدد من الفاعلين الحكوميين وجود إرادة سياسية لإحداث تغيير جوهري في البنية البشرية للحكومة”، لافتا إلى أن “هذه التصريحات تؤشر كذلك على وجود مشاورات متقدمة، ربما على أعلى مستوى، تهم هذا التعديل الذي يمكن أن يتم في أقرب الآجال”.
وأوضح المتحدث أن “التعديل الحكومي ليس بالجديد على الحكومة، بل ظل عرفا سياسيا من زمن حكومة اليوسفي، وسارت عليه الحكومات التالية؛ بينما يظل التعديل المرتقب مفتوحا على جميع الاختيارات والسيناريوهات، حيث يمكن أن نشهد عودة بعض الوجوه المألوفة، في حين يمكن أن نمر إلى وجوه جديدة في التسيير”، موردا أن “العائق السياسي الذي ارتبط بضرورة انتظار مؤتمريْ كل من الأصالة والمعاصرة والاستقلال، تم تجاوزه”.
وجوابا على سؤال لهسبريس حول إمكانية لجوء الحكومة إلى تعيين كتّاب الدولة الذين لم يتم تعيينهم في سنة 2021، رجح الباحث في العلوم السياسية هذه الفرضية، موردا: “يمكنها ذلك إذا كانت تريد تخفيف الضغط على بعض الوزراء والقطاعات الوزارية، مع إمكانية تعزيز ذلك باللجوء إلى كفاءات تكنوقراطية وإدارية أكثر منها سياسية”.
عباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، أفاد بأن “التعديل الحكومي في منتصف الولاية يبقى عرفا يمكّن مؤسسة الحكومة من تطعيم نفسها بالبروفايلات التي بإمكانها مسايرة إيقاع تنزيل البرنامج الحكومي خلال ما تبقى من الولاية”.
وقال الوردي لهسبريس: “الإشارات الموجودة حاليا تفيد بإمكانية تقدم الحكومة نحو هذا الاجراء في ظل كون الطريق نحو ذلك يظل معبدا تزامنا مع اكتمال البينات الداخلية للأحزاب، خصوصا الاستقلال والأصالة والمعاصرة اللذين عقدا مؤتمريهما الوطنيين في الفترة السالفة”، مشيرا إلى أن “مرونة العلاقة بين الثالوث الحكومي تعيق تغيير حزب بآخر”.
الأستاذ الجامعي أورد كذلك أن “البنية الحكومية المرتقبة يمكن أن تشهد تقليص الحقائب الوزارية وتجميعها بما يساهم في ترشيد النفقات وتنظيم عمل الموارد البشرية المتوفرة، فضلا عن إمكانية إعادة تحديد رؤية عدد من القطاعات الوزارية المتقاربة فيما بينها”.
وزاد الوردي: “يُرتقب أن يتأطر خيار تغيير وزراء بآخرين وفقا للتقارير الصادرة في الوقت الراهن التي تهم عمل الحكومة وعددا من القطاعات الوزارية، بما فيها تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمندوبية السامية للتخطيط، فضلا عن تقارير وإحالات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”.
وتابع بأن “إمكانية التوجه نحو تعيين كتاب الدولة ستكون خطوة مهمة تمكن من تطعيم البنية الحكومية وتجهيزها لكي تكون قادرة على مواكبة تنزيل الأوراش لما تبقى من العمر الحكومي”، خاتما بأن “الوقت حان من أجل تطعيم الحياة السياسية والحكومة كذلك بالكفاءات التي ستكون لها إضافة فيما يتعلق بتنزيل الأوراش التنموية”.
The post "التعديل الحكومي" المنتظر بالمغرب .. عرف سياسي وسيناريوهات مفتوحة appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.
المصدر: وكالات