نبّه محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى أنه لاستعادة الوضع الطبيعي لسلاسل الإنتاج بالقطاع الفلاحي يحتاج المغرب إلى سنة ماطرة عادية، في إشارة إلى العجز الملحوظ والموصوف بـ”المقلق” في التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة.
ورأى مهندسون زراعيون وخبراء في تصريحات الوزير الوصي على قطاع الفلاحة بالمغرب إشارات واضحة إلى بلوغ الوضع المائي بالمغرب مراحل “حرجة”، لاسيما الجزء المتعلّق بالري الفلاحي وانعكاسات ضعفه على تموين الأسواق المغربية بالمنتجات الفلاحية، فضلا عن ضرورة تسريع تقليل اعتماده (الري) على مياه الأمطار في ظل استمرار تأخر التساقطات خلال الموسم الحالي، على غرار المواسم الماضية.
كمال أبركاني، أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، قال إن سنة ماطرة عادية بالمغرب بنفس حجم تساقطات ما قبل 10 سنوات من شأنها كسب الوقت للمغرب لتجهيز المشاريع الكبرى التي تروم التقليل من تأثير قلة التساقطات؛ وأهمها محطات تحلية المياه، والطرق السيارة للماء، وربط السدود والوديان، والتي تتطلب مددا تمتد من 3 إلى 5 سنوات”.
وأضاف أبركاني، ضمن تصريح لهسبريس، أن المغرب يشهد “عدم انتظام في التساقطات المطرية، سواء على صعيد توقيتها المتأخر كل سنة أو توزيعها الجغرافي، إذ إن هناك مناطق متأثرة بشكل أكبر من غيرها”.
وأشار الخبير الزراعي ذاته إلى أن الجفاف، الذي يعرفه المغرب خلال السنوات الأخيرة، “أسهم في ارتفاع نسبة الملوحة في التربة”؛ وبالتالي، أبرز أبركاني، “فإن نسبة قليلة من التساقطات لن تخفض هذه النسبة وستضر بالمحصول؛ فيما بإمكان سنة ماطرة عادية الإسهام في انتعاش التربة بيولوجيا وملء السدود بشكل كامل”.
وسجل الأستاذ بكلية الناظور أن “سنة ماطرة عادية بإمكانها أيضا إنقاذ الزراعات والأشجار المثمرة والغطاء النباتي والحفاظ عليه، فضلا عن تشجيع الفلاحين على الزراعة”، مشيرا إلى أن برنامج الدعم الحكومي للفلاحة في غياب التساقطات “لن يكون ذا جدوى”.
من جانبه، اعتبر الخبير الزراعي محمد بنعطا أن المغرب “في حاجة إلى أكثر من سنة ماطرة عادية”، مشيرا في حديثه إلى هسبريس إلى أن “خزانات المياه السطحية والجوفية في حاجة ماسة إلى الملء بعد استنزافها كليا وجزئيا حسب المناطق”.
ونبّه بنعطا إلى أن الوضع المائي بالمغرب “يحتم ضرورة الحكامة في تدبير الموارد المائية وتحديد الكميات المسموح باستغلالها بشكل معقلن في جميع الأنشطة”.
من جانب آخر، تأسف الخبير الزراعي ذاته لما وصفه بـ”تغييب البحث الزراعي في السياسات الحكومية لإيجاد حلول ناجعة لإنتاج فلاحي في ظل ظروف الجفاف، وزراعة حبوب مقاومة للجفاف ومناسبة لظروف المغرب الجوية”.
وعن محطات تحلية المياه، قال محمد بنعطا إن “تكلفة المتر المكعب لا تزال، إلى حدود الساعة، غالية الثمن، إذ تصل إلى أزيد من 16 درهم للمتر المكعب؛ وهو ما سينعكس سلبا على أثمنة المنتوج الفلاحي المعتمد على المياه المحلاة، وتحتاج (التكلفة) تدخلا من الدولة لدعمها”، منبها في السياق ذاته إلى “ضرورة الاعتماد في تشغيل هذه المحطات على الطاقة النظيفة من أجل عدم الإسهام في تفاقم التغيرات المناخية المسببة للجفاف”.
المصدر: وكالات