بعد أن دعت السلطات الفرنسية قبل نحو أسبوع إلى “وقف دعم المغرب في الصحراء”، عادت جبهة البوليساريو الانفصالية لتؤكد تراجع الاهتمام الأوروبي، الإسباني تحديدا، عن دعم موقفها في ما يتعلق بالنزاع المفتعل حول الصحراء.
جاء هذا التأكيد على لسان الأمين العام للجبهة، ابراهيم غالي، الذي سجل “وجود تقاعس داخل البرلمان الأوروبي خلال السنوات الأخيرة”، متهما المغرب، كالعادة، بـ”التأثير على مواقف برلمانيين أوروبيين”، وفقا لتعبيره، قبل أن يعود للحديث بتفصيل عن القرار الإسباني تجاه ملف الصحراء المغربية.
وأورد غالي، ضمن كلمته على هامش فعاليات “مهرجان سينمائي” بتندوف، أن “هنالك عجزا حتى من البرلمان الإسباني والأحزاب السياسية عن فهم أسباب تغير الموقف الذي دام لمدة 40 سنة ماضية”، مبرزا “تعويل الجبهة على المجتمع المدني الإسباني والحركات التضامنية التي تظل العلاقة معها وطيدة ونأمل أن يكون لها تأثير كامل حتى يعود رئيس الحكومة إلى صوابه”.
استنجاد جبهة البوليساريو بالمجتمع المدني والرأي العام الإسباني، قرأه متخصصون أنه “رفع للراية البيضاء من قبل الجبهة التي باتت فاقدة للبوصلة داخل الأوروبي الذي صار يدعم الرؤية المغربية من أجل إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء”، فضلا عن كونه من ناحية ثانية “تحريضا ضد السلطة السياسية الإسبانية ومحاولة لاستعادة تعاطف الرأي العام الإسباني الذي اكتشف حقيقة الجبهة”.
في تعليقه على الموضوع، قال محمد سالم عبد الفتاح، مهتم بقضية الصحراء والجوار المغاربي، إن “دعوة ابراهيم غالي إلى المجتمع المدني الإسباني تظل محاولة يائسة من أجل الحد من التراجع الكبير الذي باتت تعرفه الدعاية الانفصالية والتغير الكبير الذي يشهده الرأي العام الإسباني الذي بات يتجه نحو دعم وتأييد المقاربات الإسبانية البراغماتية مع المغرب وترجيح كفّة الرباط في علاقات مدريد مع دول جنوب المتوسط”.
وأضاف عبد الفتاح، في تصريح لهسبريس، أن “صانعي القرار الإسباني باتوا يحسمون موقفهم من النزاع المفتعل حول الصحراء وتفضيل المصالح الاستراتيجية الكبرى التي تجمعهم مع المغرب على الرغم من مختلف الضغوط الهائلة للتوقف عن دعم المملكة”، لافتا إلى أن “الرأي العام الإسباني أضحى يكتشف حقيقة الجبهة الانفصالية التي تبقى تنظيما رجعيا متخلفا متورطا في انتهاك حقوق الإنسان ورعاية تقويض الأمن والاستقرار بالمنطقة”.
واعتبر المتحدث أن “الرأي العام الإسباني أصبح متحررا من البروباغندا العازفة على الوتر الأيديولوجي الضيق إلى درجة أن اليسار بدوره بات متحررا من الطروحات الأيديولوجية المعادية للمملكة التي تعود إلى فترة الاستقطاب في مرحلة الحرب الباردة، في الوقت الذي ترعى فيه الجبهة الانفصالية عددا من الأنشطة غير القانونية، خصوصا منذ أزمة تهريب ابراهيم غالي إلى إسبانيا وبداية رفع دعاوى ضد قيادات البوليساريو وفقا لما أورده الإعلام الإسباني”.
من جهته، أفاد عبد الفتاح الفاتيحي، مختص في قضية الصحراء، بأن “الدول الأوروبية في عمقها دول مؤسسات تنظر في القرارات بناء على دراسات وبحوث وتدقيق، وليس بناء على عواطف وتجييش الرأي العام والتحريض ضد السلطة السياسية، وهو ما يبين أن البوليساريو اليوم كشفت عن فشلها وضياعها لدعم أوروبا التي باتت مقتنعة بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وبواقعية مخطط الحكم الذاتي”.
وأكد الفاتيحي، في تصريح لهسبريس، أن “المواقف الأوروبية مهمة في هذا الصدد لكونها تقيم مبادرة الحكم الذاتي وترى أنها متوافقة مع القانون الدولي والفعل الديمقراطي، وأنها حل أمثل للملف مقابل دفوع انفصالية ضعيفة وعاطفية تقوم على التجييش وادعاء المظلومية لحل قضية شائكة تستلزم وجود مؤسسات لأن المنطقة لا تسمح بوجود الخطأ”، لافتا إلى أن “البوليساريو لم يعد لديها إلا الرهان على قلة قليلة من المنتفعين من الملف والمتعاطفين والانفعاليين”.
وأوضح المختص في قضية الصحراء أنه “فيما يتعلق بالعلاقة بين مدريد والرباط، فإننا اليوم بتنا نتحدث عن ارتهان انتعاشة الاقتصاد الإسباني بنظيره المغربي، بينما عادت الأحزاب اليمينية المتطرفة التي كانت تدعم الانفصال إلى دعم الشراكة والتعاون مع المغرب”، خالصا إلى أنه “حتى الرأي العام الإسباني قد تغير وصحح نظره بخصوص ملف الصحراء لصالح الرؤية المغربية”.
المصدر: وكالات