بعد فشلها سياسيا وعسكريا في إنقاذ أطروحتها الانفصالية من “الغيبوبة السياسية” التي دخلت فيها باتت جبهة البوليساريو الانفصالية تُعول على الخطاب الديني المتطرف، وتجييش عواطف الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف على التراب الجزائري، من أجل إعادة إحياء مشروعها الانفصالي ودغدغة عواطف “الصحراويين” من خلال استغلال المناسبات الدينية، على غرار شهر رمضان، لتوجيه خطابها بما يخدم أجندتها السياسية، في أسلوب يتقاطع مع الأساليب التي تعتمدها التنظيمات والحركات الإرهابية لحشد الأتباع وكسب التأييد.
مناسبة هذا القول هي إعلان ما تسمى “الوزارة المنتدبة للشؤون الدينية” في “حكومة المخيمات” عن برنامج رمضاني يتضمن برامج تحسيسية وفعاليات ودروسا ومحاضرات وخطبا تُركز أساسا على “قيم الجهاد والدفاع عن النفس”، إضافة إلى حوارات مع “مقاتلي جيس التحرير الصحراوي”، في خطوة يرى فيها متتبعون تناقضا صارخا مع المنطلقات الفكرية التي تبنتها الجبهة الانفصالية في بدايات تأسيسها، وإعلانا عن الفشل السياسي لهذا الكيان الوهمي.
في هذا الإطار قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن “محاولة البوليساريو استغلال الخطاب الديني تأتي أولا في سياق تراجع مشروعها السياسي، وانحصار المد الانفصالي في مخيمات تندوف، إذ تحاول تعويض هذا التراجع بالترويج لخطاب ديني متطرف تتقاطع فيه مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية المنتشرة في المنطقة”.
ولفت عبد الفتاح، في تصريح لهسبريس، إلى أن “اللجوء إلى الخطاب الديني يناقض المنطلقات الإيديولوجية التي قام عليها الطرح الانفصالي منذ ظهوره منتصف سبعينيات القرن الماضي، إذ استهدفت البوليساريو المرجعية الدينية للمجتمع الصحراوي من خلال منع ممارسة الشعائر الدينية ورفض الترخيص لبناء المساجد؛ فضلا عن استهداف مختلف تجليات وتمظهرات الثقافة الحسانية”.
وخلص رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان إلى أن “استغلال الدين لتجييش مشاعر سكان المخيمات يُعبر عن التخبط الفكري والسياسي الذي يعاني منه المشروع الانفصالي، إذ انتقل من تبني الطرح اليساري الراديكالي المتطرف إلى الطرح اليميني ثم الديني، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على ضعف التأطير السياسي وفقدان هذا المشروع هويته وخلفيته الفكرية”.
تفاعلا مع الموضوع ذاته قال علي بيدا، رئيس الفرع الجهوي لـ”المركز الدولي للدفاع عن الحكم الذاتي بجهة العيون الساقية الحمراء”، إن “استخدام أسلوب التأجيج الديني لتدجين عقول الصحراويين فيه خطر كبير على المنطقة، إذ إن هذا الأسلوب يتم نهجه من طرف الظلاميين أصحاب الفكر الإرهابي، ولنا في تنظيمين مثل ‘داعش’ و’القاعدة’ خير دليل على ذلك”.
وأضاف بيدا، في تصريح لهسبريس، أن “المغرب ما فتئ ينبه العالم إلى خطورة تواجد مثل هذه الكيانات في منطقة الساحل والصحراء، التي تتبنى الخطاب الديني المتطرف في سبيل تحقيق مكاسب سياسية”، مشيرا إلى وجود “فرق كبير بين العمل السياسي وبين الشحن الديني، غير أن إقحام الدين واستغلاله لتحقيق مكاسب سياسية ينطوي على خطورة كبيرة، ليس فقط على ساكنة المخيمات وإنما على المنطقة ككل”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “لجوء جبهة البوليساريو إلى الخطاب الديني من خلال استغلال المناسبات الدينية كصلاة الجمعة وشهر رمضان الأبرك للترويج لأطروحتها هو دليل واضح على فشل وإفلاس هذا الكيان سياسيا”، مشددا على أن “هذه الأساليب هي في مجملها تلامس الجانب العاطفي ولا تعدو كونها مسكنات مؤقتة لأزمة حقيقية تعيشها مخيمات تندوف جنوبي الجزائر، التي تشهد الكثير من الممارسات المنافية لحقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا، على غرار الاحتجاز والسجن والتعتيم واستغلال الأطفال وغيرها”.
المصدر: وكالات