قالت لطيفة البوعبدلاوي، المديرة العامة للمركز الإسلامي لتنمية التجارة، ومقره الدار البيضاء في المغرب، إن “الاقتصاد الإبداعي بات محركا رئيسيا للنمو والصمود الاقتصاديين، وترسيخ الرخاء الاجتماعي والمساواة، بالإضافة إلى دوره في الحوار الثقافي، وتحقيق التنمية المستدامة”، مستندة في ذلك إلى بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) التي تشير إلى أن “الاقتصاد الإبداعي يساهم بما يتراوح بين 0.5 و7.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي”.
وأشارت البوعبدلاوي، في مداخلة تلاها بالنيابة اسماعيل تاقي، مدير قسم تسهيل التجارة بالمركز سالف الذكر، ضمن جلسة نقاش، مساء أمس الثلاثاء، على هامش “مهرجان منظمة التعاون الإسلامي الثقافي: أسبوع باكو الإبداعي 2025″، بأذربجان، إلى أن هذا النوع من الاقتصاد صار محوريا حتى على مستوى خلق فرص الشغل، مبرزة أنه “يوفر ما بين 0.5 و12.5 بالمائة من الوظائف في مختلف الدول”.
وفي الجلسة التي اهتمّت بالتداول في “دور الصناعات الإبداعية في رفع الاستثمار والتجارة في دول منظمة التعاون الإسلامي”، أكدت المديرة العامة ذاتها أنه “من خلال استثمار ما تزخر به مجتمعات دول منظمة التعاون الإسلامي من إبداع وابتكار، يمكن للصناعات الثقافية والإبداعية أن تلعب دورا جوهريّا في مواجهة التحديات التنموية، وتعزيز النمو الشامل، وإبراز الحضور الثقافي داخل المنظمة من خلال المهرجانات المتنوعة”.
وتابعت المسؤولة المغربية في مداخلة أطرت أرضية النقاش: “رغم ما تمتلكه دول المنظمة من ثراء ثقافي، لا تزال الصناعات الإبداعية في المنطقة غير متطورة بالشكل الكافي وتعاني من نقص التمويل”، لافتة في السياق ذاته إلى أن “الصناعات الثقافية والإبداعية وفرت وظائف لـ6 إلى 8 بالمائة من سكان دول المنظمة في عام 2021”.
كما وضّحت أن “دول الشرق الأوسط تدرك جليا إمكانات الاقتصاد الإبداعي”، مضيفة أنه “في المنطقة، يُسهم التلاقي بين الصناعات الرقمية والإبداعية، خاصة مع استخدام الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الويب 3، والواقع الافتراضي، في دفع عجلة الابتكار وتنويع الاقتصادات”، وزادت: “وفقا لتقرير صادر عن ‘حي دبي للتصميم’ و”مدينة دبي للإعلام’، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الإبداعي الرقمي العالمي بنسبة 11 بالمائة سنويا ليصل إلى نحو 27 تريليون درهم إماراتي بحلول سنة 2030”.
أما في إفريقيا، فقد سجلت البوعبدلاوي أن “صادرات الصناعات الإبداعية تجاوزت 14 مليار دولار عام 2022، وكان المغرب والسنغال وتونس والكاميرون والغابون من أبرز الدول المُصدّرة”، مشيرة إلى آسيا كذلك حيث “برز الاقتصاد الإبداعي كمحرّك أساسي للنمو الاقتصادي والصمود الاجتماعي والانفتاح الثقافي والتنمية المستدامة”، مشيرة إلى أن إندونيسيا أنشأت وكالة متخصصة للاقتصاد الإبداعي لتنسيق الجهود ضمن هذا المجال.
وأكدت المديرة عينها أن “الصناعات الإبداعية تعد قطاعا نابضا بالحياة شديد الديناميكية، يلعب دورا محوريا في تشكيل ملامح المشهدين الثقافي والاقتصادي في العديد من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي”، مبرزة أنه “لتعزيز الصناعات الإبداعية في دول المنظمة، من الضروري مواصلة تنظيم الفعاليات، إلى جانب إطلاق جوائز للشركات المبتكرة، وإنشاء منصات إلكترونية للتشبيك والمعارض الافتراضية بين الدول الأعضاء”.
وقالت المديرة العامة للمركز الإسلامي لتنمية التجارة إن مهرجان منظمة التعاون الإسلامي “يهدف إلى استكشاف السبل الكفيلة بالاستفادة من إمكانات الصناعات الإبداعية لتعزيز الاستثمار البيني داخل دول المنظمة، وتطوير التجارة في مجال الخدمات، إضافة إلى تبادل الخبرات بين المشاركين فيما يتعلق بالأفكار المبتكرة التي من شأنها الارتقاء بخدماتنا في هذا المجال المتخصص”.
وبينت أن “الصناعات الإبداعية تتألف من محتوى يمتد من المجالات التقليدية مثل الفنون البصرية والموسيقى والأدب، إلى مجالات أحدث كالإعلام الرقمي والألعاب والواقع الافتراضي”، موردة أن “هذه الصناعات تركز على الأفكار الإبداعية الجديدة، والابتكار، والقدرة على جذب الجمهور من خلال محتوى فريد وجذّاب في منظومة متعددة الأبعاد، أصبحت في عصرنا الحالي رقمية في شقّها الأكبر”.
ويُنظّم المهرجان سالف الذكر بالتعاون مع وزارة الثقافة في جمهورية أذربيجان، وتستمر فعالياته حتى 11 دجنبر 2025، ويجمع مسؤولين من البلد المستضيف، ووفودا من الدول الأعضاء في المنظمة، وممثلين عن منظمات دولية وهيئات دبلوماسية، وسفراء معتمدين في البلد الأوراسي، إضافة إلى محترفي الصناعات الإبداعية المعنية.
المصدر: وكالات