التضخم يضر في دول شمال إفريقيا، بالفئات الفقيرة والأشد احتياجاً، هذه هي خلاصة أحدث تقرير للبنك الدولي. فقد بلغ تضخم أسعار المواد الغذائية 10% في معظم اقتصادات دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط ذات الدخل المتوسط والمنخفض في عام 2022. وكان تضخم أسعار المواد الغذائية أعلى كثيراً من التضخم العام في أغلب اقتصادات المنطقة.
وحسب التقرير وعنوانه: “حين تتبدل المصائر: الآثار طويلة الأجل لارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، يمثل تضخم أسعار الغذاء قرابة النصف أو أكثر من التضخم العام في العديد من بلدان المنطقة، على الرغم من أن وزن الغذاء في مؤشر أسعار المستهلكين يشكل عادة نحو 25%.
وتشير البيانات الواردة في التقرير إلى أن الأسر الأفقر شهدت تضخماً في دجنبر 2022، يزيد بنحو نقطتين مئويتين عن معدل التضخم الذي شهدته الأسر الغنية في المتوسط، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويتوقع التقرير أن يؤدي تضخم أسعار المواد الغذائية، حتى وإن كان مؤقتاً، إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي مصحوباً بتأثير دائم. فحتى لو كانت الزيادات مؤقتة في أسعار المواد الغذائية، فمن الممكن أن تتسبب في أضرار طويلة الأمد لا رجعة فيها، على الأطفال بالأخص. وهناك شواهد متزايدة في الأدبيات على أن الصدمات السلبية يمكن أن تكون لها آثار متعددة الأجيال على نواتج التنمية في مجالات التعليم والصحة والدخل – من بين مجالات أخرى. وإلى جانب الآثار الصحية المباشرة، يمكن أن يؤدي عدم كفاية التغذية في مرحلتي الحمل والطفولة المبكرة إلى تعطيل مصائر الأطفال، مما يضعهم على مسارات لتحقيق رخاء محدود.
ويشكل انعدام الأمن الغذائي تحديات على منطقة كانت تعاني بالفعل من تدهور تغذية وصحة الأطفال قبل الصدمات الناجمة عن جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا.
وتشير التقديرات الناتجة عن ذلك، إلى أن واحداً من بين كل خمسة أشخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من المرجح أن يعاني من انعدام الأمن الغذائي في عام 2023.
وحسب المصدر نفسه، يعزى إلى التضخم 24% إلى 33% من انعدام الأمن الغذائي المتوقع في عام 2023، كما زاد عدد السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في المنطقة من جراء التضخم بمقدار 66% بين فترة ما قبل الجائحة وعام 2023.
وفي هذا السياق يشير التقرير الصادر عن خبراء البنك الدولي، إلى وجود قرابة 8 ملايين طفل في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
ويفرض انعدام الأمن الغذائي تحدياً هائلاً، فوفقاً للتقديرات الواردة في هذا التقرير، تقدر الاحتياجات المتوقعة لتمويل التنمية من أجل مواجهة انعدام الأمن الغذائي الشديد في المنطقة بمليارات الدولارات سنوياً.
وعلى الرغم من أن التصدي لانعدام الأمن الغذائي يتطلب موارد كبيرة، فإن التكاليف المتراكمة للتقاعس عن العمل عبر الأجيال العديدة المقبلة ستكون أعلى بكثير.
وبما أن التكاليف البشرية والاقتصادية لانعدام الأمن الغذائي من شأنها أن تتزايد مع مرور الوقت، فإن المنطق السليم حسب توصيات التقرير، يقتضي تنفيذ سياسات وقائية وتكيفية بدلاً من ترك عواقب انعدام الأمن الغذائي تتفاقم مع مرور الوقت.
وهناك بعض السياسات التي يمكن تطبيقها على الفور، مثل التحويلات النقدية والعينية، لاحتواء الظروف الحادة لانعدام الأمن الغذائي، في حين قد يستغرق تنفيذ سياسات أخرى وقتا أطول، والأهم هو أن التقرير خلص إلى حقيقة أن أنظمة البيانات في المنطقة غير مهيأة لمتابعة وتتبع الخطر المتزايد لانعدام الأمن الغذائي.
ووجه التقرير، نداء استنفار عاجل للسلطات في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، من أجل التركيز على أنواع السياسات التي يمكن أن تساعد في الحد من التكاليف الوخيمة طويلة الأمد على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي لتزايد انعدام الأمن الغذائي.
وخلص التقرير، إلى أن الوقت قد حان لتفادي مخاطر ارتفاع الأسعار، حتى وإن كانت أنظار واضعي السياسات منصرفة إلى التحديات الاقتصادية الكلية المباشرة المتمثلة في انخفاض معدلات النمو وارتفاع التضخم.
المصدر: وكالات