واجه البرلمان المغربي في محاولاته للوساطة في أزمة التعليم “عقبات كثيرة”، وفق ما أوضحته مصادر برلمانية لهسبريس، وهي الفكرة التي طرحت منذ نونبر من العام المنقضي. ولكن البرلمانيين داخل بعض فرق المعارضة تحديدا ظلوا يتحدثون عن ضرورة إتاحة الطريق وتهيئة السبل أمام “فكرة الوساطة المغرية”، مؤكدين ضرورة “فك الاحتقان من خلال ربط الجسر بين اللجنة الحكومية الثلاثية والتنسيقيات التعليمية”.
هذه الفكرة نوقشت مرارا على مستوى المؤسسة التشريعية، وصارت الحاجة إليها، وفق برلمانيين، أكثر “حيوية بعدما تباعدت الرؤى بشكل غير مسبوق بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والتنسيقيات الفئوية”، ولا سيما بعدما اتضح أن “الحوار مع النقابات الخمس الأكثر تمثيلية لا يلقى صدى إيجابيا لدى التنسيقيات”، غير أن ترجمة هذه الفكرة على أرض الواقع فشلت لأسباب كثيرة.
“فكرة رائجة”
عبد الله بوانو، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، قال إن “فكرة الوساطة بين وزارة التربية الوطنية أو اللجنة الحكومية الثلاثية وبين التنسيقيات التي تقود هذا الحراك التعليمي، مازالت قائمة، لكوننا أبدينا استعدادنا لكي نجلس مع التنسيقيات كفرق برلمانية لنجعلها تحس بأن هناك مؤسسة رسمية تستمع إليها وستوصل صوتها إلى السلطة التنفيذية”، موضحا أن “الجميع يتفهم الحرج الذي يواجه الحكومة بحكم انتفاء السند القانوني للجلوس مع التنسيقيات”.
وأضاف بوانو، في تصريح لهسبريس، أن “هذه لن تكون المرة الأولى التي يقوم بها البرلمان المغربي بدور الوساطة، بحيث بدا واضحا نجاح هذا الدور في ملفات سابقة على غرار احتجاجات المكفوفين ضد وزارة التضامن، الذين ولجوا مقر الوزارة، وفي ملف المتعاقدين أيضا”، مؤكدا أن “رؤساء الفرق وافقوا، مع أنه لم يكن هناك إجماع بخصوص هذا الطرح، ولكن نحتاج إلى تفعيل دور الوساطة لإنهاء هذا الاحتقان”.
وأشار المتحدث إلى أن “عقوبات وزارة التربية الوطنية التي نعتبرها غير قانونية وغير دستورية، سواء الاقتطاع من الأجور أو التوقيف عن العمل، تصعب هذا الدور في الوقت الحالي، مع أن أهميته مازالت راهنية ومطروحة بقوة”، لافتا إلى أنه يمكن تدارك الفرصة، لكون الحكومة استجابت لعدد من المطالب، بالتالي نستمع إلى وجهة نظرها بخصوص انتظارات التنسيقيات ونأخذ وعدا من الحكومة ونخلق جوا من الثقة ونعيد التلاميذ إلى الأقسام”.
“فكرة مستحيلة”
إدريس السنتيسي، رئيس الفريق النيابي للحركة الشعبية بمجلس النواب، قال إن “الفكرة طرحت وتمت مناقشتها، ولكن هناك صعوبة قانونية تجعلها مستحيلة في نظرنا، وهي غياب مرجع قانوني يخول للبرلمان أن يقوم بهذا الدور، اللهم إذا كانت مبادرات فردية لكل فريق”، موضحا أنه “في حال قمنا بالخروج بتصور نهائي كمؤسسة تشريعية، أغلبية ومعارضة، في هذا الملف مثلا، فيمكن أن يكون ذلك ملزما للحكومة”.
وأوضح الستنيسي أن “الفرق تشعر بأن الاقتراح الذي تم تقديمه للوساطة بدا مستحيلا ومحكوما بالفشل، لكوننا لا يمكن أن نتحول إلى سلطة تنفيذية”، مسجلا أن “فرق المعارضة يمكنها أن تقوم بذلك بشكل منفرد، وأيضا فرق الأغلبية، بما أن هذا الملف اجتماعي وسياسي يمكن للجميع أن يبدي رأيه فيه لكي نصل إلى توافق، ولكن ليست هناك نصوص قانونية تمنح للبرلمان رسميا حق أن يكون وسيطا، والحكومة عليها أن تنصت في الأصل مباشرة للغاضبين”.
وأورد المتحدث عينه أنه “لا يمكن للبرلمان أن يصلح ما أفسده الدهر، والملف صار معقدا وصعبا للغاية أن نخوض فيه”، مشيرا إلى أن “أحزابا بالبرلمان استقبلت بالفعل تنسيقيات وناقشت معها، ولكن الأمر بدا تفعيله صعبا ويصطدم بإشكال المشروعية”، وختم قائلا: “نحن دافعنا على وجهة نظر التنسيقيات وحقها في الإخبار بملفاتها المطلبية، ولكن يتعين اليوم أن نقدم تنازلات لكي يعود التلاميذ إلى الأقسام ونحافظ على السلم الاجتماعي”.
المصدر: وكالات