تقع مدينة المنصورية على الساحل الأطلسي بين بوزنيقة والمحمدية، ما يجعلها وجهة مفضلة لمحبّي السكن الهادئ وقضاء العطل، وتشهد ازدهارًا اقتصاديًا محليا خلال الصيف بفضل توافد المصطافين من مختلف المدن والجالية المغربية بالخارج، ما ينعش الحركة التجارية والسياحية؛ لكن مع حلول الشتاء تتراجع هذه الدينامية، فتدخل المدينة في حالة ركود وهدوء اقتصادي، متأثرة بانخفاض الإقبال السياحي والتجاري.
ويربط متتبعون للشأن المحلي انتعاش المنصورية بطبيعة الأنشطة الصيفية المرتبطة بالكراء الموسمي واليومي للشقق والسيارات، والإقبال الواسع على المطاعم والمقاهي والخدمات السياحية، خاصة في فترات التخييم، غير أن العاملين في هذه القطاعات الموسمية يواجهون ركودًا اقتصاديًا خلال الشتاء، ما يفرض عليهم تدبير أوضاعهم في انتظار موسم الصيف الموالي.
رواج اقتصادي موسمي
عبد العاطي غرباوي، فاعل جمعوي بمدينة المنصورية، قال إن “الرواج الاقتصادي خلال فصل الصيف وتراجع الأنشطة التجارية في الشتاء أمر طبيعي بالمدينة، نظراً لاعتمادها الكبير على السياحة الصيفية”، موضحاً أن “قرب المدينة من البحر وتوافد السياح المغاربة والأجانب يجعلها تزدهر خلال هذا الفصل، بينما يقل النشاط بشكل ملحوظ في باقي فصول السنة”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المنصورية ليست مدينة صناعية، وهو ما يجعلها غير قادرة على الحفاظ على رواج اقتصادي مستمر طوال السنة، إضافة إلى أن الكثافة السكانية المنخفضة تساهم أيضاً في محدودية الأنشطة الاقتصادية خارج فصل الصيف، حيث تقل فرص العمل ويضطر الكثيرون إلى البحث عن مصادر دخل بديلة”.
وأشار الفاعل الجمعوي إلى أن “رواج المدينة في الصيف يرتبط بالبحر وبالمهرجانات التراثية، مثل مهرجان التبوريدة، إذ تستقطب هذه الفعاليات عدداً كبيراً من الزوار”، لافتًا إلى أن “العاملين في الأنشطة الموسمية لديهم أعمال أخرى يعودون إليها بعد انتهاء الموسم الصيفي، مثل القطاع الفلاحي أو الخدماتي، فيما يلجأ البعض إلى الصيد البحري لضمان دخل خلال الفترات الأخرى من السنة”.
وأكد غرباوي أن “المنطقة تعتمد على الفلاحة بنسبة 70%، وهو ما يفسر لجوء شبابها إلى الأنشطة الفلاحية خارج أوقات الصيف، ومَن يملك حرفة أو دبلوماً يسعى إلى استغلاله في أنشطة خاصة خلال الفترات التي يقل فيها النشاط السياحي”، مضيفا أن “شباب المنطقة يُستعان بهم خلال الصيف في أعمال مثل استقبال السياح، وتنظيف الشواطئ، وحراسة السيارات…”.
وختم عبد العاطي غرباوي توضيحاته بالإشارة إلى أن “هناك تفاوتاً في الاستفادة من النشاط الاقتصادي بين المناطق القريبة من البحر، التي تزدهر بفعل المخيمات ورواج المطاعم الشعبية وتقديم بعض الخدمات للمصطافين، فيما تستفيد المناطق البعيدة بشكل أقل”.
رهان على المستقبل
محمد أمين الصالحي، فاعل جمعوي بالمنصورية، قال إن “سبب انتعاش المدينة صيفا وتراجع حركيتها خريفا وشتاءً يعود إلى كونها مدينة ساحلية تضم إقامات شاطئية لاستقبال الجالية المغربية المقيمة بالخارج بين شهرَي ماي وشتنبر، إضافة إلى أن شواطئها المعروفة تجذب الكثير من السياح القادمين من مختلف مناطق المملكة”.
وأوضح محمد أمين الصالحي أن “تلك الحركية الصيفية تخلق فرص عمل في الشاطئ بالنسبة لأبناء المنطقة، ككراء الكراسي والمظلات، وبيع المواد الغدائية… في حين تصبح فرص الشغل هاته غير متاحة في الفترة الشتوية، بحكم قلة النشاط السياحي المرتبط بالشواطئ والفترة الصيفية فقط”.
وأضاف الصالحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الحرفيين والعاملين بشواطئ المنصورية من أبنائها ينقسمون إلى قسمين، فالشباب العاطل عن العمل يراها مناسبة موسمية يغتنم فيها الفرصة للكسب، أما البقية فهم أناس غالبا من فئة المياومين الذين دأبوا على العمل الصيفي بالشاطئ منذ صغرهم، حيث اعتادو خلال الفترات الصيفية على إضافة مصدر ثانوي للدخل من خلال تلك الأنشطة الشاطئية”.
وأشار الفاعل الجمعوي ذاته إلى أن “مدبّري الشأن المحلي يقومون بدورهم عبر منح الرخص للحرفيين لمزاولة أنشطتهم الصيفية، في حين تفتقر مدينة المنصورية، على طول السنة، إلى البرامج والمشاريع وكذا التصورات التي تستهدف تشغيل تلك الفئات التي يعيش أغلبها العطالة، دون نكران بعض الاجتهادات التي قام بها المدبرون المحليون لخلق فرص شغل سنوية؛ لكن على العموم ينال العمل الشاطئي الصيفي حصة الأسد ويظل الفرصة الذهبية للكسب”.
وعن استشراف مستقبل المنصورية قال محمد أمين الصالحي: “أظن أن المدينة مقبلة على استحقاقات ضخمة أبرزها الملعب الكبير الذي سيستقبل مباريات كأس العالم 2030، ما سيجعل المنصورية محط أنظار للسياح وباقي المشاريع التنموية المهمة، وبالتالي سيتم خلق فرص مهمة للشغل، وهو ما يتطلب الأخذ بعين الاعتبار أحقية وأسبقية أبناء المنطقة الراغبين في العمل”.
المصدر: وكالات