ضمن خطة “الإصلاح البيداغوجي لمسلك الدكتوراه”، تستعد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لتنزيل الإصلاحات الجديدة التي ستعرفها شهادة الدكتوراه ابتداء من الموسم المقبل، منها وجوب التمكن من اللغات الأجنبية والنشر في مجلة علمية عالمية محكمة.
عبد اللطيف كداي، عضو لجنة البحث العلمي بجامعة محمد الخامس، قال في تصريح لهسبريس إن “مشروع إصلاح الدكتوراه الذي نتجه للعمل به قريبا، يعكس نوعا من الأصالة ومن الرغبة في النهوض بالبحث العلمي ببلدنا”، مسجلا أنه “في إطار هذا الإصلاح الجديد للدكتوراه، لاحظنا أن هناك مجموعة من الإجراءات الجديدة من شأنها أن تقطع مع كثير من الممارسات السابقة التي كانت تطبع بعض الأطروحات الجامعية”.
من بين هذه الإجراءات، بحسب كداي، الذي يشغل منصب عميد كلية علوم التربية بالرباط، كون “هذا الإصلاح ينفتح اليوم على تكوينات جديدة في مجال الدكتوراه”، موضحا أن “من ضمن هذه التكوينات، نجد تكوينا إجباريا في مجال الرقمنة واللغة الإنجليزية، بما أنه لم يعد مقبولا اليوم أن نصادف باحثا في الدكتوراه غير مدرك للتطورات التكنولوجية المتسارعة وللغة الأجنبية الأولى في العالم”.
المتحدث أفاد أيضا بأن هناك إصلاحا حديثا في مسألة نشر المقالات العلمية للباحثين في سلك الدكتوراه، مبرزا أنه “سيكون على الطالب أن ينشُر، على الأقل، مقالين علميين في موضوع الأطروحة، وبالضرورة في مجلات محكمة ومفهرسة، سوف تحددها دورية وزارية” مع التنبيه إلى أن “هذه مسألة جديدة أن تقوم وزارة التعليم العالي بتحديد المجلات التي سيتم النشر فيها، وهو ما يعكس نوعا من الصرامة ويمنح المصداقية والشفافية لشهادة الدكتوراه”.
الشروط الجديدة حددت كذلك، يقول كداي، “أن يشارك المترشح في مسلك الدكتوراه في تظاهرات علمية وأنشطة أكاديمية ذات طابع دولي على الأقل بمداخلتين”، مع الإشارة إلى “ضرورة أن تكون هناك حركية دولية للطلبة المغاربة الباحثين، أي أن يشاركوا في أنشطة مختلفة لجامعات دولية وأجنبية، لأجل الاحتكاك والتمرس على البحث العلمي، بالمعايير الدولية”.
وأضاف أن “هناك أيضا مسألة جديدة ومهمة، تتعلق بخلق أقطاب جامعية”، بمعنى أن “كل جامعة ستتوفر على قطب للدكتوراه، لينسق عمل المراكز التابعة له ويكون بمثابة مرجع”. وسجل كداي أنه “في السابق كان كل مركز للدكتوراه مستقلا أو شبه مستقل، ما فتح تباينا في أنماط الإشراف على أطاريح الدكتوراه”.
ومن بين النقط المهمة التي بيّنها عضو لجنة البحث العلمي بجامعة محمد الخامس بالرباط، ما يتعلق بـ”ضبط عملية التسجيل ومراحل التكوين في الدكتوراه، بحيث تم تحديد كل الوسائل والإجراءات الواجب اتباعها، سواء في التسجيل القبلي أو في الانتقاء الأولي، وضرورة اجتياز اختبار كتابي عند الاقتضاء، أو حتى خلال المقابلة مع لجنة الانتقاء”.
ونوه المتحدث بـ”تنظيم عملية التكوين بدورها، عبر إخضاع التكوين في مسلك الدكتوراه لما يسمى بالأنشطة القياسية، مثلما هو معمول به في النظام الأوروبي”، موضحا: “سيجب على الطالب استيفاء 180 رصيدا قياسيا، وسيكون للأطروحة 150 منها لوحدها، بينما ما تبقى من التقويم الإجمالي يتوزع على مجموعة من الموضوعات التقويمية الأساسية الإجبارية”.
في النهاية، “هي مسائل مهمة”، يقول الأستاذ الباحث، مبرزا أنه “لا يمكن لهذا الإصلاح إلا أن ينهض بمسلك الدكتوراه ويجعلها فضاء للتميز وللطلبة المتميزين، ويقدمها في شكل يضمن الشفافية وأصالة التكوين”، معتبرا أن “هذا المشروع هو بمثابة مسار يقطع مع الشكل الحالي والسابق لمسلك الدكتوراه، بما أنه اليوم لدينا جودة ولدينا رداءة أيضا”.
لكن المشروع المستقبلي لإصلاح خطة الدكتوراه، الذي من المزمع أن تحتضنه الجامعة المغربية ويبدأ العمل به ابتداء من الموسم الدراسي المقبل 2023-2024، يراهن، وفق كداي، على “جعل ما ينتجه الباحثون المغاربة علامة على القوة والجدة والجودة”.
المصدر: وكالات